شهدت محاكم الأسرة العديد من قضايا الطلاق لـ"العِنَّة". والعِنَّة هى عدم قدرة الزوج على إقامة علاقة جنسية كاملة لإصابته بالضعف الجنسي. وعندما تتأكد الزوجة من ذلك، فإنها تلجأ إلى محكمة الأسرة، وتقيم دعوى طلاق للعنة، وفى القانون المصرى أذا ثبت بالتقارير الطبية أن الزوج غير قادر جنسيا تقضى المحكمة بالطلاق للزوجة، لذلك أبرز "أهل مصر" يسلط الضوء أهم هذه القضايا.. وإليكم بعد النماذج من داخل محاكم الأسرة :
"ما بيعرفش"
لم يمر أسبوع على زواجها، حتى أقامت ليالى دعوى قضائية أمام محكمة الأسرة بزنانيري، تطلب فيها الطلاق من زوجها، مبررة ذلك باستحالة العشرة معه، بعد أن اكتشفت أنه غير قادر جنسيًّا على إقامة علاقة زوجية، مشددة على أن من حقها أن تتزوج آخر، لإشباع رغباتها التى أحلها الله لها.
وتابعت الزوجة أنها تزوجت من "ا. م." دون أن يخبرها بحقيقة مرضه وأنه ضعيف جنسيًّا، ولا يقدر على معاشرتها، حيث بعد الزواج، وفى ليلة الزفاف تحديدًا، لم يستطع إقامة العلاقة، وتَحجَّجَ أنه مُتعَبـ ولكن بَقِى الحال أسبوعًا كاملاً وهو يحاول، ولكن لم ينجح، حتى عرضت زوجته عليه الذهاب إلى طبيب مختص لمعرفة السبب.
رأى الدين
يقول الشيخ إبراهيم على سليم رئيس مجلس إدارة صندوق المأذونين الشرعيين إن الإسلام أباح الطلاق بسبب العِنَّة؛ لأن أحد مقاصد الزواج هو استمرار النسل؛ لقول النبى صلى الله عليه وسلم" تَناكحوا تَناسلوا تَكاثروا؛ فإنى مكاثر بكم الأمم". كما أن من مقاصد الزواج تهذيب الغريزة وتوجيهها إلى مسارها الشرعي، مضيفًا أن العِنَّة تمنع الزوجة من التمتع بزوجها، وهذا حق من حقوقها، وقد يلحق بها ضررًا؛ لذلك أباح الشرع للمرأة، إن وقع عليها ضرر من ذلك، أن ترفع أمرها للقضاء؛ ليحكم لها بالتطليق.
وأكد الشيخ إبراهيم أنها فى هذه الحالة تكون لها كافة الحقوق الشرعية كالمدخول بها، وهذا فى الذهب الحنفى المأخوذ به فى القضاء المصرى؛ وذلك لخلوته بها، والمذهب الشافعى قال إن لها نصف المهر، وإن هذا ليس طلاقًا، وإنما هو فسخ للعقد، بينما المالكية قالوا إن لها نصف المهر لو لم يمر عام، وإن مر عام على الخلوة بها، فلها المهر كاملاً.
على المستوى القانوني
يقول المستشار أحمد فؤاد قاسم المحامى بالنقض والدستورية العليا إن الزوجة إذا طلبت التطليق بسبب العِنَّة، وادَّعت أن زوجها لم يصل إليها، وثبت أنها لا تزال بكرًا، وجب على القاضى التأجيل لمدة عام؛ لأن الحق ثابت للزوجة فى الوطء، ويُحتمَل أن يكون الامتناع لعلة معترضة، ويُحتمَل لآفة أصلية فيه، ولا يُعرَف ذلك إلا بتأجيله، ولا يثبت إلا من تقرير الطب الشرعى أثناء نظر دعوى التطليق للعِنَّة؛ لإثبات أنها لا تزال بكرًا، وتحتفظ بمظاهر العذرية التى ينتفى معها القول بحدوث معاشرة، وأن المستأنف خلا من أسباب العِنَّة العضوية الدائمة، وأن ما به من عيب قد يكون ناتجًا عن عوامل نفسية، وعندئذٍ تكون عِنَّة مؤقتة يمكن زوال بواعثها؛ مما يمهد للشفاء واسترجاع المقدرة على الجماع.
وأضاف قاسم أنه وفقًا للرأى الراجح فى المذهب الحنفى والمعمول به أمام القضاء فإن تحقُّق العيب عند الحنفية ليس مجرد عجز الزوج عن الوصول إلى زوجته، بل استمرار هذا العجز طيلة السنة التى يؤجل القاضى الدعوى إليها، وحيث إنه قبل صدور القانون رقم 25 لسنة 1920 كان العمل جاريًا بشأن طلب تطليق الزوجة من زوجها للعيب على الراجح من المذهب الحنفى، وهو رأى الشيخين أبى حنيفة وأبى يوسف، والذى كان يعطى للزوجة الحق فى طلب التطليق إذا كان بالزوج عيب من العيوب التى تمنع التناسل، وهى العِنَّة والجب والحضاء.
وأوضح أنه إذا كانت الزوجة عالمة بالعيب قبل الزواج وتزوجته، كانت بذلك راضية بالبقاء معه، ولا يكون لها حق طلب التطليق، ويمكن إثبات الرضا بكافة طرق الإثبات، وألزم القانون المأذونين بعدم توثيق الزواج إلا بعد تقديم شهادة طبية من الزوجين باللياقة الطبية، ويجب أن يوقَّع الكشف الطبى على الزوجين قبل الزواج، ويُقدَّم شهادة طبية أمام المأذون تفيد لياقة الزوجين للزواج وخلوهما من الأمراض أو رضاءهما بالمرض أو العلة أيًّا كانت.
علم النفس
تقول الخبيرة النفسية أميرة طنطاوى إن هناك دراسة أجريت بمصر، تعبر عن نسب الضعف الجنسى، بحيث وصلت إلى 63.6%، وجاءت هذه النسبة الخطيرة على لسان الدكتور كمال شعير أستاذ طب وجراحة أمراض الذكورة والأمراض التناسلية بجامعة القاهرة ورئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لطب الجنس وجراحاته. ومن أبرز أسباب الضعف الجنسي التقدم فى العمر ومرض السكر، وقرحة المعدة، والتهابات البروستاتا، وأعراض الاكتئاب، والإفراط فى تناول الكافيين.
مشيرًا إلى أنه لا يخفى أن مصر من أعلى الدول في معدلات الإصابة بمرض السكر والبدانة وأيضًا ضغط الدم، ويعد هذا من أبرز مسببات انتشار الضعف الجنسى بمصر.
القومى للمرأة
تقول حنان عبد القادر عضو لجنة المحافظات بالمجلس القومى للمرأة: لا بد من التشديد على إجراء الفحوصات الطبية للزوجين قبل الزواج، ووضع عقوبة رادعة لمن يتخلف عنها، أو يقوم بتزويرها.
وأضافت عبد القادر أنه لا بد من المصارحة بين الشاب والفتاة قبل الزواج؛ لأن هذا أساس نجاح الزواج، وأن خداع الفتاة هو نوع من الاستهانة والغش والتدليس.
نقلا عن العدد الورقي.