التسعيرة الجبرية تُحرج الحكومة.. وخبراء: "ليست حلًا للأزمة"

صورة ارشيفية

في ظل جنون الأسعار الذي تشهده الأسواق والارتفاعات المتتالية التي تحدث بين ليلة وضحاها بات المواطن تائهًا بين براثن السوق، وسط تراشق الاتهامات بين الحكومة والتجار، فالأول يلقي باللوم على جشع التجار ورغبتهم في تحقيق مكاسب كبيرة على حساب المواطن، والأخير يتهم الحكومة بالتسبب في ذلك بسبب ارتفاع سعر الدولار، ليخرج شبح التسعيرة الجبرية ويفرض نفسه على طاولة الحكومة، ويبقى الحل إما بتطبيقها أو باستبدالها بآليات حقيقة لظبط الأسواق.

لم يقتصر ارتفاع أسعار السلع على الأسواق العامة فقط وإنما يختلف سعر السلعة من منفذ بيع لأخر ومن منطقة إلى أخرى، في إشارة واضحة إلى انعدام رقابة الحكومة على الأسواق، ليطرح السؤال نفسه كيف يمكن إدارة تضارب المصالح وحماية المستهلكين من جشع التجار؟، وهل الحل في التسعيرة الجبرية أم إنها ليست سوى عبء جديد على كاهل الاقتصاد الحر الذي تسعى إليه الدولة؟

تعتمد التسعيرة الجبرية على تحديد أسعار السلع السلع الأساسية التي يحددها مجلس الوزراء ويعلن المحافظ جدول الأسعار التي تعينها اللجنة مساء يوم الجمعة من كل أسبوع ويكون الإعلان بالكيفية التي يصدر بها قرار من المحافظ ويكون تعيين الأسعار ملزمًا لجميع الأشخاص الذين يبيعون كل أو بعض الأصناف والمواد التي يتناولها التسعير مدى الأسبوع الذي وضعت له.

ووفقًا للتسعيرة الجبرية يجوز لوزير التموين والتجارة الداخلية بقرار يصدره تعديل مواعيد إعلان الأسعار ومدة الالتزام بالتسعير. 

وتختص وزارة التموين والتجارة الداخلية دون غيرها (تحديد الأسعار وحماية المستهلك) بتحديد الأسعار والأرباح ومراقبتها ويجوز لوزير التموين والتجارة الداخلية أن يعين بقرار منه الحد الأقصى، لأسعار السلع التي تصنع محليًا أو تستورد من الخارج، والربح الذي يرخص به لأصحاب المصانع والمستوردين وتجار الجملة والتجزئة، وذلك بالنسبة لأية سلعة تصنع محليًا أو تستورد من الخارج، إذا رأى أنها تباع بأرباح تجاوز الحد المألوف.

في هذا السياق تقدم النائب مصطفى الجندي، رئيس لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، بمشروع قانون إلى رئيس المجلس هو الأول من نوعه لفرض تسعيرة جبرية وتحديد الأرباح، لمواجهة ما اعتبره "جشع" التجار وارتفاع أسعار السلع، معتبرًا أن مثل هذا القانون قد يساهم في ضبط الأسواق وأسعار السلع 

وما زاد الأمر سوءًا تصريحات وزير التموين على المصليحي، المعارضة تمامًا لفكرة تطبيق التسعيرة الجبرية، حيث أعلنها على الملأ أنه "لانية لوزير التموين والتجارة الداخلية، تطبيق التسعيرة الجبرية".

وقال "المصليحي" في أحد المؤتمرات إن "زمن التسعيرة الجبرية ولى"، متابعًا: "مش معنى إننا بنكتب السعر على السلعة.. الناس تطلع تقول دي تسعيرة جبرية"، مشيرًا إلى أن الاحتكام لآليات السوق أمر لا خلاف عليه.

وأوضح الوزير في تصريحاته، أن الأسعار لا بد تحكمها المنافسة، وآليات العرض والطلب، ومهمة الوزارة تنفيذ القوانين المصرية بشدة لردع المتلاعبين، مشيرًا إلى أن أدوات الوزارة الرقابية تتضمن العديد من الإجراءات التي تساعد على استقرار الأسواق والتصدي ومواجهة المتلاعبين والمستغلين والحد من الارتفاع غير المبررة إضافة إلى تقوية أداء الشركة القابضة للصناعات الغذائية وتمكينها من المنافسة وطرح السلع من خلال شركاتها لإحداث توازن في الأسواق.

شريف دلاور الخبير الاقتصادي، يقول إن فرض التسعيرة الجبرية في هذه الظروف يتنافى مع الاقتصاد الحر، الذي تنص بشكل أساسي على فتح الباب للمنافسة، مشيرًا إلى أن فرضها لن يكون حلًا لارتفاع الأسعار فـ"التجار ليسوا السبب الوحيد للارتفاع".

وأضاف "دلاور" في تصريحات خاصة، أن إحكام الرقابة على الأسواق وتعظيم دور مفتشي التموين والحملات الدورية للمتابعة هى السبيل الوحيد لمواجهة الارتفاع الذي يتسبب فيه التجار.

ويضيف عادل عامر رئيس مركز المصريين للبحوث الاقتصادية، أن ثمة طرق كتيرة يمكن انتهاجها لمواجهة ارتفاع الأسعار غير التسعيرة الجبرية، مثل تعظيم دور قوانين حماية المستهلك ومعاقبة المخالفين، ونشر الوعي بين المواطنين للتبليع عن من يبيع السلعة بأكثر من سعرها.

وعن أسباب عدم تطبيقها حتى الآن، قال "عامر" لـ"أهل مصر" إنها مازلت مجرد مقترح من البرلمان ولكن الحكومة لم توافق عليها، ولم تعرض عليها رسميًا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً