تعتزم الولايات المتحدة البدء في سحب قواتها من أفغانستان اعتبارا من أول أيار/مايو المقبل، وإتمام الانسحاب الكامل بحلول 11 سبتمبر، لتنهي ما يقرب من عقدين من انتشار القوات على الأرض في هذه البلاد.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن "القوات الأمريكية وكذلك القوات التي ينشرها حلفاؤنا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وشركاؤنا في العمليات ستكون خارج أفغانستان قبل أن نحيي الذكرى العشرين لهذا الهجوم الشنيع في 11 (أيلول) سبتمبر". والذي أدى إلى الغزو الأمريكي لأفغانستان.
وذكر بايدن أنه رابع رئيس للولايات المتحدة يشهد وجود القوات الأمريكية في أفغانستان، وأنه لن ينقل هذه المسؤولية إلى رئيس خامس.
وتابع: "حان الوقت لإنهاء أطول حرب خاضتها أمريكا، حان وقت عودة القوات الأمريكية إلى الوطن".
وأضاف: "لم يكن الهدف من الحرب في أفغانستان أن تكون مهمة متعددة الأجيال".
وأشار بايدن إلى أنه ورث اتفاقًا دبلوماسيًا وأنه سيبدأ الانسحاب النهائي في أول أيار/مايو ، بما يتماشى مع التزام الولايات المتحدة.
وأضاف الرئيس الأمريكي أن بلاده لن تندفع بسرعة للانسحاب، لكنها ستنسحب بمسؤولية وأمان و"بالتنسيق الكامل مع حلفائنا وشركائنا".
وقرر حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي الأربعاء أن يحذوا حذو واشنطن، والبدء في إنهاء مهمتهم في أفغانستان، وفقا لما أفادت به مصادر دبلوماسية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
وربما تسحب ألمانيا، ثانى أكبر مساهم بقوات فى مهمة الناتو بعد الولايات المتحدة ، قواتها بحلول منتصف أغسطس. وأبلغت وزيرة الدفاع الألمانية آنجريت كرامب-كارينباور المشرعين من المجموعات البرلمانية المتخصصة بتلك الخطط في مؤتمر صحفي عبر الهاتف أمس الأربعاء، حسبما قال العديد من المشاركين لـ (د.ب.أ).
واتفق التحالف الذي يضم 30 دولة على هذه الخطوة خلال اجتماع لوزراء دفاع وخارجية الدول الأعضاء عقد مساء الأربعاء.
ويوجد حاليًا حوالي 10 آلاف جندي من الناتو والدول الشريكة في أفغانستان، يدعمون الحكومة المنتخبة ديمقراطيا من خلال تدريب قوات الأمن وتقديم المشورة في الحرب ضد المتطرفين الإسلاميين مثل حركة طالبان.
وصرح الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرج، للصحفيين فى بروكسل، ومعه وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيين: "هذا ليس قرارا سهلا وينطوي على مخاطر".
وقال ستولتنبرج إن المهمة حققت هدفها الأصلي، المتمثل في الحيلولة دون أن تصبح أفغانستان ملاذا آمنا لمن يخططون لشن هجمات إرهابية دولية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إن الناتو والولايات المتحدة "سيواصلان الاستثمار في الشعب الأفغاني وقادته الذين اختارهم، ودعمهم".
وأضاف: "سنبقى على يقظة أيضا في مواجهة أى احتمال لتجدد ظهور تهديد الإرهاب في أفغانستان".
وكانت حركة طالبان قد جددت دعوتها لسحب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان في الأول من أيار/مايو المقبل، وهو الموعد المحدد فيما يطلق عليه اسم "اتفاق الدوحة" الذي أبرمته الحركة مع الولايات المتحدة العام الماضي.
وكتب متحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) :"تطلب إمارة أفغانستان الإسلامية سحب جميع القوات الأجنبية من وطننا في التاريخ المحدد في اتفاق الدوحة".
وأضاف مجاهد :"إذا تم انتهاك الاتفاق ولم تخرج القوات الأجنبية من البلاد في الموعد المحدد، من المؤكد أن تتعقد المشكلات، وهؤلاء الذين لم يمتثلوا للاتفاق سيتم تحميلهم المسؤولية".
وتابع إذا تم الالتزام بالاتفاق، فسيتم إيجاد "مسار لمعالجة القضايا المتبقية".
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد أبرم اتفاقًا مع طالبان العام الماضي ، وافق فيه على انسحاب جميع القوات الأمريكية والدولية في الأول من آيار/مايو المقبل.
في المقابل، تعهدت طالبان بقطع العلاقات مع القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى والدخول في محادثات سلام بين الأفغان ، غير أن محادثات السلام تعثرت وتركت وضع القوات الدولية دون حسم مع اقتراب الموعد النهائي للانسحاب.
وقال رئيس مجلس المصالحة الوطنية الأفغانية ، عبد الله عبد الله ، في مؤتمر صحفي الأربعاء ، إن انسحاب القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة لن ينذر بالموت لأفغانستان. وقال إن المساعدات الدولية ستستمر في أشكال أخرى.
وفي حديثه إلى طالبان ، قال إن الوقت قد حان للتوصل إلى تفاهم مشترك حول السلام بحيث "يمنع البلاد من الانزلاق في حرب مستقبلية".
ونقلت الإذاعة المحلية "طلوع نيوز" عن رئيس البرلمان الأفغاني مير رحمن رحماني قوله إن الوقت غير مناسب لانسحاب القوات الدولية.
وأضاف أن انسحاب القوات الدولية من أفغانستان "سيزيد من تدهور الوضع بل وسيؤدي إلى أندلاع حرب أهلية".
وقال أحد مفاوضي السلام الحكوميين الأفغان في الدوحة ، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ، لـ (د.ب.أ): "إنه أكثر شيء غير مسؤول وأنانية يمكن أن تفعله الولايات المتحدة بشركائها الأفغان".
وأضاف المفاوض الأفغاني إنها قد تكون نهاية الحرب بالنسبة لواشنطن ، لكن الشركاء الأفغان سيدفعون الثمن.
وقال المفاوض: "كان بإمكانهم إنهاء هذا بطريقة مسؤولة، مع التحلي بمزيد من الصبر".