"كلاي النصر دائمًا.. إن هناك ملاكمًا واحدًا فقط هو الشي يستطيع أن يهزمه.. هذا الملاكم اسمه كلاي"
لقد اعتلى الآلاف على مر التاريخ عرش البطولة ولكنهم لم يحظوا سوى بومضات من الفلاش المؤقت السريع ثم دخلوا في جراج النسيان.. أما محمد علي كلاي، فقد دخل التاريخ وخلد اسمه على مر الزمان.. فهو ليس بطلًا رياضيًا فحسب بل مناضلًا إنسانيًا أيضا.. له مواقفه الإيجابية مع القضايا الإنسانية ضد التفرقة العنصرية في أمريكا، وضد العدوان في فيتنام وضد التعصب الديني في كل مكان.
وفي مذكراته محمد علي يقول للصحفي الألماني كلاوس أولبرشت:
أن عيب أمريكا الكبير,, وأقول هذا بدافع قومي بصفتي مواطنًا أمريكيًا قبل كل شئ.. أقول عيب أمريكا أنها تنسى دائمًا أن العالم يتغير ويتطور.. ويتقدم من حولها.. أن أمريكا لا تعترف بهذه الحقيقة، لا مع الدولة، ولا مع الناس، أن أمريكا تريد أن تعيد نفس اللعبة القذرة التي لعبتها مع بطل آخر قديم اسمه جاك جونسون .
ومن الحكايات المعروفة عن كلاي.. انه سمع ذات يوم عام 1966 انه تم تحويل مبلغ 40 ألف دولار باسمه على بنك نظير حصته إذاعة بعض مبارياته.. فذهب كلاي إلى البنك وكتب شيكا لحامله بمبلغ 40 ألف دولار! .. وكان البنك لا يملك كل هذا المبلغ الكبير في هذه اللحظة.. فطلب الموظف المختص من كلاي أن ينتظر بعض الوقت لكي يحضروا له المبلغ من البنك الاحتياطي فسأل كلاي : كم من الوقت يستغرقه الحصول على المبلغ من البنك الاحتياطي؟
فقالوا له" 20 دقيقة أقل"
فصاح: لا لا أستطيع الانتظار.
وعندما قام الموظفون في البنك بجمع المبلغ من أوراق البنكنوت الصغيرة ووضعوها في شنطة ملابس كبيرة .. اختطف كلاي الحقيبة وجرى على "قسم البوليس"
قسم البوليس هذا هو التوصيف الدقيق الذي وصفه الصحفي لمنزل كلاي.. فبيت كلاي في الحي الشمالي الغربي من ميامي مثل قسم البوليس تمامًا.. حركة دائمة مستمرة لا تنقطع ليل نهار.. البيت ملئ بخليط قريب من الناي لا يعرفون بعضهم. وربما لا يعرفون أحدًا من أسرة كلاي.. المنزل لا يرفض أحدًا مفتوحًا للجميع مثل قسم البوليس. وفيه من أصحاب السيارات الكاديلاك إلى الصعاليك.. فيه الكبار والصغار.. النساء والرجال.. شئ واحد يجمعهم، هو لون بشرتهم.. أنهم جميعًا زنوج
تشرف على البيت ثلاث زنجيات مسلمات يرتدين دائمًا الملابس البيضاء بل الناصعة البياض . لا يكرهن شيئًا مثل مباريات الملاكمة.. فقبل المباريات وبعدها يسقطن من الأعياء - فعليهن أن يعددن طعامًا يكفي المئات الذين يأكلون على دفعات.. ويقدمن الكثير من المشروبات طول النهار.. خاصةً مشروب الشاي.. فضلًا عن مطالبتهن بجهد آخر وهو محاولة المحافظة على النظام وسط هذا الضجيج والزحام.
يقول الصحفي الألماني: وجلست أنتظر مع هذا الحشد الغريب قدوم البطل.. أين هو الآن؟؟.. لا تجد أحد يجيبك على هذا السؤال.. أن البطل ليس له سكرتير معروف أو مدير أعمال له مقر ثابت.. بل مجموعة من الشبان كلهم من أصدقائه وأقاربه يحيطون به في كل مكان.. وفجأة وسط هذه الدردشة التي كنت أقوم بها مع هذا الخليط من البشر الذي كان يعج بهم البيت.. فجأة وقفت سيارة كاديلاك سوداء - من النوع المعروف باسم الصالون - لها ثلاث أريكات في الخلف وتتسع السيارة لـ 11 شخص جلوسًا!! فجأة وقفت هذه السيارة أما البيت ونزل منها البطل محمد علي كلاي وشقيقه الشهير باسم عبد الرحمن بعد إسلامه ثم حارس كلاي الشخصي سام ساكسون المعروف باسم الكابتن سام وسائقه المعروق باسم هاي.
ودخل كلاي البيت وكأنه مغنطيس انجذب كل من حوله إليه، وقال: حسنًا يا أولاد .. أنتم سعداء قطعًا اليوم.. وسأزيدكم سعادة الآن.. وتأهب الجميع وكأنهم معتادون على شئ ما.. هذا الشئ هو أن كلاي يلقي عليهم شعرًا بعد أي مباراة ينتصر فيها، وهو الذي لم يهزم طوال تاريخه، فقال:
هذه لكمة باليمين
وتلك لكمة باليسار
وخلال لحظات قصار
يلوذ تيريل بالفرار
ويختفي عن الأنظار
وتبدأ أسلاك البرق
تهتز حاملة الأخبار
وما أن ينتهي كلاي من أشعاره حتى يصفق الحاضرون إعجابًا وطربًا من الشعر.. ثم يبدأ كلاي في القاء نكاته.. فيضج الجميع بالضحك أمما عبد الرحمن شقيقه فانه يقف وراءه ممسك بجانبيه ويقول : "أخشى أن ينفجر جانبي من الضحك".. بينما ينبطح سائقه الخاص ومدير أعماله على الأرض من فرط الضحك والفكاهة، وأكل الجميع أكلًا مهولًا انهمك في تحضيره الخادمات، وسأل الصحفي إحدهن : هل هذا كل يوم؟
فقالت: " في معظم الأيام.. إننا هنا ننفق على الأكل والشراب أكثر مما ينفق البيت الأبيض نفسه"