لم يكن الجينز مجرد نوع من القماش السميك الذي كان يُستخدمه المزارعين والعمال قديمًا في أمريكا الغربية واللاتينية في منتصف القرن التاسع عشر، بل أصبح القماش الأغلى والأكثر مبيعًا حول العالم، على مدار 146 سنة احتل الجينز مكانة بين الأزياء العالمية في جميع دور عروض الأزياء الكاجوال ومحال البيع في دول العالم.
وبات الجينز اللبس المُفضل لدى كثير من الأجيال، مهما اختلفت ثقافتهم أو موطنهم أو حتى أذواقهم ومهما بعدت المسافات بينهم، أخذ الجينز شكله المتطور منذ ثلاثينات القرن الماضي حتى اليوم، ولم يتوقف يومًا عن الإنتشار، ارتداه رؤساء وملوك العالم، والشباب الفقير أيضًا، ودخل في صيحات الموضة ليتحول إلى "أسلوب حياة".
"زي النهاردة" في عام 1873، نال ليفي شتراوس براءة اختراع بنطال الجينز الأزرق بأزرار نحاسية، إذ كان يعمل في تصميم سراويل من الخيش البني القاسي لعمال المناجم والباحثين عن الذهب، ثم انتقل إلى قماش الدنيم المصبوغ باللون الأزرق ليستخدمه في تصميم السراويل، بدلاً من الخيش الذي نفدت حصيلته.
بعدها تلقى "ليفي" رسالة من جاكوب دافيز، وهو خياط من نيفادا كان يتعامل معه بانتظام، يخبره فيها عن شرائه لقماش لاستخدامه في الخياطة، وحكى له عن الطريقة الجديدة التي يستخدمها لتصميم البناطيل لزبائنه، إذ فكّر في صُنع بنطال قوي لعمال يشتغلون بقطع الأخشاب، خطرت بباله فكرة عمل بنطال مع تقويته بعدد من الدعامات الحديدية الصغيرة حتى لا يتمزق بسهولة.
حيث يضع مسامير معدنية صغيرة في أماكن محددة من البنطال كزوايا الجيوب، المشكلة التي كانت تواجه دافيز هي كونه لا يمتلك المال الكافي ليستخرج براءة اختراع، ولهذا اقترح على ليفي أن يقوم بدفع المال اللازم لاستخراجها، مقابل إدراج اسمه أيضًا في هذه الوثيقة، وفي العشرين من مايو لعام 1873، استخرجت براءة الاختراع، وولد رسميًا قماش الجينز الأزرق.
لقي الجينز الأزرق بالشكل الذي اشترك في تصميمه ليفي شتراوس وجاكوب دافيز شعبية كبيرة بين صفوف عمال المناجم وذلك لطبيعته القاسية التي تحتمل الصعوبات العديدة التي يواجهها هؤلاء العمال، وكان يباع في عام 1879 بدولار وستة وأربعين سنتاً فقط.
إنتشار موضة الجينزانطلق "البنطلون" الجينز ذو الأزرار النحاسية ليجتاح العالم، وأصبحت شركة ليفي ودافيز من أشهر شركات صناعة الجينز فى العالم، وكانت أول تصميمات الجينز فى العالم، هو موديل "XX waist overall، وكان عبارة عن بنطال واسع الساقين، مزود بجيب خلفى واحد، وأزرار للحمالات، ومسمار نحاسى فى المنتصف، وحزام عريض، ثم تطورت الموديلات مع مطلع القرن الماضى، وظل الجينز منتشرًا فى أوساط العمال حتى عام 1901، وهو العام الذى شهد صيحة جديدة بإضافة جيبين فى الخلف بدلًا من واحد، ثم أضيفت حلقات الأحزمة عام 1922، أما بداية انتشاره للشباب فكان فى نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات، مع دخول السينما، والأفلام التى ظهر بها رعاة البقر، أما بالنسبة لارتداء النساء للجينز، فلم يكن قبل عام 1981. وانتشر الجينز في فترة الستينيات بين الأمريكيين من أبناء الطبقة الوسطى، وبدأ المتظاهرون من طلاب الجامعات ارتداء الجينز كرمز للتضامن مع الطبقة العاملة، حيث كان هؤلاء أكثر الطبقات تأثرا بأزمات التمييز العنصري وقرارات الحرب؛ لكن الجينز لم يكن فقط رمزا لإرساء الديمقراطية، بل وضع طبقات المجتمع المختلفة على أرضية متساوية تقريبا، حيث كانت أسعار الجينز في متناول الجميع.وفي العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، وضعت كل ثقافة فرعية بصمتها على الجينز، مثل تمزيق مواضع معينه فيه، ووضع أختام مختلفة عليه، حتى وصل إلى يومنا هذا بشكله المتعارف عليه.أصل كلمة "جينز"جاءت كلمة دينم من "دي نيمز" وهي مدينة فرنسية يقال أن هذا النسيج صنع فيها لأول مرة، ولكن الجينز الأمريكي كان يصنع من الدينم الأمريكي؛ أما كلمة "جين"، فيقال أنها كانت تشير إلى البحارة في مدينة جينوا الإيطالية، والذين كانوا يرتدون الملابس النيلية المصبوغة.وقد سجل كل من ليفاي ستروس وجاكوب ديفيس تصميمهما للجينز في 20 مايو/أيار عام 1873 وهو التاريخ الذي يقال أنه يشير إلى ميلاد البنطال الجينز.