إضاءة خافتة أمام منزل سكني صغير يخيم عليه الحزن.. أحبال ضوئية تضيء موقع الجالسين بالرداء الأسود.. الحضور غارقون في دموعهم لفراق شقيقتهم.. آثار بقعة دم على الرصيف أمام منزل المجني عليها هي كل ما تبقى شاهدًا على الجريمة.. المنطقة تحولت إلى مأتم.. والوجوه يكسوها الحزن والصدمة بعدما شاهدوا الجريمة مرددين "حسبي الله ونعم الوكيل ده لا يمكن إنسان".. هذه الكلمات جسدت الواقع
بشارع الشيخ إبراهيم الدسوقي، بمنطقة منشأة ناصر، بمحافظة القاهرة، بعدما تعدى زوج على زوجته بعدة طعنات في أنحاء الجسد لخلافات أسرية بينهما.
"خيرية"، 39 سنة، كرست حياتها لتربية ابنتها الوحيدة، وعملت عاملة نظافة بأحد المستشفيات، لشراء مستلزمات زواج نجلتها، الذي كان من المقرر له الشهر المقبل، بعدما يأست من زوجها "عبد الحميد"، 51 سنة، بسبب تعاطيه للمواد المخدرة، وترك منزل الزوجية بلا مأكل ولا ملبس، وبدلا من توفير احتياجات منزله، راح يطلب من زوجته أموالا حتى يتمكن من شراء المواد المخدرة، وأثناء معاتبة الزوجة على طلبه، تعدى عليها بالضرب، وحاولت "خيرية" الهروب من المنزل لتستغيث بالشارع، لكن الزوج كان أسرع منها وسحب "مطواة" من طيات ملابسه، وطعنها عدة طعنات في أنحاء جسدها أمام المارة.
تزوجت وهي في الـ 19 عاما، من شاب يكبرها بأعوام قليلة داخل شقة بمنزل مجاور لأسرتها في منشأة ناصر، ورُزقا بطفلين الأول 12 سنة، وفتاة 17 سنة، لكنها لم تعلم أن هذا الشاب سيكون مدمنا للمخدرات مستقبلا، أو تدرك أن نهايتها ستكون على يده.
"كان متعود يضربها وياخد منها فلوس عشان المخدرات".. بهذه الكلمات بدأ "صابر"، 33 عاما، شقيق المجني عليها، حديثه لـ"أهل مصر"، منهمرا في البكاء قبل أن يكمل بحزم "أختي ما شفتش يوم عدل من يوم ما اتجوزت عبد الحميد، وأنا غلطان ان مطلقتهاش منه".
طوال 20 عاما، حرصت "خيرية" على إخفاء حزنها عن شقيقها "صابر" الذي يصغرها ببضع سنوات، خوفا من التدخل في المشاحنات بينها وبين زوجها، وقبل عدة أشهر أثناء تواجده في منزلها شاهد أفعال زوجها الشنيعة ما أجبره على التدخل والمشاجرة معه ولقنه وقتها "علقة" ما دفع "عبد الحميد" لتحرير محضر بقسم شرطة منشأة وناصر وهناك وقّع شقيق الزوجة بعدم التعرض له مرة ثانية،بحسب ما جاء على لسان "صابر".ونفى شقيق المجني عليها ما تردد حول قتلها بسبب الشك في سلوك الزوجة، معللا أن ما أشيع حتى يتبرأ من جريمته "يوم الواقعة أنا كنت واقف في بلكونة البيت وشوفتهم وهما بيتخانقوا وسمعته وهو بيقولها موتك على إيدي يا خيرية".
وبالقرب من منزل الضحية، جلس الحاج "محمد"، أحد الجيران، ناظرا إلى المنزل محل الواقعة، وهو يتمتم: "كان مفتري وصاحب مزاج.. ودائم التعدي على زوجته بالضرب والسب، بجانب تعاطيه المخدرات.. كانت عاملة جمعية معايا، والفلوس اللي بتقبضها بتجهز بيها بنتها"، قالها الرجل العجوز قبل أن يشير إلى يوم الواقعة، "كانت الساعة 7 الصبح والخناقة حدثت بينهم بسبب إنه عايز منها 50 جنيه عشان يشتري مخدرات، وهو قال قدام النيابة إنه بيشك في سلوكها عشان يبرر جريمته، كانت ست محترمة وماحدش كان في أدبها".والتقط مصطفى عبد الرحمن، 23 سنة، أحد شهود العيان، وجار الضحية خيط الحديت قائلا: "عبد الحميد كان كثير الشجار مع المجني عليها بسبب الخلافات المادية.. المتهم كان سئ السمعة ويتعاطى المواد المخدرة، وأنه سمع صوت صراخ من شقة المجني عليها يوم ارتكاب الحادث، وكان يسبها بأبشع الألفاظ، وفي السادسة صباح يوم الواقعة، استيقظت المجني عليها وخرجت من المنزل كعادتها ذاهبة إلى عملها، بعد فشلها في التوصل إلى حل معه، وهرع المتهم خلفها في الشارع، قائلا: "هاتي الفلوس اللي معاكي"، وحدثت مشاجرة بينهما، وعلى إثرها طعنها عدة طعنات أمام المنزل، وأولادها والمارة يشاهدون الواقعة."خاينة وكان لازم تموت.. خلت سمعتي في الطين".. قالها المتهم "عبد الحميد"، 51 سنة، أمام نيابة منشأة ناصر برئاسة المستشار مصطفى سلطان، مدير النيابة، وهو يغالب دموعه قبل أن تأمر بحبسه، 4 أيام على ذمة التحقيقات التي تجرى معه، ووجهت له تهمة قتل زوجته "خيرية"، 39 سنة، بسبب شكه فى سلوكها وعلمه فى الآونة الأخيرة بأنها على علاقة غير شرعية بشخص آخر بمنشأة ناصر.وقال المتهم، إن مشادة كلامية نشبت بينهما في حضور أبنائهم بسبب شكة في سلوكها وعلمه في الآونة الأخيرة بأنها على علاقة غير شرعية بأحد الأشخاص، تطورت إلى مشاجرة تعدى خلالها المتهم على المجني عليها بسلاح أبيض "مطواة" كانت بحوزته محدثا إصابتها.البداية عندما وردت إشارة من مستشفى الشيخ زايد، إلى قسم شرطة منشأة ناصر، تفيد باستقبالها "خيرية. م"، 39 سنة، عاملة بمستشفى السعودي الألماني، ومصابة بجرح طعني نافذ بالصدر من الجهة اليسرى وآخر قطعي عميق بالوجه من الجهه اليسرى، وتوفيت متأثرة بإصابتها.بالانتقال والفحص، تبين حدوث مشادة كلامية بين المجني عليها وزوجها "عبد الحميد. ع"، 51 سنة، عامل كاوتش، والسابق اتهامه في قضيتين آخرهما 27922 لسنة 2006 جنايات مدينه نصر أول "مخدرات"، بسبب خلافات زوجية لشكه في سلوكها وعلمه في الآونة الأخيرة بأنها على علاقة غير شرعية بشخص تطورت إلى مشاجرة تعدى خلالها المتهم على المجني عليها بسلاح أبيض "مطواة" كانت بحوزته محدثا إصابتها والتي أودت بحياتها ولاذ بالفرار.بإعداد الأكمنة اللازمة بأماكن تردده، أسفر أحدها عن ضبطه، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، قائلا: "خاينة وكان لازم تموت.. خلت سمعتي في الطين"، وأضاف بتخلصه من السلاح الأبيض المستخدم في الواقعة بإلقائه بالطريق العام، فتحرر ملحقا للمحضر الأصلي، وتولت النيابة العامة التحقيق، والتي أمرت بقرارها المتقدم.