ads
ads

38 تريليون دولار تهدد الاقتصاد العالمي.. أزمة الدين الأمريكي تشتعل والدول النامية أول المتضررين

سعر الدولار
سعر الدولار

تتجه الولايات المتحدة نحو مرحلة سياسية واقتصادية شديدة التعقيد، مع تفاقم الدين العام الذي بلغ 38 تريليون دولار، وتجاوزت خدمة فائدته السنوية تريليون دولار، ما يضع الاقتصاد الأميركي أمام اختبار خطير لاستدامته المالية.

وتؤكد تقارير دولية أن الارتفاع المتسارع في الديون والعجز المتزايد يهددان ثقة المستثمرين وقدرة واشنطن على تمويل التزاماتها، وسط ضغوط غير مسبوقة على الأسواق العالمية.

كما يحذر الخبراء من أن ارتفاع عوائد السندات الأميركية يرفع تكلفة الاقتراض دولياً ويضغط على اقتصادات الدول النامية، بينما تتزايد المخاوف من اهتزاز مكانة الدولار رغم أنه لا يزال الحاجز الرئيسي أمام تفجر الأزمة. وتشير التحليلات إلى أن استمرار العجز الهيكلي وتضخم مدفوعات الفائدة قد يدفع الولايات المتحدة إلى خفض الإنفاق أو رفع الضرائب أو تبني سياسة 'القمع المالي'، في وقت تواجه فيه سندات الخزانة والدولار تحديات متنامية مع تحولات جيوسياسية وتراجع اعتماد بعض الدول على العملة الأميركية.

ورغم استبعاد انهيار مفاجئ، تتزايد التحذيرات من تآكل تدريجي في قوة الدولار وفي استقرار النظام المالي العالمي إذا استمرت الديون الأميركية في التصاعد دون حلول واضحة

ومع تصاعد العبء المالي وتفاقم الضغوط على الموازنة الفيدرالية، تتعالى التحذيرات الصادرة عن تقارير اقتصادية بارزة مع تحليلات الخبراء لتؤكد أن بنية الاستدامة المالية الأميركية تواجه اختباراً غير مسبوق، يمتد إلى ثقة المستثمرين وقوة النظام المالي الأميركي وقدرته على امتصاص الصدمات.

الاقتصاد يترقب انفجار الفقاعة

وبينما يستمر الدولار في لعب دور الحاجز الذي يؤخر تفاقم الأزمة، تزداد التساؤلات حول مدى قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على تفوقها المالي في ظل التحولات الجيوسياسية وتزايد المنافسة الدولية.

في هذا السياق، يشير تقرير لـ 'إيكونوميك تايمز'، إلى أن الدين الأميركي للولايات المتحدة الأميركية يصل الآن إلى 38 تريليون دولار، أي ما يزيد عن 114 ألف دولار للمواطن الواحد ، وفي غضون شهرين فقط، قفز الدين بمقدار تريليون دولار ، وهي واحدة من أسرع الزيادات غير المرتبطة بالجائحة في التاريخ. فيما يستمر العجز في النمو، وتتزايد مدفوعات الفائدة، مما يضع البلاد على حافة الانهيار المالي.

يعتقد الكثير من الأميركيين بأن وضع الدولار كاحتياطي يحمي البلاد، لكن الحقيقة هي أنه لا يوفر سوى حماية محدودة. 

إذا شكك المستثمرون في إدارة الدين الأميركي، فقد يطالبون بعوائد أعلى على سندات الخزانة.

وتعني العوائد المرتفعة إنفاق المزيد من الأموال على الفوائد وتقليل الإنفاق على البرامج الاجتماعية أو البنية التحتية أو النمو الاقتصادي،حتى العملة القوية لا يمكنها إخفاء المخاطر الهيكلية.

ويشير التقرير إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة أدى إلى تفاقم التحديات؛ فمع تراكم الديون القديمة وإعادة تمويلها بأسعار فائدة أعلى، ارتفعت التكلفة السنوية لخدمة الدين بشكل حاد. وتقترب مدفوعات الفائدة الصافية الآن من مستويات تنافس أو تتجاوز برامج رئيسية مثل الدفاع والرعاية الطبية. ويحذر المحللون من أن هذا الاتجاه سيستمر حتى لو نما الاقتصاد بوتيرة مستقرة.

كيف ستؤثر أزمة الديون الأمريكية على الدول النامية؟

ارتفاع الديون الأمريكية بات يشكّل مصدر قلق عالمي، إذ يؤدي إلى اضطراب واضح في الأسواق المالية ورفع تكلفة الاقتراض دولياً بسبب زيادة عوائد السندات الأمريكية، ما يضع ضغوطاً كبيرة على اقتصادات الدول النامية التي تعتمد على الاقتراض بالدولار.

 كما يساهم هذا الوضع في إبطاء حركة التجارة العالمية وتقليص الاستثمارات، حيث يتجه المستثمرون نحو السندات الأمريكية باعتبارها أكثر أماناً. ويهدد استمرار تصاعد الديون الاستقرار المالي الدولي، ويثير تساؤلات حول مستقبل هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي إذا استمرت مستويات الدين في الارتفاع دون حلول واضحة.

الولايات المتحدة تواجه مؤشرات متزايدة على تعرضها لمخاطر أزمة ديون محتملة، أو على الأقل أزمة مالية ذات أبعاد مديونية معقدة.

النتيجة ليست محسومة بعد، إذ تعتمد على مسارات سياسية واقتصادية متشابكة.

كم تجاوز الدين العام؟

الدين العام الأميركي تجاوز مستوى قياسياً إلى نحو 38 تريليون دولار في العام 2025، ما جعل خدمة الدين تمثل عبئاً ثقيلاً على ميزانية الدولة، إذ تتجاوز مدفوعات الفائدة السنوية تريليون دولار، وهو ما يحدّ من قدرة الحكومة على الإنفاق في القطاعات الاجتماعية والاستثمارية الحيوية.

العجز المالي المستمر يمثل تحدياً هيكلياً، إذ تنفق الحكومة أكثر بكثير مما تجمعه من ضرائب وإيرادات، ما يضطرها إلى الاقتراض بشكل دائم، في ظل غياب إصلاح ضريبي فعّال أو خفض جوهري في النفقات.

سيناريوهات محتملة

أما عن السيناريوهات المستقبلية، تقول الصحيفة أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى تقليص الإنفاق الحكومي، ما سيؤثر على النمو الاقتصادي، أو إلى رفع الضرائب لتمويل خدمة الدين، مما قد يضغط على الطلب والاستهلاك. 

كما حذرت من احتمال حدوث اضطرابات في سوق السندات الأميركية في حال نزوح المستثمرين، وهو ما قد ينعكس على النظام المالي العالمي، نظراً للمكانة المحورية للدولار وسندات الخزانة الأميركية.

وتوضح أن أزمة الديون، إن وقعت، لن تكون بالضرورة انهياراً للدولة كما يحدث في بعض الدول النامية، بل ستكون أزمة ثقة واستدامة مالية قد تضعف قدرة الولايات المتحدة على تمويل دينها ونموها الاقتصادي، مع تأثيرات ملموسة على الأسواق العالمية، بينما تظل سندات الخزانة الأميركية من بين أكثر الأصول أماناً، مما يمنح واشنطن مساحة من المرونة المالية في الوقت الراهن.

وضع الدولار

فيما يخص الدولار، يشير تقرير لصحيفة 'وول ستريت جورنال' إلى أن 'كل ما يحول بين الولايات المتحدة وأزمة سوق الدين هو الدولار. فامتلاك العملة الاحتياطية العالمية ليس الدرع المنيع الذي يفترضه الكثيرون'.

ويضيف التقرير أن الوضع المالي في الولايات المتحدة أسوأ بكثير مما تواجهه بريطانيا، بينما يُقدّر صندوق النقد الدولي أن إجمالي دين الحكومة البريطانية سيصل إلى 95% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، بعجز قدره 4.3%.

 من المتوقع أن يكون دين الولايات المتحدة أقل بقليل من 100%، وأن يكون العجز في طريقه ليكون من أكبر عجز الموازنة في العالم المتقدم، حيث يتجاوز 7%.

ما ينقذ النظام المالي الأميركي هو مكانة الدولار كأصل عالمي وعملة تداول أساسية.

إلا أن كلا الدورين يواجه تحديات، وكلما زاد استغلال الولايات المتحدة للأجانب، زادت مخاطر بحثهم عن بدائل أخرى.

هناك أربعة تهديدات متداخلة للدولار

العرض، والصين، وسلامة الاحتياطيات، ودفع الحلفاء بعيداً.

العرض هو العامل الأهم، إذ تعاني الولايات المتحدة من عجز قياسي في ميزانها المالي في زمن السلم، بالإضافة إلى عجز متفاقم في الحساب الجاري. وتضطر أميركا إلى جذب تدفق مستمر من رأس المال الأجنبي لتمويل الحكومة والواردات، وهو وضع غير مستقر.

حولت الصين تجارتها إلى اليوان بشكل أكبر، مع أن الدولار لا يزال العملة المهيمنة في المدفوعات الدولية. وقد استبدلت الصين وروسيا ودول أخرى، بما في ذلك تركيا، بعض احتياطياتها بالذهب وسط مخاوف متزايدة من تجميد أو مصادرة واشنطن للاحتياطيات الدولارية. وبينما لم تُخفّض حكومات الدول الحليفة بشكل واضح من تعرضها للدولار، إلا أنها شعرت بالقلق من رسوم ترامب الجمركية والحديث عن فرض رسوم أحادية على الاحتياطيات المودعة في سندات الخزانة الأميركية.

كما أن تكلفة خدمة الدين أصبحت المشكلة الأعمق، إذ ارتفعت مدفوعات الفوائد السنوية إلى نحو 1.2 تريليون دولار، متجاوزة ميزانيات رئيسية مثل الدفاع والتعليم.

هذا يعد نزيفاً مالياً 'يأكل الأخضر واليابس'، خصوصاً مع اضطرار الخزانة لإعادة تمويل ديونها بأسعار فائدة مرتفعة هي الأعلى منذ سنوات.

رغم الصورة القاتمة، تستبعد الصحيفة حدوث انهيار مفاجئ، مؤكدة أن الولايات المتحدة لا تزال تمتلك 'كارت الجوكر' المتمثل في الدولار كعملة احتياطية عالمية، إضافة إلى استمرار الطلب على سندات الخزانة.

 لكنها تحذر من سيناريو التآكل البطيء الذي يهدد مكانة الدولار واستقرار النظام المالي العالمي على المدى الطويل.

وتشير إلى أن المخرج الوحيد أمام الإدارة الأميركية قد يكون القبول بتضخم أعلى بشكل متعمد فيما يُعرف بسياسة 'القمع المالي'، لتقليص القيمة الحقيقية للديون، لكن ذلك يعني عملياً تحميل المواطن الفاتورة عبر تآكل القدرة الشرائية والمدخرات.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً