في ليلة الانتصار هناك الكثير من التفاصيل والأسرار عن حياة زعيم الأمة، جمال عبد الناصر، في ليلة 23 يوليو تلك الثورة التي حولت مصر من نظام حكم الملكية إلى الجمهورية.
ومن جانبها تسرد الراحلة تحية كاظم، زوجة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أسرار من تلك الليلة من خلال كتابها "ذكريات معه" وتسجل أنه ليلة ثورة 23 يوليو 1952 داعب عبد الناصر أولاده هدى ومنى وخالد وعبد الحميد، ثم ارتدى الزي العسكري فسألته إلى أين يذهب الآن، "وكانت أول مرة أسأله أنت رايح فين منذ زواجنا"، فلم يخبرها بشيء، بل قال بهدوء إن عليه أن ينتهي الليلة من تصحيح أوراق كلية أركان الحرب، وعليها ألا تنتظر رجوعه إلا بعد ظهر الغد.
وفي الذكرى العاشرة للثورة ألقى الرئيس جمال عبد الناصر خطابًا يحكى فيه تفاصيل اندلاع الثورة قال فيه:
قبل ما نخرج للثورة وتحديدًا يوم 22 يوليو كان هدف كل منا من الضباط الأحرار وكل من شارك في الثورة إذا لم نستطع النجاح في القضاء على هذا الظلم والاستعباد فليس أقل من أن نضحى لنثبت للأجيال القادمة أن الجيل الذي كان يعيش في عام 1952 لم يرض السكوت على الظلم، لكنه قام وقاتل حتى استشهد.
كان عدد الضباط الأحرار الذين كانوا موجودين يوم 22 يوليو نحو 90 ضابطًا، والقوات التي كانت معنا قليلة للغاية، والخطة الموضوعة لم تكن بلغت لكل المشاركين.
في هذا اليوم كنت أمر على الضباط المشاركين منذ الصباح وكلى ثقة وايمان بالله وبالشعب وقدرته على النجاح وبعد صلاة الظهر اجتمعت قيادة الثورة وقررنا التنفيذ يوم 23 يوليو، وفى الليل سهر عبدالحكيم عامر وكمال الدين حسين عندى في البيت حتى الصباح ووضعنا الخطة كاملة.
وقبل تنفيذ الثورة بساعتين وفى الساعة 11 أبلغنى أحد الضباط الأحرار العاملين بجهاز المخابرات أن الثورة انكشفت وأن أحد أشقاء الضباط الأحرار أبلغ قصر عابدين أن الأحرار أخذوا أخيه ليلا لكى يقوموا بالثورة فأمر الملك قائد الجيش بعقد اجتماع عاجل مع القيادة بكوبرى القبة.
لم نكن نستطيع التراجع فقد كان كل منا في وحدته لتنفيذ الخطة، ذهبنا إلى عبد الحكيم عامر فوجدنا الطريق إلى القشلاق مغلقا، فذهبنا إلى كمال الدين حسين في ألماظة لاستحضار جنود تساعد في القبض على أعضاء القيادة أثناء اجتماعهم بكوبرى القبة.
وأثناء الطريق حدث شيئا لم يكن متوقعا، فقد قابلنا يوسف صديق أحد الضباط الأحرار وقد خرج قبل الموعد المتفق عليه بساعة بطريق الخطأ، فاصطحبناه مع قواته إلى مقر القيادة واعتقلنا الموجودين بها لتسير الثورة بعد ذلك في خطتها بانتظام وهذا إن دل على شيء يدل على عناية الله وتوفيقه.