في تطور جيولوجي خطير يهدّد منطقة القرن الإفريقي والجزيرة العربية، فجّر بركان الإثيوبي حالة من القلق الإقليمي بعد انبعاث كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكبريت (SO₂)، أحد أخطر الغازات البركانية السامة.
الانفجار الذي وصفه خبراء بأنه “غير مسبوق في شدته خلال السنوات الأخيرة”، أدى إلى تشكّل غيمة كبريتية كثيفة اجتاحت عدة دول من بينها اليمن والسعودية والصومال وسلطنة عُمان، وسط تحذيرات من استمرار انتشارها لأيام إضافية.
وتكشف المستشارة في قضايا الحدود والسيادة الدولية هايدي فاروق أن ما يحدث ليس مجرد نشاط بركاني عابر، بل كارثة بيئية عابرة للحدود تحمل تهديدات صحية وبيئية واسعة، قد تتفاقم مع استمرار الانبعاثات وضعف حركة الرياح في المناطق المتأثرة.
ومع توالي الخرائط الجوية التي ترصد تمدد السحابة الكبريتية، تتصاعد المخاوف من أن تكون المنطقة مقبلة على تداعيات تفوق التوقعات إذا ما استمرت البراكين في منطقة العفر في حالة ثورانها المتصاعد.
انتشار غاز ثاني أكسيد الكبريت في الدول
قالت المستشارة هايدي فاروق عن الكارثة التي تسبب فيها بركان إثيوبيا، الذي انفجر أمس الاثنين: 'تقرير حول انتشار غاز ثاني أكسيد الكبريت (SO₂) من القرن الإفريقي إلى الجزيرة العربية وامتداده حتى 25 نوفمبر قادم من إثيوبيا'.وعن البلاد التي انتشر فيها غاز ثاني أكسيد الكبريت، قالت هايدي فاروق: 'انتشار غاز ثاني أكسيد الكبريت (SO₂) من منطقة القرن الإفريقي باتجاه اليمن والسعودية والصومال وسلطنة عُمان، وذلك خلال الفترة من 22 إلى 25 نوفمبر، مع احتمالية استمرار الغيمة لعدة أيام إضافية'.
وتابعت هايدي فاروق: 'تشير بيانات الخرائط الجوية (Windy –CAMS) إلى أن مصدر الغيمة هو النظام البركاني في منطقة العفر بإثيوبيا، وخاصة بركان إرتا ألي المعروف بانبعاثاته المستمرة، بسبب وجود بحيرة حمم نشطة. كما قد تساهم فوهات أخرى مثل بركان نَبرو في إريتريا بانبعاثات غازية إضافية'.
الغيمة البركانية انتشرت في 7 دول منها عربية
وعن الغيمة البركانية التي خلفها بركان إثيوبيا، أوضحت هايدي فاروق: 'تنتقل الغيمة من شمال إثيوبيا عبر إريتريا وجيبوتي، ثم تعبر نحو اليمن، وجنوب السعودية (عسير، جازان، نجران، السليل)، وتمتد أيضًا إلى الصومال وسلطنة عمان، نتيجة حركة الرياح الشرقية والشمالية الشرقية'.
وكشفت هايدي فاروق عن تركيزات غاز ثاني أكسيد الكربون في دول الجوار، فقالت: 'تُظهر الخرائط تركيزات مرتفعة فوق صنعاء (~314)، جيبوتي (~238)، وأبها والمناطق الجبلية (~60)، مع انتشار أخف فوق الصومال والسواحل العمانية'.
وعن سر استمرار الغيمة البركانية، قالت هايدي فاروق: 'استمرار الغيمة حتى 25 نوفمبر يعود إلى: انبعاثات بركانية مستمرة، وضعف حركة الرياح فوق اليمن وجنوب السعودية، واتجاه الرياح الذي يسمح بانتقال الغاز إلى الصومال وعُمان، وتراكم الغاز في المناطق الجبلية ذات الرياح الضعيفة'.
غازات البركان تخلف أضرارَا صحية وبيئية
كما كشفت المستشارة هايدي فاروق عن الأضرار الصحية والبيئية لبركان إثيوبيا، فقالت: 'الأضرار الصحية تشمل تهيج الجهاز التنفسي، ضيق التنفس، السعال، حرقان العين، وتفاقم مشاكل الربو والقلب. التعرض المستمر قد يؤدي لالتهابات مزمنة
وأضافت: 'أما الأضرار البيئية فتشمل الأمطار الحمضية التي تؤثر على التربة والمباني والنباتات، وضعف نمو النباتات، وتغير حموضة المياه'.
وحددت هايدي فاروق المناطق المتأثرة بثورة بركان إثيوبيا، فقالت: 'المناطق المتأثرة تشمل: إثيوبيا، إريتريا، جيبوتي، اليمن، جنوب السعودية، الصومال، سلطنة عمان'.
وعن التوصيات الخاصة بالسحابة البركانية وانتشار غاز ثاني أكسيد الكربون، قالت عايدي فاروق: 'تقليل الخروج في الأوقات ذات التركيز المرتفع، واستخدام الكمامة للفئات الحساسة، ومراقبة النباتات وتجنب رش المبيدات أثناء مرور الغيمة، ومتابعة خرائط SO₂ بشكل يومي لمعرفة أماكن وجود غاز SO₂ عالي التركّيز'.
وأوضحت هايدي فاروق أن 'غاز SO₂ المنبعث من بركان إرتا ألي ينتشر بشكل واسع من القرن الأفريقي ليصل إلى اليمن والسعودية والصومال وعُمان، مع بقاء مستمر حتى 25 نوفمبر واحتمال امتداده لأيام أخرى'.
حجم الكارثة يفوق التوقعات
ونشرت هايدي فاروق خرائط تكشف حجم كارثة بركان إثيوبيا قائلة: 'لكي تتخيلوا حجم الكارثة التي بدأها واحد فقط من الحزام البركاني الإثيوبي.. تغيرات دراماتيكية تحدث في عدة براكين وبالأخص إرتا إيلي'.
واختتمت هايدي فاروق قائلة: 'لقد حلمت إثيوبيا بأن تكون دولة ساحلية.. والبحر غير بعيد عن اختراق الأخدود إذا ما ثارت باقي البراكين.. للأسف ما قلته بشأن اليمن ودول الجوار بالبحر الأحمر بدأ يتحقق.. والآن أنا أراقب بركان قعر عدن.. وبركان فنتالي.. الكارثة ستفوق التوقعات'.
مضيفة: 'خطر شديد على بعض دول الجوار لإثيوبيا حتى وإن جاوروها بحرا وعلى رأسها اليمن'.
الجدير بالذكر أن الغازات البركانية تعتبر مخاطر خفية وغالبًا ما يتم تجاهلها، قد تكون آثار الغازات البركانية على الحياة مباشرة، مثل الاختناق وأمراض الجهاز التنفسي وحروق الجلد؛ أو غير مباشرة، مثل المجاعة الإقليمية الناجمة عن التبريد الناتج عن وجود رذاذ الكبريتات الذي يتم حقنه في طبقة الستراتوسفير أثناء الانفجارات البركانية، وتسبب في الوفاة.
وغاز ثاني أكسيد الكبريت (SO₂) الذي تطلقه البراكين سام وخطير.
يمكن أن يسبب تهيجًا للعينين والجلد والجهاز التنفسي، ويمكن أن يتفاعل مع الرطوبة في الرئتين لتكوين حمض الكبريت. والأشخاص الذين يعانون من مشاكل في التنفس مثل الربو يكونون أكثر عرضة للخطر، ويمكن أن ينتشر هذا الغاز مع الرياح لمسافات بعيدة، خاصة إذا كان مرتفعًا في الغلاف الجوي.