لم يتوقع "أحمد عيد" البالغ من العمر 41 عامًا أن الخلافات الأسرية بينه وبين زوجته ستنتهي بهذه المأساة، بعدما ألح عليها كثيرًا بالعودة إلى منزلها إلا أنها كانت ترفض مرارًا، وحينها تركت له المنزل لترفع دعوى خلع ضده، وبعد مرور 8 أشهر من تركها المنزل، حاولت أن تحصل على أبنائها بالطرق الودية للإقامة معها لكن والدهم رفض، وقال لها: "خلي المحكمة تنفعك أنا اقتلهم أحسن قبل ما تشوفي ظفر واحد منهم"، بحسب ماجاء على لسان الزوجة خلال التحقيقات معها، وفي تمام الساعة العاشرة من صباح أول أمس الخميس، استيقظ الأب بصحبة أولاده الثلاثة ليتوجه إلى أحد الأماكن القريبة من منزل والدتهم كي تراهم بعد أن ألحت "ملك" 13 عامًا وهي الفتاة الأكبر :"هنتصالح امتى مع ماما يابابا"، وفور وصول الأب ليعطي الأم أبنائها إلى منطقة كوبري إمبابة، قام بالاتصال عليها كثيرًا، قرابة الـ 5 ساعات إلا أنها لم تستجيب لاتصالاته وقام بقتلهم غرقًا في مياه النيل، بعد أن ألقى بهم من أعلى كوبري إمبابة قبل أن يلحق بهم منتحرًا بإلقاء نفسه خلفهم.
"أحمد راجل كويس وكل الجيران هنا من ساعة ماسمعوا الخبر المأسوي ده مصدومين"، قالها الحاج أبو ناصر، الرجل الخمسيني وجار المجنى عليه، موضحًا أن جميع الأهالي انتابتهم حالة من الحزن للشديد بعد علموا بالعثور على جثته وأولاده، طافية فى مياة النهر قبل أن يضيف : "مش مصدقين أن أحمد يعمل كده في أولاده ده كان بيحبهم جدًا معقولة هان عليه ينهي حياتهم بالصورة البشعة دي".
وسكت قليلًا والدموع تنهمر من عينيه قائلًا لـ"أهل مصر": "أحمد كان نفسيته متدمرة على الآخر بسبب انفصاله عن زوجته، وبذل أقصى جهده عشان مايقصرش في حق أبنائه وفي يوم من الأيام كان مصاب بجرح في قدمه اليمنى أثناء العمل، وبرغم ذلك فقد وفر كل أوجه الرعاية لأطفاله الصغار بعد انفصال زوجته عنه".
بخطوات مسرعة ونظرات متباعدة على مد البصر تجاه العقار رقم 9 الذي يقطن فيه "أحمد عيد" حداد السلام، صعدنا إلى سلم العقار وقبل الوصول إلى شقته :"دي شقة أحمد عيد اللي اتوفى هو وعياله"، استقبلتنا الحاجة "أم أحمد" صاحبة العقار، بحديثها وهي تروي تفاصيل حياة "أحمد" مع زوجته: "بقاله كتير قاعد بعياله من ساعة ما مراته رفعت عليه قضية خلع، لأنها كانت عاوزة تشتغل وهو بيرفض لأنه كان مكفي بيته ومفور ليهم الرعاية الكاملة".
وتابعت: "لما كانوا بيتخانقوا مع بعض كان بيرفض حد يتدخل بينهم لأنه كان في حاله، ومكنش بيحب حد يتدخل في أسرار بيته".
وترجع الأحداث عندما عثرت الأجهزة الأمنية على جثة فتاة في العقد الثاني من العمر أسفل كوبري الساحل بكامل ملابسها، وحُرر محضر بالواقعة، وأحيل للنيابة وأمرت النيابة، بانتداب الطب الشرعي لبيان سبب وكيفية الوفاة.
وكشفت التحقيقات أن قوات الأمن عثرت على جثتين، الأولى لرجل في العقد الخامس من عمره، والثانية لشاب في العقد الثاني من عمره، حيث تبين أنهما لأب وابنه، وتبين من بطاقة الرقم القومي للأب أنه حداد ومقيم بمدينة السلام، وباستدعاء شقيقه تعرف على جثة شقيقه ونجله، كما تعرف على جثة ابنة شقيقه بالطب الشرعي، وأدلى بتفاصيل عن حياة أخيه، أهمها أنّ زوجته هجرت منزل الزوجية منذ عدة سنوات، وأقامت دعوى خلع ضد زوجها المنتحر بسبب مكوثه في المنزل إثر إصابته بعجز بسبب العمل.
بينما أكد صديق الزوج المنتحر خلال التحقيقات، أن الحداد المنتحر مدين له بمبلغ من المال، وقال "قبل الحادثة قالي لو معرفتش أديلك فلوسك في الدنيا هقابلك في الآخرة وأديهالك".