ردت إثيوبيا على البيان العربي الصادر عن القمة العربية في جدة بالسعودية، حول ملف سد النهضة معتبرة أنه ترديد لما وصفته بـ 'الخطاب العدائي المصري'، واعتبرت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيانها الذي صدر مساء أمس الاثنين، بيان قمة جدة بشأن السد، بأنه محاولات مصرية جديدة للضغط على أديس أبابا، ولكن هذه المرة عبر الجامعة العربية، مؤكدة أنها تعمل وستواصل العمل باحترام مبدأ الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل، وشددت على أن ما وصفته بمحاولات مصر للضغط على إثيوبيا باستخدام جامعة الدول العربية تعكس عدم حسن نيتها، وانتهاكها لاتفاق إعلان المبادئ الذي أبرمته مع إثيوبيا والسودان، حسب ما ذكرت 'العربية'.
إهانة للاتحاد الأفريقي
وتابع البيان أن الخارجية الإثيوبية تعتبر القرار إهانة للاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء فيه، الذين يعملون على التوصل إلى حل تفاوضي ودّي لمسألة سد النهضة'، مشيدة بالدول الأعضاء في جامعة الدول العربية التي حذرت من محاولات مصر تصعيد الأمر.
ودعت إثيوبيا، في ختام بيانها، مصر إلى التخلي عن مطالبتها غير القانونية باحتكار نهر النيل، والتفاوض بحسن نية والتوصل إلى نتيجة مرضية للجانبين.
ومن جانبه فند الخبير المصري عباس شراقي البيان الإثيوبي واصفا ما ورد فيه بالمغالطات، وقال هل كانت تنتظر إثيوبيا من الجامعة العربية تأييدها في اتخاذ قرارات أحادية، وإضرارها بالحقوق المائية لمصر والسودان حتى تصاب بخيبة أمل من القرار؟ موضحا أن مناقشة قضية سد النهضة في الجامعة العربية لا يتعارض مع الاتحاد الأفريقي أو أي منظمة دولية أخرى، وسبق أن تم مناقشة تلك القضية في مجلس الأمن، والعديد من المرات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة والجامعة العربية.
وقال الخبير المصري لـ 'العربية.نت' إن وزارة الخارجية الإثيوبية ذكرت أنه في عام 2015، وقعت مصر وإثيوبيا والسودان اتفاقية إعلان المبادئ، وذكرت أنها تنص بوضوح على أن بناء السد يجب أن يستمر إلى جانب المفاوضات حول المبادئ التوجيهية والقواعد الخاصة بـ الملء الأول وتشغيله مضيفا أنه، لاينص أي بند من البنود العشرة في اتفاق المبادئ على بناء سد النهضة إلى جانب المفاوضات، ولكنه في البند الخامس الخاص بالتعاون في الملء الأول وإدارة السد نص على ضرورة الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول والتي تشمل كافة السيناريوهات، بالتوازي مع عملية بناء السد' وكذلك بالنسبة للتشغيل.
وأضاف شراقي أن النص يربط بين الاتفاق ومواصلة البناء ولكن لم يحدث اتفاق على قواعد الملء الأول أو التشغيل حتى الآن، وكان مقرراً إجراء بعض الدراسات الفنية عن طريق المكتب الفرنسى (BRL) خلال 12 شهرا للاستعانة بها في وضع تلك القواعد والإرشادات، إلا أن إثيوبيا عرقلت عمل أي من هذه الدراسات في نوفمبر 2018 حتى الآن
ادعاء كاذب
وكشف الخبير المصري أن الخارجية الإثيوبية قالت أيضا إنه قد تم الاتفاق على تفاصيل ملء السد، بما في ذلك الحجم والمدة، من قبل خبراء الدول الثلاث، مضيفا بالقول هذا ادعاء كاذب لأن المفاوضات في واشنطن نوفمبر 2019 ونوفمبر 2020 شملت العديد من الموضوعات الفنية منها مراحل الملء الأول وصاغت أميركا والبنك الدولي الاتفاق، إلا أن إثيوبيا تغيبت يوم التوقيع مما يعني رفض جميع البنود المتفق عليها واعتبارها كأن لم تكن، فكيف يعتد بجزء منها ولا يعترف بباقي بنود الاتفاق؟
وأوضح الخبير المصري أن الخارجية الاثيوبية قالت إن بلادها ظلت تراعي مخاوف مصر والسودان طوال المفاوضات، لكن لم يتضح ذلك من خلال التخزينات الثلاثة السابقة مما أدى إلى انخفاض مياه النيل الأزرق في السودان وخروج بعض محطات مياه الشرب عن الخدمة، وتسبب في ارتباك في إدارة السدود السودانية وفي خطة الزراعة المصرية.
وقال شراقي إن البيان الإثيوبي، اختتم بأن إثيوبيا تحث مصر بالتخلي عن مطالبتها غير القانونية باحتكار نهر النيل، مستشهدة بالاتفاقات الاستعمارية البائدة والموقف القائم على العقلية الاستعمارية، وأنه يجب على مصر التفاوض بحسن نية والتوصل إلى نتيجة مرضية للجميع، ووضع الأساس للأجيال القادمة في جميع دول حوض نهر النيل لتنمية الصداقة والتعاون على أساس الاحترام المتبادل، مضيفا أن الرد على ذلك يمكن تلخيصه في أن مطالب مصر قانونية بتنفيذ قواعد القانون الدولي، والأعراف الدولية والاتفاقيات السابقة خاصة المبرمة مع إثيوبيا أعوام 1891، 1902، 1906، 1925، 1993، وأخيراً إعلان مبادئ سد النهضة 2015، وهي اتفاقيات دولية مسجلة في الأمم المتحدة، ولا يبطلها لأنها تمت في فترات استعمارية رغم أن إثيوبيا لم تكن مستعمرة في تلك السنوات.
وقال إن القيادات الإثيوبية هي التي وقعت على تلك الاتفاقيات، ومنها حديثا اتفاق 1993 الذي وقعه مبارك وزيناوى، ولا يجوز إلغاء هذه الاتفاقيات من طرف واحد، وكذلك اتفاقية 1902 التي تشمل ترسيم الحدود بين السودان وإثيوبيا وإعطاء إثيوبيا منطقة سد النهضة وهي بني شنقول'، في مقابل عدم إقامة منشآت مائية تضر مصر والسودان، لأن الإلغاء يعني عودة الأرض للسودان.
مطلب دائم
وذكر أن مصر مطلبها الدائم هو عودة المفاوضات للوصول إلى اتفاق قانوني عادل وملزم يراعي مصالح الدول الثلاث، وليس هناك إثبات أفضل من حسن نوايا مصر من التوقيع بالأحرف الأولى على صياغة اتفاق واشنطن 2020 الذ] قبلته إثيوبيا والسودان أثناء التفاوض وتراجعت إثيوبيا يوم التوقيع.
وكان بيان القمة العربية المنعقدة مؤخرا في جدة بالسعودية قد تضمن بندا أعرب عن القلق الشديد إزاء الاستمرار في الإجراءات الأحادية لملء وتشغيل السد الإثيوبي، مؤكدا أن هذه الإجراءات تخالف قواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، وخاصة اتفاق إعلان المبادئ المبرم بين مصر والسودان وإثيوبيا.
وقبل أسابيع قليلة أعلنت إثيوبيا مجددا أنها انتهت من بناء 90% من السد، وسط تصاعد الأزمة مع دولتي المصب مصر والسودان بسبب عدم التوافق على الملء والتشغيل، واتخاذ أديس أبابا قرارا أحاديا منفردا بالتصرف دون مشورة أو تنسيق مع الدولتين.
وأعلن سامح شكري وزير الخارجية، أن بلاده لن تتوجه لمجلس الأمن بشأن ملف السد وأنها ستحمي أمنها المائي وقال لوسائل إعلام مصرية إن التعنت الإثيوبي حال دون الوصول لاتفاق، وأن القيادة والمؤسسات المصرية قادرة على التعامل مع الأمر، واتخاذ إجراءات تحمي المواطن المصري والأمن المائي المصري، مؤكدا أنه غير وارد لجوء مصر لمجلس الأمن مرة أخرى في هذه المرحلة للتفاوض حول هذا الملف
وأضاف أن إثيوبيا وبأفكار شاذة تحاول تطبيق فكرة السيادة على مورد مشترك عابر للدولة، وهو أمر جعل من الصعب الوصول لاتفاق تحت هذه الظروف، مشيرا إلى أن بلاده تواصل الحديث مع الشركاء الدوليين لقدرتهم على التأثير من جانب، ولكن لن تسمح أن يتعرض شعبها لأي نوع من الأضرار