نشرت وكالة سكاي نيوز تحقيقا عن الغلاء في تركيا، ونقلت الوكالة عن سردار نايف جليك، معلم بمدرسة ثانوية من مدينة غازي عنتاب، قوله إن شراء الأدوات الكهربائية والملابس والأثاث المنزلي أصبح رفاهية لعائلات المدرسين، الذين يشكلون أكبر طبقة وسطى في عموم تركيا. سردار (55 عاما) الذي قضى 30 عاما مدرسا لمادة الفيزياء في إحدى مدارس المدينة يضيف لموقع 'سكاي نيوز عربية': 'حتى الخبز الذي نستهلكه يوميا أصبح تحديا للعديد من العائلات'. وتابع: 'تحتاج الأسرة المكونة من 5 أشخاص، والدان و3 أطفال، ما لا يقل عن 10 أرغفة في اليوم الواحد، مما يعني أكثر من 600 ليرة تركية (نحو 90 دولار) شهريا، أي ما بين ثلث ونصف الحد الأدنى من الأجور'.
وتقول أستاذة الاقتصاد المالي ريحانة يلدرم لموقع 'سكاي نيوز عربية'، إنه 'لم يعد هناك شيء اسمه الطبقة الوسطى في تركيا، إما الأغنياء والأغنياء جدا أو الفقراء والفقراء جدا. نذهب إلى السوق بـ100 ليرة (حوالي 15 دولار)، وبالكاد نملأ حقيبة واحدة ونعود إلى المنزل'. وأضافت: 'لا يمكنني العثور على منتج اشتريته مقابل 10 ليرات (1.5 دولار) هذا الأسبوع'، في إشارة إلى التضخم الذي طرأ على أسعار السلع على اختلاف أنواعها.
وكان أبناء المدن الناشطون في المجالات الاقتصادية الخدمية في تركيا يشكلون الجزء الرئيسي من الطبقة الوسطى، التي كانت نسبتها تتجاوز 70 بالمئة من سكان البلاد، لكن هذه الفئة تعرضت إلى تهميش اقتصادي وسياسي خلال السنوات الأخيرة، حيث انخفض متوسط الدخل بمقدار الثلث، من 12500 دولار للفرد الواحد إلى 9300 دولار سنويا.
هذا الأمر الذي ترافق مع انحراف مؤشر عدالة توزيع الدخل القومي، فالنسبة العظمى من المواطنين الأتراك كانت تحصل على ما هو أقل بكثير من 9300 دولار سنويا، بينما تمتعت الطبقات الغنية الجديدة، المرتبطة بحزب العدالة والتنمية الحاكم، بالحصة الأكبر من الدخل. وأظهرت المعطيات الاقتصادية خلال شهر أكتوبر الماضي، أن الحكومة التركية قطعت خدمات الكهرباء والغاز عن 1.6 مليون مواطن تركي، منهم 450 ألف مواطن خسروا خدمات الغاز الطبيعي رغم برودة الطقس واقتراب فصل الشتاء، لأنهم لم يتمكنوا من دفع الفواتير المتراكمة عليهم طوال الشهور الستة الماضية، إثر انهيار أعمالهم وفقدان مصادر رزقهم. وبموازاة هذه الأوضاع المأسوية، ظلت فواتير الكهرباء والوقود ترتفع في البلاد، لتصل الزيادات إلى ما نسبته 35 بالمئة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة فقط.