اعلان

(في ذكرى النمر الأسود).. أحمد زكي تربى يتيم الأب وهجرته أمه.. واجه صعوبات بسبب لون بشرته وللمرأة فصل مُعقد في حياته

على مدار 38 عام من العطاء الفني الزاخر بالأعمال الخالدة، جسّدها الراحل أحمد زكي عن عالمنا، والباقي بأعماله التي لا زالت علامة في تاريخ السينما المصرية، والأغلب في الأعمال التي صُنفت ضمن أهم مائة فيلم في تاريخها الملىء بأعمال العمالقة.

لم يكن النجم الراحل مجرد "ممثلاتي"، إذ كان يكره إلصاق هذا المُسمى له، ولكن كان يرى نفسه فنان يقوم بتجسيد الشخصية المكتوبة على الورق في صورة لحم ودم مُتقمسًا إنفعالاتها وخفقانها وعلوها أيضًا.

نجح أحمد زكي في تقديم عدة أدوار أعلنت عن وجود موهبة عبقرية تلصق الدور لها فتراها كأنها حقيقية وهي مرحلة الـ (10/10)، في النمر الأسود انتزع الاسم ليظل مُلصقًا بلقب الفنان طوال حياته حتى قدم الإمبراطور، لم تستهويه إخراج المشاهد كما قال الكتاب -أو المُخرج- إذ كان يواجه صعوبة تكرار المشاهد حتى قالها صريحة " الـ "فيرست تيك" هي أفضل مرة، ولذلك رجاءً من السادة المُشاركين في الفيلم عدم ارتكاب أخطاء تضطر المخرج للإعادة، والكلام أيضًا موجه للمخرج على فكرة"

"بروڤاتي الحقيقية مع نفسي، لأني ألبس الشخصية ولا تخلعني بسهولة حتى بعد ما أخلص، لقد عميت فعلاً لفترة بعد الانتهاء من تشخيص شخصية طه حسين في فيلم الأيام"

"عند لحظة معينة يجب أن ينصاع المخرج لرغباتي في إخراج المشهد، زي كده مشهد الخناقة في المطعم مع رغدة وبحضور محمود حميدة في فيلم الإمبراطور، فقد طلبت كادر ثابت مفتوح، مشهد "وان شوت" لأني بالتأكيد كنت سأفقد أعصابي وأطلع على الترابيزة، لأجيبها من شعرها".

هكذا ذكر الكاتب الناقد أحمد الوزيري عن أساليب أحمد زكي في تصوير مشاهده، وجنونه بالفن وبالشخصية التي يلعبها، كما أشار أيضًا إلى أن "زكي" كان يرفض فرض المُخرج رأيه عليه في رؤيته في كيفية تشخيص ورسم الملامح الرئيسية للدور، ولكنه كان يطلب فقط مساحة ليُعطي المُخرج ما يريده بطريقته، ولهذا السبب فشل التعاون مع "جو" يوسف شاهين في أفلامه، حيثُ يُعرف شاهين في الوسط الفني بـ "الديكتاتور" لفرض رؤيته على الجميع.

لم يسلم عاطف الطيب من قرار "زكي" في التوجيه، المُخرج المعروف عنه بالشدة والحزم داخل اللوكيشن، ولكنه كان يترك لزكي كثيرًا من مقبض المقص، كي يُفصل به معه الثوب المُناسب للشخصية، وزادت هذه المساحة من الثقة خاصة بعد فيلم البريء، عندما رأى الطيب بعيدًا شخصًا يمشي كما يريد هو لسبع الليل أن يمشي، فطلب من المساعدين أن ينادوا على زكي ليرى المشية دي، سمع زكي النداء وهرول فكان هو الشخص نفسه الذي يريد الطيب أن يريه المشية.

علاقة أخوية بـ "خان"

كان يردد أحمد زكي عن علاقته بالمخرج المهم محمد خان أنها علاقة "أخوية" وقال في أحد لقاءاته "علاقتي بخان علاقة أخوية، يربطني به حبل سُري واحد"، وكان يقول خان "أحمد زكي ممثل مجنون، وأنا مخرج مجنون، ولذلك صنعت أكثر من فيلم معه لأني أحببت شخصيته".

وكما ذكر "الوزيري" أن هذه العلاقة الأخوية لم تخلو من "شوية خرابيش"، مثل خربوش فيلم الحريف، حين أصر خان على أن شخصية فارس تكون بشعر طويل حبتين، بينما أصر زكي على مُفاجأة خان أول يوم تصوير بالحلاقة زلبطة، فطلب خان من زكي أن يتصل له بعادل إمام، وأسند له الدور أمامه.

رفضه علي بدرخان في الكرنك

كان الفتى الأسمر الصغير سُرعان ما ألتحق بالنعهد العالي للفنون المسرحية، راودته موهبته وطموحه للتقدم إلى أحد الأدوار أمام سندريلا الشاشة سُعاد حُسني في فيلم الكرنك وهو لم يكن ليقدم دور بطولة سوى بضع أدوار لعبها في مسرحية مدرسة المشاغبين وفيلم بدور وفيلم "ولدي" أول عمل له.

رفض علي بدرخان مُخرج الفيلم الشهير تقديم شاب أسمر اللون، فهو لم يتماشى كبطل أمام سعاد حُسني، واختار "نور الشريف" لأداء الدور، لتعوضه السندريلا في دورين معها من أجمل ما قدم زكي خلال مسيرته في "موعد على العشاء"، والعمل التليفزيوني الأوحد لها "هو وهي" لينجحا كثنائي عشقهم الجمهور.

المرأة سر في حياة أحمد زكي

كان للمرأة فصل مُعقد في حياة الرجل المليئة بالإنجازات، إذ وُلد أحمد زكي يتيم الأب، وبسبب صعوبة الظروف المادية تزوجت والدته ولكنها هجرته، ليعول هو نفسه حتى رحل إلى القاهرة ورغم تكفله بدراسته إلا أنه لم ينساها وظل يعولها حتى بعد شهرته، ظلت والدته "غُصة" في صدره، بمجرد تفكيره في لومها إلا أنه يظل يحنو لها، حتى في مشهد نهايته في فيلم "حليم" وتذكر صورتها بجانبه تدعو له.

لم يكن الفنان أحمد زكي رجل يفكر في الحب كثيرًا، ولكنه كان يبحث عن فتاه تختلف عنه ذات ملامح بريئة وعيون هادئة وشعر ناعم، وهو ما وجده في "هالة فؤاد" الزوجة الوحيدة وأم ابنه الوحيد "هيثم"، والتي ظل يُحبها حتى وفاتها رغم زواجها من شخص آخر.

في أحد أحاديث إيناس الدغيدي عن زكي قالت أنه كان يحب المرأة ونفس الوقت يمقتها، كان قادر على أن يُسعد المرأة جدًا ثم ينزل بها إلى سابع أرض، وهذا بسبب عقدته.

وعلى الرغم أنه انفعل على مفيد فوزي في أحد حواراته حين حاول "فوزي" انتزاع اعتراف من زكي عن سبب إنفصاله عن حبيبته هالة فؤاد، رغم أن المقربون كانوا يرددون غيرته الشديدة بينما هي كانت ترفض طلبه بتركها الفن وتكوين أسرة كبيرة، فحدث الإنفصال.

وفي عام 1993، وبينما كان يصور مشهد في أحد أعماله، أخبروه بوفاة زوجته -السابقة- ليقع مُغشيًا عليه حال سماع خبر وفاتها وفقدانها، وحين أفاق طلب من المحيطين به الحديث عن ما حدث له.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً