نتائج مهمة، حققتها زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية لروسيا، أمس الثلاثاء، وذلك على مستوى 4 ملفات رئيسية، ظهرت جليا في اللقاء الذي جمعه والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سان بطرسبورج.
الملفات الأربعة الرئيسية هي ملف العلاقات الشخصية بين الزعيمين، وملف العلاقات الثنائية بين البلدين، وملف الأزمة الأوكرانية، وملف الطاقة.
ورغم عدم ارتباط الملفات الأربعة ببعضها بشكل مباشر، فإن نتائج الزيارة في كل ملف كان لها أثرها على الآخر.
فالعلاقات الشخصية القوية التي تربط بين الزعيمين والتي ظهرت بشكل في مظاهر الترحيب والحفاوة المتبادلة خلال اللقاء والتي ظهرت عبر 6 لفتات، كان لها أثرها الواضح في إدارة مباحثات مفتوحة بصراحة تامة حول أكثر الأزمات التي تؤرق العالم حاليا وهي الأزمة الأوكرانية، وما نتج عن ذلك من تداعيات كان من بينها تأثير على أمن الطاقة العالمي.
أيضا سبق أن كان لتلك العلاقات القوية أثرها في توصل البلدين لتوقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية بينهما خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لروسيا في مطلع يونيو 2018، وهي الآن تساهم في تعزيز ودعم وتلك الشراكة.
حفاوة وترحيب.. 6 لفتات
منذ اللحظات الأولى للقاء الزعيمين بسانت بطرسبرج، ظهرت مدى قوة العلاقات الشخصية التي تربطهما، فحرص الرئيس الروسي على استقبال ضيفه بحفاوة بالغة، واصفا زيارته الأخيرة للإمارات في 15 أكتوبر 2019 بأنها كانت "شيئا لا ينسى".
أيضا ظهرت تلك العلاقات القوية ذلك عندما خاطب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نظيره الروسي بكلمة "صديقي".
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مخاطبا بوتين: "سعيد جدا بشوفك ( برؤيتك) صديقي فخامة الرئيس".
وكما هي عادة لقاء الأصدقاء بعد فترة طويلة، تحدث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عن طول العهد باللقاء بسبب تداعيات جائحة كورونا.
أيضا حرص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تهنئة بوتين بعيد ميلاده الذي احتفل به قبل أيام قليلة.
وهنا حرص بوتين على أن يردّ باللغة العربية على كلمات ضيفه الكبير، في دلالة عميقة على حرصه على المكانة التي يحتلها لديها ويحظى بها في بلاده، قائلا: "شكرا".
أيضا في لفتة تدل على قوة العلاقة بين الزعيمين، أهدى بوتين، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان معطفه للوقاية من برد سانت بطرسبرج، بحسب موقع "روسيا اليوم".
وأظهر مقطع فيديو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يخرج عقب لقاء بوتين وقد ارتدى معطفا، يبدو أنه للرئيس الروسي.
أيضا كان لافتا خلال اللقاء أن بوتين تخلى عن الطاولات الكبيرة التي كانت حاضرة لدى لقاءات سابقة برؤساء دول ومسؤولين، ولم يفصل بينه وبين ضيفه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، سوى أقل من متر، بعد أن وضع البروتوكول الرئاسي مقعد الرئيسين إلى جوار بعضهما.
لفتات كثيرة تضمنها اللقاء أرسلت رسائل قوية حول التقارب الوثيق بين البلدين والعلاقات القوية التي تربط الزعيمين، والمكانة الكبيرة التي يحتلها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لدى روسيا قيادة وشعبا.
العلاقات الثنائية.. آفاق واعدة
تلك اللفتات كان لها أثرها الواضح على جملة مباحثات الزعيمين في مختلف الملفات.
فعلى صعيد تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس فلاديمير بوتين مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين ، وأشارا إلى أن مستوى هذه العلاقات يشهد نمواً متسارعاً.
وأعرب الجانبان عن ارتياحهما لهذا النمو المتواصل في علاقات التعاون بين البلدين.
وأكد الرئيس الروسي أن العلاقات الثنائية مع الإمارات تتطور بنجاح.
بدوره، عبر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بلغة الأرقام عن مدى التطور الذي شهدته علاقات البلدين، مشيرا إلى أن التبادل التجاري بين البلدين تضاعف من 2.5 إلى 5 مليارات دولار.
وأشار إلى أن هذه الزيادة سجلت في ظل جائحة كورونا، لافتا إلى وجود 4 آلاف شركة روسية في دولة الإمارات.
كما بين أن عدد السياح الروس في دولة الإمارات قد وصل إلى نصف مليون سائح، فيما تم هذا العام افتتاح أول مدرسة روسية في البلاد.
مباحثات مهمة وأرقام كبيرة تنبئ بمستقبل واعد للعلاقات بين البلدين بعد هذا اللقاء.
وتعد تلك هي أول زيارة يقوم بها رئيس دولة الإمارات إلى روسيا منذ توليه مقاليد الحكم في 14 مايو الماضي.
وتعد قمتهما هي العاشرة التي تجمع الزعيمين منذ تولي بوتين رئاسة روسيا عام 2012 (الفترة الرئاسية الثالثة)، بحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية".
الأزمة الأوكرانية.. تفاؤل واسع
في سياق العلاقات الشخصية القوية بين الزعيمين والروابط الاقتصادية والسياسية المتنامية بين بلديهما، أبدى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مسعى للاضطلاع بدور في الدفع بحل سلمي للأزمة الأوكرانية.
وهو ما وجد ترحيبا كبيرا من الرئيس الروسي وإشادة منه بدور الإمارات الكبير، مؤكدا أن روسيا مهتمة باستمرارية جهود الوساطة الإماراتية.
وأشاد بدور الإمارات في الجهود لتسوية الأزمات في مختلف أنحاء العالم ، وبين أن العلاقات بين روسيا والإمارات عامل مهم للاستقرار في المنطقة.
شكر وإشادة وتقدير من بوتين لمكانة ضيفه الكبير، كان له أثره على المباحثات التي شهدت رسائل قوية من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للدفع بحل سلمي للأزمة يراعي الجوانب الإنسانية.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء سعي دولة الإمارات إلى الإسهام في تعزيز أسس السلام والاستقرار في العالم والعمل على خفض التوترات وإيجاد الحلول الدبلوماسية للأزمات التي يشهدها.
وتطرق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء إلى إمكانية استمرار الحوار بين روسيا وأوكرانيا .. فيما أكد الرئيس فلاديمير بوتين أن روسيا مهتمة باستمرارية جهود الوساطة الإماراتية.
وأطلع بوتين ضيفه الكبير تفصيلاً على الوضع في محطة زابوريجيا النووية والجهود التي يتخذها الجانب الروسي من أجل ضمان سلامة الأمن النووي، فيما أعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن متابعة دولة الامارات الوضع بشأن المحطة.
وفيما يتعلق بقيام دولة الإمارات بدور مهم في عملية تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، أكد الرئيس فلاديمير بوتين أن الجانب الروسي يقدر هذه الجهود التي تقوم بها دولة الإمارات والتي أكدت استعدادها لمواصلة جهود الوساطة.
بدوره، أطلع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس الروسي على موقف الجانب الأوكراني حول عدد من القضايا.
وأشار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أهمية الاستمرار في بذل الجهود الحثيثة للبحث عن حلول سياسية للأزمات والتوترات وإيجاد أرضية مناسبة لكل الأطراف للتحاور.
وشدد على سياسة دولة الإمارات الداعمة للسلام والاستقرار على الساحتين الإقليمية والدولية، والداعية إلى ضرورة استمرار المشاورات الجادة لحل الأزمة الأوكرانية، مهما كان مستوى صعوبتها وتعقيدها عبر الحوار والتفاوض والآليات الدبلوماسية للتوصل إلى تسوية سياسية بما يحقق السلم والأمن العالمي.
من جهته شكر بوتين رئيس دولة الإمارات على جهود الوساطة في حل القضايا الإنسانية، وأشاد بدور الإمارات في الجهود لتسوية الأزمات في مختلف أنحاء العالم، ويسن العلاقات بين روسيا والإمارات عامل مهم للاستقرار في المنطقة.
أيضا ناقش الزعيمان عدداً من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
مباحثات تبعث التفاؤل على حلحلة الأزمة الأوكرانية والتوصل لحل يقرب وجهات النظر بين أطرافها، بما يسهم في خفض التصعيد ودعم الأمن والاستقرار الدوليين.
ملف الطاقة.. رسالة هامة
أيضا ملف الطاقة الذي يعد أحد أبرز تداعيات الأزمة الأوكرانية كان حاضرا خلال مباحثات الزعيمين، وسط حرص اللقاء على التأكيد على أمن الطاقة العالمي، بعد قرار أوبك بلس خفض الإنتاج.
وأكد الرئيس الروسي أن الإجراءات التي اتخذها تحالف "أوبك بلس" تهدف لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية وأنها ليست موجهة ضد أحد.
واتفقت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها في "أوبك بلاس" على خفض في حصص إنتاجها حرصا على استقرار السوق وتحقيق مصالح المنتجين والمستهلكين، وهو القرار الذي أغضب واشنطن التي كانت تدعو إلى زيادة الإنتاج لمحاولة الحدّ من ارتفاع الأسعار..
وبموجب قرار أوبك بلس، الأربعاء الماضي، من المقرر أن ينخفض الإنتاج اليومي العالمي من النفط بحوالي 2%، بالرغم من أن ذلك يعد تخفيضا وهميا لأن أعضاء المجموعة كانوا بالفعل ينتجون أقل من الهدف المعلن.
وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان استمرار بلاده "مزوداً موثوقاً للطاقة، وداعماً لأمن الطاقة العالمي كونه العمود الفقري لتمكين النمو والتطور الاقتصادي العالمي".
وأكد بوتين خلال اللقاء أن روسيا ودولة الإمارات تعملان بشكل نشط في إطار "أوبك+" من أجل تحقيق استقرار في أسواق الطاقة العالمية، وأن تحركات المجموعة ليست موجهة ضد أي طرف.
ويأتي هذا على خلفية انتقاد الولايات المتحدة لقرار أوبك + بخفض الإمدادات بنحو 2 مليون برميل يوميا، وذلك لمنع انهيار سوق النفط العالمي عبر موازنة العرض بالطلب.