أطباء نفسيون يحللون الشخصية المصرية ويكشفون أسباب الانتحار

"الشعب المصري متدين بطبعه"، هي عبارة ظل يرددها الكثيرون رغم كل محاولات هدم القيم في المجتمع، حيث بدأت تظهر حالات جديدة متكررة تحولت إلى ما يشبه ظاهرة وهي إقدام الناس على قتل أنفسهم، رغم ارتباط كلمة "الانتحار" في قاموس المصريين والعرب بالكفر، ولكن الفترة الأخيرة شهدت تحولًا جذريًا في طبيعة المصريين ومعاناتهم من مشكلات اجتماعية واقتصادية، ولكن مهما بلغت الظروف وتعددت الأسباب يبقى السؤال "كيف ومتى تحول الانتحار بكل ما للكلمة من جلال إلى فعل اعتيادي مقبول؟".

أكدت أسماء مصطفى أخصائية نفسية، أن الانتحار ربما هو ظاهرة تم تصديرها من الغرب، لأن وصول أي شخص إلى هذه الحالة التي تدفعه لارتكاب جريمة الانتحار في حق نفسه هو إحساسه بأن الموت يخفض له جناح الرحمة أكثر من الحياة، وخاصة أن الشخص يكون خارج نطاق السيطرة على عقله ومشاعره وأفكاره عند إقباله على هذه الخطوة، فتتحول أسباب الانتحار سواء كانت اقتصادية أو حياتية في النهاية لما يشبه المرض النفسي.

وأضافت مصطفى، أن أساليب الانتحار المتبعة تختلف طبقًا للدراسات النفسية باختلاف الجنس والعمر، فتميل النساء عادة إلى تناول كميات كبيرة من الأدوية أو قطع الشرايين، بينما يميل الرجال إلى الانتحار شنقًا أو إلقاء أنفسهم من مرتفعات ولكل قاعده شواذ، وعلى كل الأحوال يبقى ضعف الجانب الإيماني عامل لا يمكن إغفاله من جهة، ثم العلاقات الاجتماعية التي عادة ما تكون شبه مدمرة في معظم حالات الانتحار من جهة أخرى.

وأشارت الأخصائية النفسية، أن المجتمع وبالتحديد الشباب أصيبوا في السنوات الأخيرة بحاله من العقم في الاتصال الاجتماعي، وذلك مع انتشار وسائل التواصل التكنولوجي، حتى فقدوا القدرة على التواصل وظلوا دائمًا يبحثون عن الحالة الافتراضية المثالية، لكنهم كانوا يصطدمون بسقف الأحلام المرتفع جدًا فيما يخص رغبتهم بتغير الواقع الاقتصادي والاجتماعي، حتى فقدوا قيمة الحياة والرغبة وانتشر الإحباط كالسرطان في خلايا نفوس الكثيرين، ومشكلته أنه مرض معدي ينتقل بسرعة.

وتابعت أن هناك خلل في التوازن النفسي للجيل بأكمله، وعلاج هذه الحالة ليس بيد الأطباء، فهناك منظومة قيم تحتاج إلى إعادة غرسها وبناءها من جديد كما أن الشباب بحاجة لفهم ثقافة التعايش مع الضغوط وايجاد المخرج من كل كهف مظلم إلى طريق النور وليس الموت.

من جانبها قالت الدكتورة عزة عبد اللطيف، طبيبة الأمراض النفسية، إن الانتحار يرتبط بالجانب النفسي والاجتماعي، فهناك حالات مرضية قد تصل لحد الاكتئاب وهي درجات حتى يقرر الشخص في آخرها القدوم على فعل الانتحار، ويرجع السبب إلى عدم وجود اهتمام من قبل المحيطين به فضلًا عن فقدان الأمل تمامًا وتسلل اليأس إلى نفسه، وقد تكون حالة من الإنفصام في الشخصية.

وأشارت طبيبة الأمراض النفسية، أن الانتحار ربما يكون محاولة للانتقام من الظروف أو من الأشخاص المقربين أو حتى من نفسه وشعوره بحاله مستمرة من عدم الرضا أو تقبل النفس، وفي هذه الحالة يتكون لديه شعور داخلي بفقدان الأمان وعدم القدرة على مواجهة الحياه وأن ربما ما ينتظره في الحياة الأخرى أفضل فهو استمرار في الهروب من مواجهه الواقع، كما أن الوصول إلى قرار الانتحار مرحلة والتنفيذ مرحلة تالية وليست سهلة، لذلك لابد من التفرقة بين حالات الانتحار من الناحية العمرية وإن كانت من فئة الأطفال أو الشباب أو الكبار، فالشاب أو الشخص الناضج الانتحار بالنسبة له قرار مهما كانت حالته النفسية أوالعقلية في هذه اللحظة فهو يتحمل مسئوليته بالكامل، أما الطفل أو غير الراشد الملام الأول في تصرفه هو الأسرة ومن ثم طبيعة نشأته والمجتمع من حوله.

من جهته أشار الدكتور محمد سامي طبيب نفسي، إلى أنه دائمًا ما ترتبط ظاهرة الانتحار بالإحباط والاكتئاب وعدم قدرة الشخص المنتحر على اجتياز بعض العوائق، كما أنها بدأت تتحول من مجرد حالة فردية إلى ظاهرة خطيرة.

وأضاف سامي، أن وقع الخبر على الناس يختلف، فمنهم من يسأل هل مات كافر أم لا، والبعض يسخر من المنتحر ويخمن أسباب انتحاره، ومنهم من يتأثر سواء بالتعاطف مع المنتحر أو يغضب من المجتمع الظالم اللذي دفع الضحية لقتل نفسها وأخرين منهم يدعو ربهم أن يثبتهم على الصراط المستقيم، ومنهم من يسمع ولا يهتم لأن الموضوع لا يخصه على الاطلاق، وأرجع السبب إلى كثرة ضغوط الحياة وبعد الإنسان عن أصول وفقه دينه أهم الأسباب التي تدفع أي شخص للتفكير في إنهاء حياته بأي شكل.

وأوضح أن الأساليب المتبعة في عمليات الانتحار تعددت ما بين قطع الشرايين، وإلقاء شخص بنفسه في نهر النيل، وتناول جرعات كبيرة من الأدوية، أو بالشنق، ثم الوسيلة التي أصبحت أكثر رواجًا وهي الانتحار أمام عربات مترو الأنفاق أو بالسكك الحديدية، وأشهر هذه الحالات "فرج رزق" الذى شنق نفسه على إحدى لوحات الإعلانات بطريق مصر الإسماعيلية، ثم خبر انتحار الناشطة الحقوقية "زينب مهدى" في منزلها بالطريقة نفسها، وتوالت حالات الانتحار، ومنها طلاب ثانوية عامة وكانت آخرها انتحار أحد الشباب تحت عجلات مترو الأنفاق.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً