خطيب المسجد الحرام في العيد: اغتنموا ما بقى من أعماركم

 المسجد الحرام
المسجد الحرام
كتب : وكالات

أديت صباح اليوم صلاة عيد الفطر في مكة المكرمة بعد أن مّن الله على عباده بصيام وقيام شهر رمضان، حيث شهد الحرم الشريف كثافة في عدد المصلين الذين توافدوا إليهما منذ الساعات الأولى من صباح اليوم.

صلاة العيد في الحرم المكي

وأدى المصلون صلاة العيد في المسجد الحرام حيث أمَّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد الذي أوصى في خطبتة المسلمين بتقوى الله, وقال : من حسنت خصاله طاب وصاله ، ومن صاحب قرين السوء لم يسلم ، ومن لم يحفظ لسانه يندم ، ومن دخل مداخل السوء اتهم ، وأتقى الناس أحسنهم ظنا ، وأنقى الناس أصدقهم حديثا ، وأحيوا الحق بذكره ، و أميتوا الباطل بتركه ، و حسن الود مقدم على قوة الرد.

سابقوا الأجل، وأحسنوا العمل ، ولا يغرنكم طول الأمل ، اغتنموا ما بقى من أعماركم ، واتعظوا بمن مضوا من أقرانكم ، فأنتم على طريقهم سائرون ، وإلى ما صاروا إليه صائرون ، فالموت يعمكم ، والقبور تضمكم ، والقيامة تجمعكم ، والله يحكم بينكم .

واضاف: معاشر الأحبة عيدكم مبارك ، وتقبل الله منا ومنكم ، أطعتم ربكم ، وأديتم فرضكم ، وصمتم شهركم ، وتلوتم كتاب ربكم ، وقمتم ليلكم ، وتصدقتم ، واجتهدتم ، جعل الله سعيكم مشكورا ، وذنبكم مغفورا ، وزادكم فرحة وحبورا ، وبهجة وسرورا ، الله أكبر خضعت لعظمته الجباه ، والله أكبر عمرت بذكره الألسن والشفاه .

واردف يقول أيها المسلمون : الحمد لله ثم الحمد لله ها هو المسجد الحرام ، والمسجد النبوي الشريف ، ومساجد المسلمين ، ومصليات الأعياد تمتلئ بالمصلين ، والمكبرين ، والمهللين .

وبين الشيخ بن حميد انه مرت مشاهد عصيبه منعت المسلمين من الوصول إلى مساجدهم ، ذرفت الدموع بغياب المصلين، وأغلقت المساجد أمام المتعبدين المطاف بلا طائفين ، والمسعى من غير ساعين ، وأروقة الحرمين الشريفين خلت من القائمين ، والعاكفين ، والركع السجود .

وقال أيها المسلمون: الأبواب كانت مشرعة فأوصدت ، ومصاحف كريمة كانت موزعة فتدثرت ورفعت ، وفرش المساجد كانت ممدودة فطويت ، وأقدام طاهرة كانت تؤم المساجد فتوقفت ، والطرق إليها خلت وأقفرت ، وحلق العلم توقفت .

فلا الأرواح تقوى على الفراق ، ولا الأجساد تتحمل البعاد ، القلوب يغطيها الشجن ، والصدور يملأها الحزن فلله انفاس بهذه البقاع الطهارة تعلقت ، ولله مشاعر بهذه الرحاب الشريفة اختلطت .

وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام لقد حلت هذه الجائحة، فأقضت المضاجع ، وشغلت القلوب ، وأهمت الأمم ، وأرعبت البشر ولقد اتخذت دولتنا إجراءاتها واحترازاتها وإن حكمة ربنا جل شأنه قضت أن حفظ النفوس مقدم على جلال الشعائر جمعة ، وجماعة ، وأعيادا برزت في هذه الدولة المباركة أمجادها ، وتجلت ورعت كل من كان على أرضها.

فاتخذوا من أجل الأمة الإجراء الملائم ، وتعاملوا من أجل السلامة مع كل ظرف التعامل المناسب ورجالات الدولة وأجهزتها كلٌ في ميدانه : قدم ، وبذل ، وجدَّ ، واجتهد ، قدموا فأجزلوا ، وتفاونوا فأبدعوا ، فلله الحمد والمنة .

ومضي يقول ولما أذن الله برفع الغمة وارتفاع الجائحة فتحت الأبواب فابتهجت الأرواح ، وسعدت النفوس فتحت المطارات والموانيء ، لاستقبال ضيوف الرحمن من المعتمرين والحجاج والزائرين .

وواصل الشيخ بن حميد يقول معاشر المسلمين: قد علمتم أنه كان من الاحترازات في تلك الجائحة - عافانا الله وإياكم – لزوم البيوت، وتقليل النشاطات الاجتماعية ، والحد من التواصل من أجل حفظ النفوس ، وسلامة المجتمع ، وإن من أظهر مظاهر الشكر في هذه المناسبة العظيمة زيادة التواصل بين المسلمين ، وتبادل الزيارات بين الأقارب والمعارف .

واكد أن تبادل الزيارات في ديننا من أسس تكوين المجتمع المتحاب المتآلف ، وهو تجسيد لوحدة المسلمين ، وإبراز للأخوة الإسلامية ، وتأكيد لأواصر القربى الزيارات – تقرب القلوب ، وتزيل السخائم ، وتحل المشكلات ، ويتفقد الناس بعضهم بعضا ، وتصلح الأحوال ، وتدخل السرور ، وتسد الخلل ، وتجسد الأخوة وقد سئل محمد بن المنكدر رحمه الله : مابقي من لذة هذه الحياة ؟ فقال : التقاء الإخوان ، وإدخال السرور عليهم .

وبين أن الزيارات تبهج النفوس ، وتشرح الصدور ، وتجسد التعاون ، وتدعم أواصر الجماعة ، وتزيد وشائج الصلات ، تزيل الجفوة ، وتشد من الرابطة ، وتُخَفَّف بها الأحزان ، وتكسب بها العلوم والمعارف ، وتنشر أحاديث الود ، وفيها تفقد للإخوان ، وتلمس للحوائج الزيارات : ينتبه فيها الغافل ، ويتعلم منها الجاهل ، وتُرَوَّح بها عن النفوس ، فيها إرشاد ضال ، وهداية شارد ، وتذكير معرض ، وتحذير عما يشين ، وإعانة لمحتاج ، وشفاعة لطالب .

وأكد أن التباهي والمفاخرة جرت على البيوت المصائب في ديون متراكمة، وضياع للأوقات، وإهمال للأولويات ، وفتور في التواصل ، ومباهاة وتحاسد ، وحياة شاقة ، وفرقة وقطيعة ، وخسران للأصحاب ، وهجر للخلان ، وهم وغم ومن آداب الزيارة التي ينبغي أن يتحلى بها صاحب الدار حسن الضيافة ، حسب الاستطاعة ، وتأنيس الزائر ، إلى أن يغادر المنزل ومن الآداب أن يتحلى الزائر بمكارم الأخلاق من حسن المعشر ، ولطف الحديث ، وإظهار السرور ، وسعة الصدر ، والبشاشة عند اللقاء ، والبعد عن التجهم والعبوس ، ويجلس حيث يجلسه صاحب الدار ، أو حيث ينتهي به المجلس ، ولا يوقع المضيف أو الضيوف في حرج ، فيلقي ببصره هنا وهناك يريد من الناس أن يقدموه أو يصدروه وليغض بصره فلا يقلِّبْه في متاع صاحبه ، وليبتعد عن الفضول في القول أو في الفعل ، ولا يكثر من الاستفسار عن الخصوصيات ، ولا يتدخل في شؤونه الخاصة ، ولا يمد عينيه أو يديه إلى ما يخص صاحب الدار ، مما قد يرقى إلى التجسس والتحسس ، وكشف الأستار ، وفضح الأسرار ، وتتبع العورات ،فهذا – حفظكم الله - من أرذل السلوك المقطع للأرحام ، والمباعد بين الاخوان ، والناشر للجفاء بين الاصحاب والأصدقاء .

وقال أيها المسلمون : العيد عيد العافية ، لا بالتباهي ، والملابس الزاهية ، العيد عيد الشاكرين ، وليس عيد أهل الفخر والمتكبرين ، وخير لباس العيد لباس التسامح ، والصفح ، والسرور ، أما الحاقد والحاسد فهو العاري ، ولو اكتسى بالغالي والنفيس من الثياب .

وأضاف يقول أيها المسلمون - : العيد مناسبة كريمة لتصافي القلوب ، ومصالحة النفوس ، مناسبة لغسل أدران الحقد والحسد ، وإزالة أسباب العداوة والبغضاء إدخال السرور شيء هين ، تسر أخاك بكلمة أو ابتسامة أو ما تيسر من عطاء أو هدية ، تسره بإجابة دعوة أو زيارة . أين هذا ممن قل نصيبه ، ممن هو كثير الثياب قليل الثواب ، كاسي البدن عاري القلب ، ممتلئ الجيب خالي الصحيفة ، مذكور في الأرض مهجور في السماء - عياذا بالله - فافرحوا وادخلوا الفرح على كل من حولكم ، فالفرح أعلى أنواع نعيم القلب ولذته وبهجته .

التمسوا بهجة العيد في رضا ربكم ، والاقلاع عن ذنبكم ، والازدياد من صالح اعمالكم بهجة العيد في رضا الوالدين ، وحب الإخوة ، وصلة الرحم ، وإطعام المسكين ، وكسوت العارى ، وتأمين الخائف ، ورفع المظلمة ، وكفالة اليتيم ، ومساعدة المريض.

WhatsApp
Telegram