"المعرفة ليست لها قيمة ما لم تمارسها "..شعار رفعه طلاب كلية "هندسة المطرية" التابعة لجامعة حلوان، ليبهروا الجميع بأناملهم المبدعة وعقلهم المستنير، وينفذوا مشروعات هندسية إبداعية، بوسائل بسيطة للغاية، ليوثقوا بها أحلامهم وأفكارهم ورؤيتهم الإنشائية في مشاريعهم الإبداعية.
أبهر هؤلاء الطلاب الجميع بماكيتاتهم، حيث استطاعوا جعل ماكيت من المكرونة الإسباجيتي وزنه حوالي كيلو ونصف، حمل أكثر من 100 كيلو جرام أحمال وأوزان، ليس هذا فقط، بل استطاعوا إنشاء وتصميم المباني المضادة للصواريخ EPD عن طريق اختيار مواد معينة للاستخدام وطرق تسليح جديدة، أيضًا إنشاء وتصميم المباني والمنشآت المقاومة للزلازل، وطرق تنفيذها على أرض الواقع.
مشروعات عدة نفذها هؤلاء الطلاب على مدار ثلاث سنوات مضت، ليكملوا المسيرة هذا العام، في واحدة من أكبر المسابقات العلمية الهندسية على مستوى الجامعات، التي تهتم بالإنشاءات الهندسية الصعبة والمميزة لإخراج أفضل وأقوى المشاريع الممكنة.
"أهل مصر" حاورت بعض الطلاب الذين شاركوا في تنفيذ تلك المشاريع على مدار الثلاث سنوات الماضية، ليسردوا لنا تفاصيل القصة منذ بدايتها وصولًا لأكبر مسابقة علمية هندسية في مصر.
وأرجع شهاب محمد، أحد الطلاب المشاركين، بداية القصة إلى الدكتور محمد حلمي، أستاذ الإنشاءات بكلية هندسة المطرية، ومؤسس المسابقة حاليًا، حيث كان له الفضل في التشجيع الدائم واهتمامه بتفكير و إبداع الطلبة.
" فيه مسابقة بتقام كل عام للطلبة، و كل مسابقة بينزل ليها لينك تسجيل، الطلبة بتبدأ تقدم فيه لحد ما يتم اكتمال عدد الجروبات المشاركة في المسابقة، على أن يكون كل جروب مكون من 8 طلاب".. هكذا أوضح شهاب طريقة التسجيل في المسابقة.
تختلف المسابقة كل عام عن التي تسبقها، حيث تضاف إليها مجالات أوسع وأصعب كل عام لزيادة حماس الطلاب، وإتاحة الفرصة لهم لإعطاء أكثر ما لديهم من إبداع، :" الـ3 سنين اللي فاتت كانت المسابقة مقتصرة على أن يكون الـ8 طلاب جميعهم من قسم مدني، نظرًا لأن المسابقة خاصة بالهندسة المدنية، هذا العام وسعنا المجال شوية ليتم توسيع مدى الاستفادة من المسابقة، ليصبح 5 من هندسة مدنية و3 من أي قسم تاني" يقول شهاب.
ماكيت لكوبري الملك سلمان لربط مصر بالسعودية
وعن أول مسابقة خاضها الطلاب، يقول شهاب أنها كانت مسابقة الجينرال GENERAL وكانت تختص بتطوير المدن الحديثة وابتكار أفكار جديدة وطرق جديدة في التنفيذ، عن طريق أبحاث علمية تقود إلى مشروع هندسي،يتم تقديمه أمام لجنة المسابقة.
ومن أبرز المشاريع التي تم تقديمها في تلك المسابقة، كان ماكيت ممثل لكوبري الملك سلمان، الذي يربط بين مصر والسعودية، والذي كانت مشكلته طول البحر، وأشار شهاب، إلى أنه كان هناك مشروع آخر عبارة عن "تراس" من الورق يستطيع أن يقف عليه شخص بوزن كامل دون أن يتأثر.
بمكرونة اسباجيتي وبيض .. طلبة "هندسة المطرية" يصممون الجسور والكباري
لننتقل بعد ذلك إلى ثاني مسابقة خاضها الطلاب، وهي تنفيذ المشاريع بـ"المكرونة الاسباجيتي" واستخدامها لوضع تصميم وحسابات حيث يستطيع ماكيت من المكرونة وزنه حوالى كيلو ونصف حمل أكثر من 100 كيلو جرام، مما يؤدى إلى تطوير الفكر الإنشائى لدى الطلبة.
وتقول شيماء خالد، إحدى الطالبات المشاركة، أن الفكرة هنا تكمن في التحليل الإنشائي والدراسة، هما اللذان يجعلان "التراس" يستطيع حمل هو أوزان كبيرة على وزن قليل، معتمدًا على فكرة توزيع الأحمال.
كان لاختيار الطلاب للمكرونة الإسباجيتي، دونًا عن أي مادة أخرى، أسباب عدة، كشفتها شيماء :" اختارنا المكرونة لانها ماتريال خفيفة ورخيصة وغير مكلفة، وتؤدي الغرض في نفس الوقت، بنقدر نكون منها شكل الكوبري أي ان كان، تراس أو أرش " أشكال هندسية"، الماتريال كله بتبقى عبارة عن مكرونة ولزق فقط".
وبعد "الإسباجيتي"، تأتي مسابقة " الاي بي دي"، والتي تقام في مركز البحوث الأمريكي بأمريكا، لتنفرد بها جامعة حلوان وتكون أول جامعة حكومية في مصر، تقدم ذلك النوع من المسابقات.
تصميم مباني ومنشآت مضادة للصواريخ والزلازل
ومسابقة "الأي بي دي" هي عبارة عن قيام الطلبة بعمل موديل صغير من الخرسانة، يمثل المنشئات العسكرية التي تحمي الأجسام الحساسة ضد هجمات الصواريخ المتكررة.
وعن المواد المستخدمة في تلك المسابقة، قالت "شيماء": "بيتم تمثيل المنشئات العسكرية باستخدام الفريم، والأجسام الحساسة بيتم تمثيلها بالبيضة لأنها هشة وضعيفة، أما الصواريخ بيتم تمثيلها ببار من الحديد وزنه 8 كيلو، ينزل من ارتفاع نصف متر".
وتشهد المسابقة هذا العام، مجال جديد على الطلاب وهو "الزلازل"، حيث تكون المسابقة عبارة عن عمل منشئات ومباني بارتفاعات محددة، بمساحات محددة بيتم تحديدها من قبل الدكاترة، على أن تكون الماتريال من المكرونة الاسباجيتي، وبيتم اختبار المبنى عن طريق جهاز اهتزازات.
مصادر التمويل
وفيما يخص مصادر التمويل التي يعتمد عليها هؤلاء الطلبة في تنفيذ مشروعاتهم، يقول أحمد إيهاب، أحد الطلاب المشاركين :" كل جروب بيصرف على نفسه ، ماتريال المشاريع مش غالية، المكرونة واللزق مش غالي، بتختلف فقط من جروب لآخر، المكرونة ثابتة في كل الجروبات المشاركة، لكن الذي يختلف فقط هو نوع اللزق المستخدم، فالتكلفة في المجمل مش غالية".
أما عن دعم جامعة حلوان لهؤلاء الطلبة، يقول إيهاب :" الجامعة بتساعدنا إنها بتوفر الأماكن اللي بنتدرب فيها، مفيش رفض نهائي إننا نقعد ونشتغل في الكلية، بالإضافة إنها بتقدم جوائز للطلبة الفائزين، من ميداليات ودروع وجوائز مالية في نهاية كل مسابقة".
جوائز المسابقة
وكشف إيهاب عن الجوائز المالية للمسابقة، قائلًا:" الجوائز المالية لمسابقة "الجينرال" و" الاي بي دي" و"الزلازل" تكون ثابتة، المركز الأول 2500 جنيه والتاني 2000 جنيه والتالت 1500جنيه، أما مسابقة "الاسباجتي" فتكون 2000 جنيه للتراس، و 2000 جنيه للأرش".
وعن طريقة توفيقهم مابين الدراسة والمسابقة، يقول إيهاب :" مش صعب إننا نوفق بين الجامعة والمسابقة، لأن الاتنين بيخدموا بعض، الجامعة بندرس فيها نظري والمسابقة بنطبق النظري دا لمشاريع هندسية على أرض الواقع، بننزل أيام الأجازات، وأيام بعد الكلية".
رد فعل الناس وكل من رأى تلك المشاريع، كانت بمثابة الدافع الأكبر لهؤلاء الطلبة للاستمرار، والعمل على إخراج المزيد من الإبداع، :"الناس كانت منبهرة بالشغل وعندها فضول تشوف الصور وتعرف اتنفذ ازاي".
4 جامعات خاصة وحكومية يعرضون المشاركة
نجاح المسابقة على مدار السنوات الماضية، جذب العديد من الجامعات الحكومية والخاصة التي عرضت المشاركة في المسابقة المقامة هذا العام، والذين تمثلوا في " الجامعة الروسية وجامعة القاهرة وجامعة الأهرام وجامعة عين شمس"، ليشاركوا بنفس المشاريع بمجالات المسابقة المختلفة.
يقول إيهاب :"حاليًا شغالين على زيادة عدد الطلبة المشاركين وإن المشاريع تبقى اكتر من السنة اللي فاتت ، وبنرتب لايفنت يوم 24 إبريل، بيبقى فيه مكان في الكلية خاص بمسابقة المكرونة الاسباجيتي، ونقوم بتجميع كافة المشاريع المنفذة، ويقوم الدكاترة باختبار تلك المشاريع، ويتم تصفية تلك المشاريع ليصل إلى 3 مشاريع هم الفائزون".
طلاب هندسة المطرية: نقدم شغل واقعي ونحلم بالوصول للعالمية
أحلام وأمنيات يتمناها هؤلاء الطلاب أن تتحقق الفترة القادمة، :" محتاجين الفترة الجاية المشاريع تتعرض اكتر والناس تشوفها، وصوتنا يوصل لكل الناس ونقدر نأثر في المجتمع، احنا بنقدم شغل واقعي، بنقدم ماكيتات تمثل مشاريع تنفذ على أرض الواقع، واننا نعلى بمستوى المسابقة أكتر من كدا، ونوصل للعالمية بمشاركة جامعات عالمية".