بدأت سريلانكا، صباح اليوم، التصويت لانتخابات الرئاسة، التي تشهد منافسة قوية بين مرشحين هما جوتابايا، شقيق الرئيس السابق ناريندا راجاباكسا مع وزير الإسكان الحالي ساجيت (ابن الرئيس الأسبق راناسينغ بريماداسا)، وتضم قائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية 35 شخصًا.
ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت نحو 16 مليون ناخب، ويحق للناخب اختيار ما يصل إلى ثلاثة مرشحين حسب الأفضلية، وسيتم فرز الأصوات بعد فترة وجيزة من إغلاق مراكز الاقتراع، ولكن من غير المتوقع إعلان النتائج قبل يوم الأحد المقبل.
من هما "جوتابايا ناريندا راجاباكسا، ساجيت بريماداسا"؟
جوتابايا راجاباكسا يبلغ من العمر 70عامًا، كان وزيرًا سابقًا للدفاع، وشارك في توجيه الحملة العسكرية لهزيمة متمردي التاميل وإنهاء النزاع الذي استمر 26 عامًا في عام 2009، وشقيقه هو الرئيس السابق القوي ماهيندا راجاباكسا الذي مُنع من الترشح لولاية ثالثة.
أما ساجيت بريماداسا البالغ من العمر 52 عامًا، فهو ابن رئيس سابق تم اغتياله في تفجير انتحاري من التاميل، وينتمي إلى تحالف واسع النطاق يعرف باسم "الجبهة الديمقراطية الجديدة"، والذي يدعمه الحزب الحاكم في البلاد "الحزب الوطني المتحد".
"السنهال".. راجاباكسا، "التاميل".. بريماداسا
وأما عن موقف الأقليات لكلا المرشحين، فقد انقسمت الأقليات في تفضيلاتها تبعًا لمواقف سابقة لكلا المرشحين حيث ينتمي راجاباكسا لحزب المعارضة الرئيسي "حزب الشعب، وقال راجاباكسا، في تجمع انتخابي مؤخرا: "لدي خبرة في محاربة الإرهابيين وسوف أضمن أمن الشعب"، في إشارة إلى متمردي التاميل.
ويتمتع راجاباكسا وشقيقه، الرئيس السابق الذي أصبح الآن زعيم المعارضة في البرلمان، بشعبية لدى المجتمع السنهالي، الذي يمثل 75% من سكان الجزيرة البالغ تعدادهم 21 مليون نسمة.
وقد دارت الحرب الأهلية بين الأغلبية السنهالية ومجموعات الأقلية التاميلية، ويأمل راجاباكسا أن يدعمه المجتمع السنهالي في الرئاسة، كما يغازل راجاباكسا أيضًا الكاثوليك من خلال ضمان الحماية لهم، وكان معظم الضحايا في تفجيرات عيد الفصح، والتي ضربت كنائس وفنادق فخمة، من الكاثوليك.
اقرأ أيضًا.. بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية بسريلانكا
من ناحية أخرى، ركّز بريماداسا على السلامة العامة، ووعد بتسليم حقيبة الدفاع إلى الفيلد مارشال ساراث فونسيكا، المعروف بانتصاراته على متمردي التاميل، ويبرز بريماداسا اسم فونسيكا في جميع فعاليات حملته الانتخابية تقريبا.
وقررت الأحزاب التاميلية الرئيسية التي تمثل المناطق التي كان يسيطر عليها المتمردون سابقا في الجزء الشمالي من البلاد دعم "بريماداسا"، وسوف يتعين على بريماداسا، منافس راجاباكسا، تحويل مسار بعض الناخبين السنهاليين في الوقت الذي يستقطب فيه الأقليتين التاميلية والمسلمة للفوز بالمنصب.
من ناحية أخرى تنتاب المسلمين مخاوف من تحالف جوتابايا رجاباكسا مع المتطرفين البوذيين والقوميين السنهاليين، في حين، يستذكر الهندوس التاميل (12%) ما حل بهم من انتهاكات واسعة على أيدي القوات السريلانكية بقيادة وزير الدفاع جوتابايا.
"عاصفة" صباح يوم التصويت
في صباح اليوم فتح مسلحون النار على قافلة من الحافلات تقل الناخبين المسلمين في شمال غرب سريلانكا، مع بدء الناخبين الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية.
وقالت الشرطة السريلانكية إن المهاجمين أحرقوا إطارات على الطريق وأقاموا حواجز طرق مؤقتة لنصب كمين لقافلة تضم أكثر من 100 حافلة، وذكر مسؤول بالشرطة في تانتيريمال على بعد 240 كيلومترا شمالي العاصمة كولومبو أن مسلحين فتحوا النار وألقوا الحجارة، ما تسبب في إلحاق أضرار بحافلتين على الأقل، دون أن تقع إصابات في صفوف الركاب.
وقد شهدت سريلانكا حالة من الهدوء بعد قرابة ثلاثة عقود من الحرب الأهلية في محاولات مابين جبهة نمور التاميل وحكومة البلاد من جهة، ومواجهات دامية بين البوذيين والمسلمين من ناحية أخرى، وقد انتهت تلك الحرب في عام2009 بعد أن أودت بحياة أكثر من 70 ألف شخص.
اقرأ أيضًا.. الأمطار الغزيرة تقتل 6 أشخاص في سريلانكا
3 تحديات تواجه الرئيس الجديد "الانقسام السياسي، الديون، العلاقة مع الصين"
تأتي هذه الانتخابات بعد عام من أزمة دستورية حسمها القضاء بإلغاء إجراءات الرئيس بإقالة الحكومة وحل البرلمان وكل ما ترتب عليها، إلا أن قرار المحكمة العليا لم ينه الانقسام السياسي في البلاد، ويتطلع السريلانكيون إلى أن تنهي الانتخابات الرئاسية هذا الانقسام.
ومازالت سريلانكا تكافح من أجل التعافي من آثار هجمات "عيد الفصح" التي وقعت في أبريل الماضي والتي أثّرت بشدة على اقتصادها المعتمد على السياحة، كما تسببت في تصاعد أزمات الخلاف بين الأقليات العرقية، كما أنه بحلول نهاية 2018 قُدر إجمالي حجم الدين الخارجي لسريلانكا بنحو 52 مليار دولار أمريكي، 6 مليارات منها من الصين، ما يمثل 11.5 بالمئة فقط من إجمالي الديون.
وتساعد الصين سريلانكا في الخروج من "فخ الديون" وتقود الجزيرة نحو التنمية من خلال بناء مشروعات الموانئ والطرق والحفاظ على المياه التي تحسن معيشة الشعب.
وتكمن أهمية هذه الانتخابات لسريلانكا أيضًا، كونها ستحدد الاتجاه الذي ستتبعه البلاد، والتي تعني بداية حقبة جديدة مع تولي جيل جديد من القادة مقاليد الحكم، من ناحية أخرى تراقب الهند نتائج الانتخابات عن كثب مع التركيز على ما إذا كان النظام الجديد سيتقارب مع الصين على حساب الهند.
وقد تخطت الخلافات الهندية الصينية الحدود بين البلدين ووصلت إلى سريلانكا التي أصبحت ساحة جديدة للصراع بين العملاقين الآسيويين، حيث بدأ التوتر بين البلدين في هذه المنطقة منتصف عام 2017، حين وقّعت سريلانكا اتفاقية مع الصين بقيمة 1.1 بليون دولار لتتولى الصين الإشراف على تطوير ميناء "هامبانتوتا" جنوبي سريلانكا.
السياسة الخارجية لكلا المتنافسين
قال جوتابايا راجاباكسا إنه سيتبنى سياسة خارجية غير منحازة تمامًا في حال انتخابه، ووفقًا لرامبوكويلا، المتحدث الرسمي باسم جوتابايا، فإن جوتابايا لن يدخل في اتفاقات مع أي حكومات أجنبية ما لم يتم اعتبار هذه الاتفاقات متبادلة المنفعة، كما يخطط لمراجعة جميع الاتفاقيات التجارية الثنائية الموقعة في السنوات الخمس الماضية، كما تعهد أيضًا باستعادة العلاقات مع الصين إذا تم انتخابه بحسب ماذكرته وكالة "CGTN" الصينية.
كما ذكر موقع " NEW18.COM" الهندي إن جوباتايا يريد علاقات أوثق مع الهند في مسائل التعاون الأمني، ومع ذلك، فإن الهند لديها مخاوف من تولي راجاباكسا رئاسة سريلانكا خوفًا من أن تصبح سريلانكا أقرب للصين.
ووفقًا للموقع فإن الهند تجد أن بريماداسا أكثر استعدادًا لعلاقة أفضل مع الهند، كما أن التحالف الوطني التاميلي، وهو الحزب الرئيسي للتاميل في سريلانكا، قد صادق بالفعل على بريماداسا، وهذا سيجعله أكثر قبولا للأحزاب الهندية.
وقال الكولونيل المتقاعد هاريهاران، والكاتب المتخصص في العمليات الإرهابية والحركات المتمردة:"ساجيت عضو برلماني أربع مرات، ربما يكون على دراية بالتاريخ الجيد والسيئ للعلاقات بين الهند وسريلانكا، ومن المتوقع أن يحافظ على علاقات جيدة مع الهند لأن أولويته هي التنمية".
ماذا يحدث إذا لم يحصل أي من المرشحين على أغلبية واضحة؟
يجب أن يحصل المرشح الفائز على أغلبية واضحة تزيد على 50% من الأصوات، وفي حالة عدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية الواضحة، يبدأ نظام "التصويت التفضيلي" في سريلانكا، ويستطيع كل ناخب تحديد المرشح الثاني والثالث الذي يفضله في ورقة الاقتراع، ويتم بعد ذلك أخذ هذه التفضيلات في الاعتبار لتحديد الفائز.