اعلان

الحرب على أوكرانيا تثير انقساماً في إيران وتذكر بماضي العداء مع موسكو

 ايران
ايران
كتب : وكالات

كشفت الحرب الروسية على أوكرانيا ميل طهران إلى موسكو في السنوات الأخيرة، بعكس الشعار الذي تبنته في ثورتها عام 1979 حين رفعت شعار "لا شرقية ولا غربية"، وهي العبارة التي لا تزال مُعلقة على أبواب وزارة الخارجية الإيرانية.

لكن الحرب كشفت أيضاً عن انقسامات عميقة في السياسة الداخلية الإيرانية، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتدبرس" الأميركية، إذ يتعاطف عامة الإيرانيين بشكل كبير مع أوكرانيا، الأمة التي قامت بالثورة البرتقالية المؤيدة للديمقراطية في 2004، والتي تتشابه مع "الثورة الخضراء" التي هزت إيران قبل أكثر من 10سنوات وأُخمدت بالقوة.

واجتمعت عداوة إيران التاريخية لروسيا مع شعور سائد بين البعض بأن دعم روسيا يخون رسالة الجمهورية التي تتمثل في الوقوف ضد القوى العالمية الكبرى.

وأشارت الوكالة إلى أن محاولة روسيا اتخاذ الاتفاق النووي الإيراني رهينة في مواجهة العقوبات الغربية، لم يمر دون ملاحظة من طهران التي باتت تشعر أنها بيدق في لعبة كبيرة بدلاً من لاعب أساسي.

ففي ماضيها الإمبراطوري خاضت روسيا عدة حروب ضد بلاد فارس، والتي اضطرت للتنازل عن أراض للقيصر.

كما غزت روسيا إيران مع بريطانيا في الحرب العالمية الثانية لتأمين طرق النفط والتجارة في حربهم ضد ألمانيا، ورفضت روسيا المغادرة بعد الحرب.

وتقول "أسوشيتدبرس"، إن ذاكرة هذه الأحداث لم تختف، وأشارت الوكالة إلى أن استخدام روسيا لقاعدة إيرانية لوقت قصير خلال الحرب في سوريا، والتي دعم فيها البلدان الرئيس السوري بشار الأسد أثار غضباً واسعاً في إيران.

تعاطف شعبي

وأعرب بعض الإيرانيين عن قلقهم بشأن موقف طهران من الحرب في أوكرانيا. ووصف محسن أمين زاده، نائب وزير الخارجية السابق في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، الموقف الإيراني بأنه "سيء للغاية".

وقال أمين زاده في مقابلة مع مجلة "آینده نيغار" الشهرية الإيرانية: "ربما كان أسوأ وأكثر المواقف السلبية للدبلوماسية الإيرانية منذ عام 1979".

وذكرت "أسوشيتد برس"، إن 17 شخصاً كانوا على استعداد للحديث إليها بشأن الحرب، ورفض آخرون ذلك.

وأضافت الوكالة أن 12 شخصاً من الذين تحدثوا إليها كانوا داعمين لأوكرانيا، بينما أيد 3 منهم موقف إيران، وحصلت روسيا على تأييد اثنين.

وقالت زهرة أحمدي، وهي أم لطفلين في طهران، للوكالة: "علينا مساعدة الشعب الأوكراني المضطهد كما ندعم فلسطين واليمن، لأنهم مستهدفون من قبل القوى. قوة الإرهاب تقتل الأطفال والنساء في أوكرانيا".

وأفاد سجاد وهو مبرمج يبلغ من العمر 26 عاماً، للوكالة: "أنا أدعم أوكرانيا. الروس يقتلون الأبرياء دون سبب. لماذا يجب أن نظل صامتين؟".

ويرى عباس نجفي سائق سيارة أجرة، أن إيران يجب أن تبقى بعيدة عن الحرب. وقال: "إنها ليست حربنا، وليست مشكلتنا. نحن خاضعون للعقوبات الأميركية الآن ولا يجب أن نبحث عن المزيد من المشاكل".

انحياز إعلامي لروسيا

وفيما تنتشر المشاعر المؤيدة لإيران بين الجمهور تبنت وسائل الإعلان الرسمية خطاً آخر، إذ استخدمت قناة "برس تي في"، وهي قناة إيرانية تديرها الدولة وتصف خدمتها الإنجليزية بأنها "صوت من لا صوت لهم"، مصطلح "عملية خاصة" الذي استخدمته روسيا لوصف الأيام الأولى من الحرب.

وتضمنت القصص المنشورة على موقع القناة بشأن مقتل مدنيين في مدينة بوتشا الأوكرانيا على يد القوات الروسية عناوين تصف الوضع بأنه "هجوم وهمي" أو "استفزاز".

أسباب لغضب طهران تجاه أوكرانيا

ورجحت الوكالة أن يكون جزءاً من الغضب الإيراني تجاه أوكرانيا نابع من الانتقادات الأوكرانية لطهران والتي أعقبت إسقاط الحرس الثوري الإيراني طائرة ركاب أوكرانية في عام 2020، وهو ما أسفر عن سقوط 176 شخصاً كانوا على متنها، في حادث نفته طهران في الأيام الأولى قبل أن تقول إن قواتها ارتكبت خطأً بعد إطلاق صواريخ باليستية على قوات أميركية في العراق، رداً على اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس، قاسم سليماني.

وفي أعقاب الحادث أصبحت الانتقادات الأوكرانية أكثر مباشرة، وهو الأمر الذي أشار إليه خطيب الجمعة في طهران، كاظم صديقي، في خطبة ألقاها في مارس الماضي، بعدما بدأت روسيا حربها على أوكرانيا، إذ قال: "في قضية الطائرة، أوكرانيا أساءت التصرف ضدنا وأساءت استخدامها لدعم الولايات المتحدة".

وفيما قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن بلاده تعارض "الحرب والدمار"، ألقى باللوم على الولايات المتحدة في الصراع، وأعاد الحديث عن الشكوك التي يتشاركها مع بوتين بأن الولايات المتحدة -وليس المواطنين العاديين- تحرك "الانقلابات الملونة" التي تدعم الديمقراطية.

بيدق في حرب كبرى

وأشارت "أسوشيتد برس"، إلى أن إيران ربما تشعر الآن بأنها مجرد بطاقة في لعبة بوكر كبيرة بدلاً من كونها لاعباً على الطاولة الجيوسياسية.

وذكرت الوكالة في هذا السياق بالمطالب الروسية المفاجئة في محادثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي، والتي عرقلت المفاوضات لوهلة قبل أن تخفف روسيا من مطالبها.

لكن إيران لاحظت المخاطرة الروسية بها رغم ذلك بحسب الوكالة.

ونقلت الوكالة افتتاحية صحيفة "الجمهورية الإسلامية" الإيرانية في مارس حين قالت إن "الأمر هو أن كون بوتين ارتكب خطأ استراتيجياً وأرسل قواته إلى أوكرانيا وكونه يغرق الآن في مستنقع أوكرانيا، لا يمكن أن يكون سبباً منطقياً لروسيا لاتخاذ الاتفاق النووي رهينة".

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً