صناعة السجاد اليدوي.. عندما تعزف الأيدي الشقيانة على وتر "النول".. "أهل مصر" داخل عنبر الستات فى مصنع الغزل والنسيج بالمحلة (صور)

صناعة السجاد اليدوي

داخل عنبر أسمنتى ضخم يحتوى أكثر من 150 نول، منها القديم والمكسور تتراكم ذرات التراب عليهم وتخفت الإضاءة كثيراً فى نهاية العنبر لتتدرج ببطئ ناحية مجموعة من السيدات البسيطات، والتى تتدحرج حبات العرق على جبينهن، من شده الحرارة داخل علبه أسمنتيه، ليس لها منفذ للهواء أو مروحهم تقيهم حرارة ورطوبة المكان.

وفى زوايا تلك العلبة الأسمنتية ترى ملابسهن الرثة معلقة إلى جوارها بعض الأكياس البلاستيكية، بها بعض لقيمات وشاى وسكر، وأمام هؤلاء السيدات أنوال خشبيه قديمة شُدت عليها خيوط بعضها من حرير والأخر من أقطان، ووريقات صغيرة رسمعت عليها أعقد وأقدم تصاميم السجاد اليدوى.

أهل مصر داخل عنبر الستات، ومن هنا بدأت رحلة «أهل مصر» داخل عنبر سيدات السجاد اليدوى بشركه النصر، للكشف عن قصص كفاحهن هؤلاء السيدات ومساعيهم نحو مستقبل أفضل لذويهم.

تقول «صفية الشيشينى» السيدة الأربعينة، أحد عاملات مصنع شركه النصر،أعمل فى مصنع السجاد اليدوى منذ أن كان عمرى 10 سنوات، فوالدى عمل ميكانيى فى شركة مصر، وعندما فتح مصنع السجاد أبوابه فى الستينيات، كان بهدف تعليم أبناء العاملين حرفة يرتزقون منها، إلى جانب خلق جيل جديد يحب العمل والإنتاج من صغره، وعندما شببت أتى بى والدى إلى هنا.

ومنذ ذلك اليوم أصبح العنبر بيتى، أجلس بداخله لأكثر من 8 ساعات يومياً لتوفير قوتى وقوت أولادى، وخاصة بعد وفاة زوجى وأنا فى الـ36 من عمرى، فعلى الرغم من ما أعانيه يومياً من جلوس أمام النول، وتدقيق الأبصار، والحرص من تغيرالعقد والألوان، إلا أنى بعد أن أنتهى أشعر بقيمتى وقيمة عملى.

مدة عمل السجادة يدويا داخل مصنع النصر

وتابعت «الشيشينى»، قد تستغرق السجادة الواحدة من 3 لـ6 أشهر على حسب نوعها سواء كان قشقندى أو أصفهانى، أو تصميم هندى، فعلى الرغم من أن الشغل المصرى ذو جودة واتقان عالى إلا أن تسويقه ضعيف جداً، يستطيع أن يتحدى السجاد الإيراني في الجودة والخامة.

طباخ السم لازم يدوقه

وتابعت «بهيجة أم عاصم»، أحد العاملات بمصنع السجاد اليدوى: «طباخ السم بيدوقه إلا صناع السجاد»، على الرغم من التعب والشقاء المجهود المبذول فى صنع قطعة واحدة من هذا السجاد، وقد يصل الأمر للخصم من رواتبنا وتحويلنا للتحقيق إذا أخطائنا فى تصميم، إلا أننا لا نملك أن نشترى من صناعتنا ولو بكرة خيط، فالسجادة الواحده تتخطى الـ50 ألف جنيه، إلا أننا مازلنا نعيش على عبق الماضى وكلام الأباء والأجداد بأن الأمة لا تقوى إلا بصناعها، ومهنتنا ترسيخ للتراث وقيمه الفن والعمل اليدوى، حتى أن الأنوال أصبحت فى عداد الأدوات المنقرضة.

وأضافت «أم عاصم»، لوعاد بى الزمن مرة أخرى لعلمت أولادى حرفة السجاد اليدوى، فعلى الرغم من عيوبها الكثيرة الجسدية والنفسية، إلا أنها تعلم صفات جيده إذا تمسكنا بها صلحت حياتنا، فأولى مميزاتها الصبر، بحيث تستمر القطعة فتره طويلة حتى تخرج فى الوقت المناسب والشكل المناسب.

وأفادت بأن الغلطة بتحقيق وخصم، أعمل أنا وزوجى منذ أكثرمن 20 عام فى مجال الغزل والنسيج لا أذكر أن تخلفت يوم عن عملى إلا لظرف قهرى، فشغفى بعملى كبير، مجرد رؤيتى للسجادة تفرد على النول بمثابة تخرج أحد أبنائى.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً