60 يوما مضت على اندلاع الصراع في السودان، بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، والذي يشهد أحداثا تجدد المخاوف من تكرار كارثة الإبادة الجماعية التي وقعت عام 2004 في دارفور، ويخيم شبح الحرب الأهلية خاصة بعد مقتل والي غرب دارفور خميس أبكر، على أيدي الدعم السريع.
وقد ثارت المخاوف على هذا النحو إثر مقتل حاكم ولاية غرب دارفور، ما يهدد بتحويل النزاع المسلح إلى حرب أهلية قد تحرق نارها البلاد بأكملها، معيدة للأذهان سيرة الصراع الدامي الطويل الذي شهدته دارفور عام 2003، وأدى لمقتل أكثر من 300 ألف ونحو مليوني لاجئ ونازح، ووجهت بسببها المحكمة الجنائية الدولية اتهامات للرئيس السابق عمر البشير، وعدد من كبار مساعديه، تهمًا تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي.
"جرائم ضد الإنسانية"
وقد أدانت أطراف عدّة مقتل والي غرب دارفور بعد توقيفه بأيدي ميليشيا الدعم السريع، وسط دعوات إلى تدخّل في الإقليم الذي حذّرت الأمم المتحدة من وقوع 'جرائم ضد الإنسانية' فيه.
وقال الجيش إن قوّات الدعم خطفت خميس أبكر وقتلته ليل الأربعاء الخميس بعد ساعات على اتهامه إيّاها بـ'تدمير' مدينة الجنينة. من جهتها، حمّلت قوّات الدعم المسؤولية عن قتله إلى 'مُتفلِّتين'.
تصعيد خطير في النزاع
ويُمثل قتل أبكر تصعيدا في النزاع الذي اندلع في 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وميليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ويتزامن مع تحذيرات متزايدة بتدهور الأوضاع في إقليم دارفور الذي عانى خلال عقدين نزاعا داميا، خصوصا في الجنينة، مركز غرب دارفور، إحدى الولايات الخمس للإقليم الواقع بغرب السودان عند الحدود مع تشاد.
وأدان البرهان 'الهجوم الغادر'، معتبرا في بيان أن ما تنفّذه قوات الدعم 'من قتل وسلب ونهب وترويع للمواطنين واستهداف للمنشآت الخدمية والتنموية بمدينة الجنينة، يعكس مدى الفظائع التي تقوم بها القوّات المتمرّدة ضد الأبرياء العزّل'.
قتلوه وأدانوا الجريمة
والغريب أن ميليشيا قوات الدعم أدانت مقتل أبكر، مؤكدة أنّه جرى 'على أيدي متفلّتين... على خلفية الصراع القبلي المحتدم بالولاية'.
وقالت إن مجموعة من 'أحد المكوّنات القبليّة' دهمت مقر أبكر، ما دفعه إلى طلب 'الحماية من قوات الدعم السريع' التي قامت 'بتخليصه... وإحضاره لمقر حكومي'، إلا أن 'المتفلّتين دهموا المكان بأعداد كبيرة' واشتبكوا مع عناصر قوّات الدعم 'ما أدى لخروج الأوضاع عن السيطرة'.
ودعت إلى 'تشكيل لجنة تحقيق مستقلّة للتقصّي حول الأحداث التي وقعت بالولاية وأدّت لمقتل الوالي ومئات المواطنين'.
الأمم المتحدة: الدعم مسؤولة عن "العمل الشنيع"
غير أنّ الأمم المتحدة حمّلت قوّات الدعم مسؤوليّة 'العمل الشنيع'.. وقالت بعثة المنظّمة في بيان: 'تنسب إفادات شهود عيان مُقنعة هذا الفعل إلى الميليشيات العربيّة وقوّات الدعم السريع'، داعيةً إلى 'تقديم الجناة بسرعة إلى العدالة وإلى عدم توسيع دائرة العنف في المنطقة بشكل أكبر'.
"سكان دارفور يعيشون كابوسا"
وفي نيويورك، اعتبر مسؤول الشؤون الإنسانيّة في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، أنّ إقليم دارفور الذي يعيش سكّانه 'كابوسًا' بسبب الحرب في السودان التي دخلت شهرها الثالث، يتّجه نحو 'كارثة إنسانيّة' جديدة على العالم منعها.
وقال جريفيث في بيان إنّ إقليم 'دارفور يتّجه سريعًا نحو كارثة إنسانيّة. لا يمكن للعالم أن يسمح بحصول ذلك مرّةً جديدة'.
من جهتها، ندّدت واشنطن بشدّة بـ'أعمال العنف المروّعة' في السودان، قائلة إنّ التقارير عن انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها قوّات الدعم السريع 'موثوقة'. وقال متحدّث باسم الخارجيّة الأميركيّة إنّ ثمّة 'ضحايا وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان قد اتّهموا بشكل موثوق جنود قوّات الدعم السريع ومجموعات مسلّحة متحالفة معها، بارتكاب عمليّات اغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي على صلة بالنزاع'.