"الله محبة".. أقصر آية في الكتاب المقدس للأقباط ألا أنها تحمل معاني كثيرة لبقاء الإنسانية بدون تميز أو عنصرية، تحت مظلة حكمة الله في اختلاف الأديان السماوية فلو شاء ربك لوحد الأقوام، وفي ظل ذلك ترصد "أهل مصر" رسائل المحبة بين المصريين في عيد الميلاد المجيد.
"آية".. فكرت في خلع الحجاب فقرأت لها "مارينا" القرآن
ذكرت آية أشرف أن بداية معرفتها بماريناعزت كانت منذ السنة الأولى لدراستهن في كلية الإعلام جامعة القاهرة، وبعدها تكونت صداقتهن عندما التحقا بتجربة تدريب صحفي في أحد الجرائد، فتبدأت كل منهما تكتشف صفات الآخري فتجد "آية" التى نشئت في مدرسة بمحيط مدارس الراهبات ولم تشعر بالتفرقة بينهم بأن "مارينا" غير متعصبة ولاتفرق فى تصرفاتها بين مسلم ومسيحي مما زاد الود بينهم.
"مارينا بتخاف على مصلحتى أكثر مني".. بتلك الكلمات أكد "آية" عن حرص صديقتها علي دعمها في معظم المواقف، فضلا عن زيارتها لمنزلهم وقربها من أفراد العيلة والعكس صحيح، مرددة "لمه فكرت أخلع الحجاب رفضت وبدأت تجيبلى آيات من القرآن حرصًا منها على تمسكى بفرائض ديني".
وحكت آية عن حفلة التخرج فى المركز الكاثوليكى وشعورها بأن مارينا مسئولة منها لاسيما فى ظل غياب أهل الآخيرة لظروفهما، ولم تتركها وحدها رغم استغرب كافة الحاضرين من أنها الوحيدة المرتدية الحجاب المسلمة، متمنية لها حياة سعيدة.
كما تحدثت عن صديقها فادي وتمسكها به على أن يزور منزلهم، بجانب مساندته لها في ظروف مرضها عندما أجرت عملية جراحية، فضلا عن صفاته الشخصية الكريمة.
وفى النهاية ردت "مارينا" على رسالة محبة صديقتها المسلمة، قائلة "آية.. لحمي ودمي"، ولم تكن مجرد صديقة لها بل ترى نفسها أنها والدتها الثانية، ورغم كل الظروف الصعبة التى مرت عليهم ألا أنها لم تستطيع تفرقتهم ويبقى الود موصول بينهم مرددة "هنستمر أخوات بدون تمييز أو تفرقة وأولادنا في المستقبل هيكونوا سند لبعض مثلنا".
علا محمد وشيرين صليب : "بنصلي ونعيد سوا"
"علا محمد" و"شيرين صليب".. صديقتان جمعتهما المدرسة الاعدادية واستمرت صداقتهما خلال سنوات الدراسة المختلفة وبعد التخرج، تشاركا الفرحة في الأعياد والمناسبات، وساندا بعضهما في الأحزان، ترى كل منها أن الأخرى هي المعنى الحقيقي لـ "الصاحب السند والجدع".
تقول علا: "أعرف شيرين من 10 سنين تقريبا، من أول يوم قابلتها واحنا أصحاب، كنا قاعدين جنب بعض في نفس الديسك، دخلنا كلية واحدة، اتغربنا عن أهلنا وسكنا في المدينة الجامعية وكل واحدة فينا كانت سند للتانية في غياب أهلها".
وتضيف: "وجود شيرين بالنسبالي أمان، كل ما أحتاج لها ألاقيها، هي الإنسانه العاقلة، مش بتنتقضني من غير ما تفهم ومش هتشجعني على الغلط".
المدينة الجامعية كانت سببا قرب علاقتهما، تقول علا: "كنت بحب وجودها في الأوضة معايا، وكنا لازم ناكل مع بعض، عمري ما زهقت من الكلام معاها حتى لو قعدنا نحكي 24 ساعة، شبهي في كل حاجة من الشخصيات المريحة في التعامل حتى لو بعدت عنها فترة بنرجع نتكلم كأننا مبعدناش ولا ساعة".
وعن اختلاف ديانتهما، أشارت إلى أنها تتعامل وفقًا للآية القرأنية "لكم دينكم ولي دين"، موضحة: "أي حد بيشوفنا بيستغرب علاقتنا علشان اختلاف الديانة، بس احنا عمرنا ما ركزنا في الموضوع دا، روحت معاها الكنائس الأثرية والأديرة في مصر القديمة، دخلت معايا مسجد عمرو بن العاص واستنتني لغاية ما صليت ".
وتتابع علا: "بنكلم بعض في الأعياد، ووقت الصيام لا بتاكل ولا بتشرب طول ما هي جنبي، وبتفطر مع بعض أيام كتير في رمضان".
شيرين صليب تؤكد: "لم يؤثر العامل الديني على علاقتي بأقرب صديقاتي علا محمد، بل نتشارك في الأعياد والأفراح والأحزان بمحبة"، مضيفة: "علا مثال للصاحب الجدع كانت سند في غربتي عن أهلي، بطمن وأنا معاها".
وتتابع: "تعددت مواقف جدعنة علا معي سواء على المستوى الإنساني أو التعليمي أو العملي، أيام الكلية لما كانت تعرف بأي فرصة لتدريب أو شغل كانت بتسجل اسمي من غير ما تقولي وتبلغني بعدين".
وتضيف شيرين: "صديقاتي المسلمات كثيرات فلم يقتصر الأمر على علا، تعرفت على بنات كتير في الكلية والمدينة الجامعية ومن ثم في العمل وكانوا من أكثر الشخصيات التي ساعدتني وتعلمت منهم الكثير".
وتختتم: "بحب أصحابي المسلمين جدا وبرتاح معاهم، مش بحس باختلاف بالعكس في احترام ومحبة متبادلة ودي أهم حاجة".
"خناقة" بين ندى وحنان تتحول إلى قصة حب لاتعرف الطائفية
تروي ندى محمود بداية معرفتها بصديقتها المسيحية حنان في عام 2013 بواقعة "خناقة" بينهما، وبعد ذلك يشاء القدر إلى أن ليكون بينهم صداقة قوية، ولم يفترق يومًا أو ينقطع الكلام بينهم.
وعبرت "ندى" عن علاقتها بـ "حنان " بأنها ابنتها الاولى تحمل لها خوف مرضي يكاد يزعجها فى بعض الأوقات ألا أنها لم تكن لديها القدرة على التحكم في مشاعر المحبة الممزوجة بالخوف لها, وعلى مدار خمس سنوات ماضية لم يأتى عيد ميلاد ألايخرجن مع بعض، معلقة "يمكن كانت بتخرج معايا أكثر ما بتخرج مع أصحابها المسيحين".
وانجبنت ندى طفلتها "مريم" وتكون حنان أول من يقف بجوارها ويزوها في منزلها رغم بعد المسافات بينهم .. فتقول "حتى بعد ماتجوزت وخلفت مريم خرجنا إحنا التلاثة مع بعض.. وبنتى بتحبها جدًا".
"علاقتنا مكنتش شبه أى علاقة صداقة عادية .. لأنها تحولت لحد من العيلة عندنا فعليا .. وارتباطنا حتى بين أصحابنا كان الاسمين مرتبطين ببعض في معظم الأحيان" بهذه العبارات لخصت "ندى" صداقتها بزميلة حياتها "حنان".
وحكت عن المواقف التى تجمع بينهم على عكس المتوقع تفاجئ "حنان" صديقتها "ندى" بشراء شجرة الكريسماس لها، فيما قدمت الآخيرة فانوس رمضان ليشعرن بالفرح بالهدايا البسيطة المتبادلة "حنان جابتلى شجرة كريسماس .. فأنا من زمان بحب شكلها وكان نفسي اشتريها .. فى مرة بقولها بحب شكلها كان نفسي حسام جوزي يجيبهالى في الكريسماس .. اتفاجئت بعدها بيوم او يومين تقريباً أنها جيبهالى وجاية .. كانت مفاجأة حلوة فرحتنى .. وأنا جبتلها فانوس رمضان كانت سعيدة به.. ده غير أن رمضان ميحلاش غير لما نفطر مع بعض والأغرب أنها كانت بتصوم معانا صيام تام من غير سحور".
كما ذكرت "ندى" بنبرة من الحزن سوء تفاهم وتصرف من الطرفين في أمر جعل الحديث بينهن ينقطع ، قائلة "هصالحها بالموضوع ده متزعليش منى أنتى بنتى .. اللى حصل بدافع الخوف والحب".
واختتمت حديثها "أحلى حاجة كانت بتميز علاقتنا أننا دايما كنا بنحترم معتقدات بعض ولا دايما حبينا ندخل في جدال فيما يخص المعتقدات ومين على حق والكلام ده".
وأضافت "حتى في الأعياد وجهة نظرنا في المعايدة إنى بهنيكى بحاجه بتفرحك انتى علشان أنا بحبك مش علشان أنا مؤمنة أو معتقدة بيها .. وده شئ مريح جدًا في العلاقة .. مهما قولت أو حكيت مش هعرف اخلص كلامى .. لأن علاقتى بحنان مش مجرد قصة تتحكى لكنها حياة تامة بتفاصيلها استمرت لمدة خمس سنين .. وإن شاء الله تظل لآخر العمر .. وبمناسبة عيد الميلاد المجيد أحب أقولها كل سنة وانتى طيبة ويارب السنة دى تكون سعيدة عليكى وعلى أسرتك وتكون أحلى من كل السنين اللى مرت".
دميانة.. "أصحابنا المسلمين بيجوا الدير يعيدوا معانا .. وفى رمضان بنوزع تمر على الدائري وقت الفطار"
عبرت دميانة عماد عن فرحتها باحتفالات عيد الميلاد المجيد، وسط قدوم أصدقائهما المسلمين إلى الدير للتهنئة على الأسقف وعليهم كل عام، مشيرة إلى أن المحبة متبادلة حيث تذهب وقت الفطار على الدائري في رمضان لتوزيع التمر والمياه للصايمين.