بينما كان يستعد
أهالي غزة لاستقبال رمضان، يوم الإثنين 6 مايو 2019، وبدأوا في تعليق الزينة،
تفاجأوا بقصف إسرائيلي لأكثر من 200 هدف مدني، في مناطق متفرقة من قطاع غزة، منذ
يوم الجمعة 3 مايو 2019،حيث شهد قطاع غزة منذ 3 أيام موجة من التصعيد سعت فيها
إسرائيل لاستهداف القطاع، ليشمل القصف أبراجاً سكنية، على خلاف ما كان يحدث
سابقاً، وقد قُتل 9 فلسطينيين، واصيب 43
آخرون بينهم إصابات خطيرة.
ما
أسباب اندلاع المواجهة في هذا التوقيت؟
لفهم ما يحدث،
من الضروري إعادة النظر في الأحداث التي جرت خلال الأشهر القليلة الماضية، فقد عمل
مسؤولو المخابرات المصرية خلال الأشهر القليلة الماضية للتوسط بين إسرائيل وحماس،
في محاولة للتوصل إلى اتفاقات طويلة الأجل.
تقضي هذه
الوساطة بالوصول إلى تفاهمات بوقف قصف المقاومة لإسرائيل، مقابل أن تُسهل إسرائيل
الحركة عبر المعابر الحدودية، وتتخذ خطوات لاستيعاب المشاريع الكبيرة الممولة
دولياً في غزة، لتحسين البنية التحتية المتهالكة.
لكن إسرائيل لم
تفِ بالتزاماتها، وجعلت هذه التسهيلات بطيئةً جداً، فكان عدد الشاحنات التي تجلب
البضائع إلى غزة يومياً متواضعاً، كما أن الجهود المبذولة لزيادة إمدادات غزة
بالكهرباء لم تبدأ.
هذه الحالة،
جعلت الأوضاع مشدودة في القطاع، وتصاعد الموقف يوم الجمعة الماضية، خلال احتجاجات
على الحدود، حيث قتلت إسرائيل فلسطينيين من المحتجين، وتعرضت سيارة جيب تابعة
لضابط إسرائيلي لإطلاق النار.
وعلى الفور
ردَّت إسرائيل بعنف على إطلاق النار، وقصفت موقعين لكتائب القسام، ما أدى لمقتل
عنصرين من حماس، ما يشير إلى أن قرار الرد جاء من مستويات عليا في الحكومة
الإسرائيلية، وليس استجابة فورية من القادة على الأرض، كما يحدث في مظاهرات
العودة، وفقاً لصحيفة هآرتس الاسرائيلية.
هل
مايحدث هو حرب مفتوحة؟
الواضح من هذه
المواجهة، أن إسرائيل وسعت دائرة الاستهداف بشكل كبير، فقامت باستهداف المناطق
السكنية، ودمرت أبراجاً في القطاع، في حين ردت المقاومة الفلسطينية بإطلاق أكثر من
400 صاروخ على مستوطنات غلاف غزة والمدن الإسرائيلية.
وتشير التطورات
الأخيرة على الأرض إلى أن نتنياهو يتجه إلى توسيع الهجوم على قطاع غزة، وقد يكون
على شكل عملية محدودة، أو قد تصل إلى معركة شاملة، خاصة أن نتنياهو في الوقت الذي
كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف المباني السكنية في غزة، مع إعطائه أوامر للجيش
بتحريك قوات المدفعية والمشاة إلى قطاع غزة.
وما قد يغري
نتيناهو أكثر أمران: الأول أنه تمكن من الفوز بالانتخابات، ولم يعد هناك ما يخافه
على الجبهة الداخلية من خسارته، والأمر الثاني، هو الرد الأمريكي الذي وصله صباح اليوم عبر وزارة
الخارجية.
لكن في المقابل
يوجد هناك ما يقلق إسرائيل، فحماس تدرك جيداً أن توقيت التصعيد الحالي هو أمر مزعج
بشكل خاص لإسرائيل، ولن تستطيع شنّ حرب شاملة على القطاع لسببين، الأول: ما يسمى
بذكرى الاستقلال الذي تحتفل به إسرائيل كل عام يوم 8 مايو.
والسبب الثاني،
أن تل أبيب تستضيف مسابقة الأغنية الأوروبية في منتصف الشهر، التي تعتبر حدثاً
كبيراً، ينظمه اتحاد البث الأوروبي منذ 1956، ويعد أكبر حدث غير رياضي من حيث عدد
المشاهدين، حيث يُقدر عدد مشاهديه من (100 إلى 600) مليون شخص حول العالم.
وفي إطار هذين
السببين، ليس من مصلحة إسرائيل الذهاب إلى حرب مفتوحة في قطاع غزة، على الرغم من
شدة الضربات التي تشنها على القطاع، ومن المتوقع أن تسعى خلال الأيام القليلة
الماضية للتوصل إلى تفاهم جديد مع حماس، وقد تضطر إلى تقديم تنازلات للفلسطينيين.
ونقلت صحيفة
«هآرتس» الإسرائيلية عن خدمات الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء»، أن «58
شخصاً تلقوا علاجاً طبياً، بينهم 45 عانوا الذعر، في حين أُصيب ثلاثة بشظايا بينهم
امرأة، وُصفت جراحها بالخطيرة».
من ناحيتها قالت
صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية
«الكابينيت» سيجتمع اليوم، لبحث التصعيد في غزة.
توقعات
بالتصعيد
وشرع نتنياهو،
أمس، في مشاورات أمنية بعد اجتماع ضمَّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي،
ورئيس جهاز الشاباك، ونائب رئيس الأركان، وقائد المنطقة الجنوبية، ورئيس شعبة
الاستخبارات العسكرية، ورئيس شعبة العمليات، وقائد سلاح الجو، وما يسمى منسق أنشطة
الحكومة في المناطق، ومسؤولين كباراً آخرين.
ونقلت «يديعوت
أحرونوت» عن عضو الكابينيت وزير الطاقة، يوفال شتاينتس، أنه «لم يفاجأ بالتصعيد»،
مشيراً إلى أن توقيته جاء في وقت حساس وهو قرب ذكرى إقامة إسرائيل، وقرب انطلاق
مسابقة الأغنية الأوروبية «يوروفيجن».
لكن شتاينتس،
وهو من حزب الليكود، أضاف أن «إسرائيل مستعدة لخوض المعركة حتى لو كانت في ذكرى
قيامها».