كشفت وكالة "بلومبرج" الأمريكية أن العاصمة النمساوية فيينا لطالما كانت مركزا للتهريب بالنسبة لنظام كوريا الشمالية الذي يواجه عقوبات شديدة، وبوابة إلى أوروبا بالنسبة لعدد قليل من الجواسيس التي قامت بنشرهم في القارة.
إلا أنه من الممكن أن تزداد أهمية المدينة بالنسبة لبيونج يانج إذا أقنع الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، الزعيم الكوري الشمالي، بالتفكير في التراجع عن برنامجه للأسلحة النووية، حيث أنه من المحتمل أن تقوم فيينا بدور رقابي، بوصفها مقرا لأعلى هيئة رقابية نووية تابعة للأمم المتحدة، وهي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وترسم مقابلات جرت مع مسؤول استخبارات غربي بارز، لديه معرفة بشأن شبكة التجسس الخاصة بكوريا الشمالية، صورة حية من أنشطة الشبكة في أوروبا، وهي التي تتضمن وجود ما يصل إلى 10 من عملاء وزارة أمن الدولة هناك.
وأشار المسؤول، إلى أن هناك عميل واحد على الأقل يعمل بصورة منتظمة خارج فيينا.
وإلى جانب قيامهم بجمع المعلومات الأساسية، تتمثل المهمة الرئيسية للعملاء في إبقاء السفارات التابعة للنظام ودبلوماسييه، تحت المراقبة، كما يقوم العملاء بالإشراف على عمليات الشراء غير المشروعة، وإجراء التحقيقات بشأن الأشخاص المفقودين، واستعادة الكوادر الذين تم استدعاؤهم إلى الوطن.
ونقلت وكالة "بلومبرج" عن مسؤول الاستخبارات الذي طلب عدم الكشف عن هويته القول، إن النمسا تعد ركيزة أساسية لهذه الأنشطة.
وبينما كانت رحلات سفر عائلة كيم ودراسات أفرادها في سويسرا، محل نقاش منذ فترة طويلة، إلا أن علاقاتهم مع الدولة المجاورة الناطقة باللغة الالمانية، تعتبر معروفة بدرجة أقل.
وفي بعض الأحيان اليائسة، صارت العمليات التي تقوم بها كوريا الشمالية في النمسا وفي أماكن أخرى بأوروبا، أكثر حتمية بالنسبة لكيم، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه بلاده جاهده من أجل مواجهة العقوبات المفروضة عليها.
ويشار إلى أن اقتصاد كوريا الشمالية في طريقه هذا العام إلى مواجهة أكبر انكماش يتعرض له منذ أكثر من 20 عاما، بحسب إحصاءات "وكالة فيتش" للتصنيف الائتماني، حيث يرجع ذلك جزئيا إلى قرار كيم بإغلاق الحدود خلال فترة تفشي جائحة كورونا، وإضافة إلى ذلك، فقد تسببت الكوارث الطبيعية، ومن بينها الفيضانات، في محو مساحات من الأراضي الزراعية في البلاد.
وظلت النمسا لأعوام، مصدرا للمواد التي لا يمكن للنظام استيرادها بصورة قانونية، مثل المسدسات من طراز "جلوك"، وواحدة من القاطرات المعلقة (أو عربات التلفريك) التي استقلها كيم مع رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي إن، في أثناء زيارة قام بها في عام 2018، إلى منتجع تزلج في كوريا الشمالية، بحسب "بلومبرج".
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية النمساوية، إن الوكالة لا يمكنها التعليق بشأن بعض الحالات أو العمليات، لأسباب قانونية.
وأوضح المتحدث أن الوزارة التي تقوم بالإشراف على جهاز الاستخبارات الداخلي، تحقق في أي جرائم من شأنها الاضرار بالنمسا.
من ناحية أخرى، قامت متحدثة باسم المستشار النمساوي، زباستيان كورتس، بتوجيه طلب للتعليق إلى الوزارة.
ولم يتمكن شخصان قاما بالرد على الهاتف في مكالمات منفصلة أجريت إلى سفارة كوريا الشمالية في فيينا، من التعليق على الأمر، كما لم يتم الرد على رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى السفارة.
وأقر التقرير السنوي للاستخبارت في البلاد، بأن "الجهات الاستخباراتية تعمل في النمسا وفي الوقت نفسه ضد المصالح النمساوية"، بسبب شبكات الأعمال التجارية المحلية، بالإضافة إلى الوصول بسهولة إلى الاتحاد الأوروبي والمنظمات متعددة الجنسيات.
ومن الممكن أن يكون لها دور أعمق، إذا حقق بايدن نجاحا أكبر من ذلك الذي حققه الرئيس الحالي، دونالد ترامب، في إقناع كيم بالحد من ترسانته النووية، وهو من المحتمل أن يكون شرطا مسبقا، من أجل عقد لقاء وجها لوجه بينهما.
ومن شبه المؤكد أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتخذ من فيينا مقرا لها، سيكون لها دور في ضمان التزام كوريا الشمالية بأي تعهد، من خلال الكشف عن المنشآت المرتبطة بالأسلحة، أو إغلاقها.
كما ستكون هناك حاجة إلى وجود اتصال وثيق ومتكرر، للقيام بالعمل المفصل اللازم من أجل تجميد النظام النووي لكوريا الشمالية، بحسب "بلومبرج".
وكان المكتب الرئاسي الكوري الجنوبي قال في وقت سابق من نوفمبر الماضي، إن الرئيس مون جاي إن، ونظيره الأمريكي جو بايدن، اتفقا على العمل بصورة وثيقة للتوصل لحل للقضية النووية الكورية الشمالية، وذلك في أثناء محادثة هاتفية بينهما استمرت لمدة 14 دقيقة.
وأضاف كانج مين سيوك المتحدث باسم مون، أن الاخير طلب من بايدن" بالتعاون بصورة وثيقة" من أجل تطوير التحالف المأمول بين سول وواشنطن في المستقبل ونزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية وإقامة سلام دائم.
وأشار المتحدث، إلى أن بايدن أكد التزام واشنطن بشأن أمن كوريا الجنوبية، وقال إنه سوف يعمل مع سول من أجل التوصل لحل للقضية النووية الكورية الشمالية.