فى بداية أزمة إنتشارفيروس كورونا المستجد، كان فى قناعتى أن الفيروس لم يقتل المصريين، وأننا محصنين بدعاء الوالدين، ولظروف عملى قررت النزول إلى الشارع، لم اخشى على نفسى ولكننى أخشى على أسرتى كثيرا، وتوجهت إلى إحدى المدن التى كان إنتشر فيها الفيروس بشكل كبير، وتوفيت فيها أول حالة مصابة بكورونا، دون علم أحد من أسرتى، كنت فى غاية السعادة عندما عدت إلى منزلى بعد الإنتهاء من التقرير الذى سافرت من أجلة
بعد ساعات قليلة شعرت بعدد من الأعراض التى نشخصها لأنفسنا بأنه دور برد طبيعى، ولكن تطورالأمر كثيرا، وأصبحت كل أعراض فيروس كورونا تظهرعليّ، ضيق حاد فى التنفس، وإرتفاع كبير فى درجة الحرارة، فكانت فكرة إصابتى بتلك الفيروس معدومة، إلا أن قمت بالإتصال بأحد المسؤلين فى مديرية الصحة من أجل تشخيص الحالة، وكانت المفاجأة بأنها جميع أعراض فيروس كورونا المتسجد، وفى حالة الذهاب الى المستشفى سيتم عزلى رسميا إلى ان تصل التحاليل.
فى تلك اللحظة، تحدثت مع نفسى كثيرا، لماذا اصبت بذلك وكانت الإجابة هى بسبب الاستهتار، وقررت أن أعزل نفسى لمدة أيام فى غرفة مغلقة، وعدم النزول الى الشارع مرة أخرى، وكان القرار بأننى لا أكون سبب فى أذى غيرى وأسرتى، وبعد أيام شعرت بتحسن كبيرا، وأصبح الأمر طبيعيا، إلى أن تماثلت الشفاء بعد التأكد من أنه دور برد عادي.
تلك الأيام التى مرت عليّ كانت سبب رئيسى فى الخوف على أسرتى وقررت أن التزم جميع التعليمات، والجلوس فى المنزل لمدة كبيرة وتطبيق الحظر الكلى على نفسى، لا استقبل أحد ولا زيارة أحد، وقررت أن أكون فى المنزل حتى وإن وصل الأمر بأن منزلى لا يوجد به أى أنواع الطعام، وكان القرار أكل العيش والجبنة أفضل من المرض.
أكثر من 20 يوم كاملين لم أخرج من المنزل إلا للضرورة القصوى، كل يوم أتابع أعداد المصابون بالفيروس وعدد الوفيات، الخوف يسيطرعليّ، وأخشى النزول بسبب عدم إصابتى بتلك الفيروس اللعين، ولكن كانت المفاجأة بالنسبة إلىّ، عندما ذهبت الى أحد الأسواق فى المدينة التى أعيش بداخلها، بعد أن قمت بجميع الإستعدادات بإرتداء القفزات والكمامة، وعندما ذهبت الى السوق شاهدت إزدحام شديد جدا.
كانت صدمة بالنسبة إلي، إزدحام الأهالى على المحلات التجارية من أجل شراء الفسيخ والرنجة والبصل!، من أجل يوم شم النسيم، لم أرى شخص واحد يرتدى كمامة أو قفازات، المواطنين يسلمون على بعضهم البعض، ازدحام فى جميع الشوارع، والمحلات ممتلئة، فى تلك اللحظة قررت أن أتسائل هل كل هذا العدد من المواطنين يعلمون شىء أنا لا أعلمة؟!.
جلست فى إحدى الأماكن لكى أراقب حركة المواطنين، من أجل معرفة سبب عدم خوفهم من الفيروس وعلى عدوى أسرهم، وكانت المفاجأة بأن الكثير منهم لا يقتنع بوجود الفيروس من البداية، وأنهم محصنين من ذلك ولم يتداركوا الخطر الذى يأتِ علينا جميعا، والسبب الرئيسى فى ذلك هو إنشغالهم الدائم بحياتهم اليومية فقط.
جلست أفكر مرة آخرى، فى حالة أننى مسؤل عن كل هذا العدد من المواطنين، بعد أن قمت بالعديد من القرارات من أجل حمايتهم ، وهم لم يدركون ذلك، جميع المستشفيات أصبحت جاهزة من أجل إستقبال العديد من الحالات بسبب الإستهتار، وعدم تنفيذ التعليمات، كانت صحة المواطنين هى ألوياتنا فالماذا عدم الإستجابة؟.
عزيزى القارىء، قررت أن أكتب هذا المقال من أجل توصيل رسالة إلى المسؤلين فى الحكومة، وأعلم أن الكثير يتحدث إلى بأننى أقسى على المواطنين والحقيقة أنهم من قاموا بالقسوة على أنفسهم ، أطالب بإلغاء الحظر، لانه لم يفعل شيء، المواطنين لم يكن لديهم أى استعداد من أجل تنفيذ الحظر، الأهالى ليسوا مقتنعين بما يأتِ بالتقارير كل يوم، لانهم يعلمون بأنهم فى حالة إصابتهم بالفيروس سيتم نقلهم إلى المستشفيات ويتم علاجهم بشكل سريع.
لذا أطالب بإلغاء الحظر، والإعلان رسميا عن عدم إستقبال أى حالة مصابة بفيروس كورونا المستجد فى أي مستشفى حكومى أو جامعى، ومن يصاب بتلك الفيروس يعالج على نفقته الخاصة، فى ذلك الوقت الجميع يلتزم خوفا من العدوى هو وأسرته.