أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن تمكين الشباب والمواهب العربية الصاعدة أفضل استثمار في مستقبل الأمة، لافتا إلى أن تنمية مهارات التواصل مع الآخر، وكشف الرسائل المتطرفة وتعزيز التسامح، تعد ضرورة أساسية من ضرورات التعايش الحضاري والسلمي بين الثقافات.
بناء جسور التواصل والتفاهم بين الشعوب
جاء ذلك في كلمة الأمين العام للجامعة العربية خلال مؤتمر 'الثقافة الإعلامية والمعلوماتية والتفاهم العالمي: السلام للجميع' الذي انطلقت أعماله اليوم الاثنين بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وقال أبو الغيط إنه من دواعي سروري أن أشارككم افتتاح هذا المؤتمر الهام الذي يقام تحت شعار 'السلام للجميع'، كما يسعدني أن ألتقى هذا التجمع الفريد من الخبرات المتنوعة، التي جاءت لتسهم في بناء جسور التواصل والتفاهم بين الشعوب.
تحقيق السلام العالمي
وأضاف: أننا نجتمع اليوم للتأكيد على أهمية الثقافة الإعلامية والمعلوماتية كأساس لتحقيق السلام العالمي وتعزيز التفاهم والتسامح بين الشعوب.
وأشار إلى أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها، سهل وصول الأخبار والأفكار، سواء كانت معتدلة أو متطرفة إلى الجميع، بل إن الدراسات تشير إلى أن الأفكار المتطرفة والحدية تنتشر على نحو أسرع وعلى نطاق أوسع، ولأجل هذا فإن الاهتمام بتكوين ثقافة معلوماتية لدى الأفراد لتمكينهم من التعامل مع هذا السيل المعلوماتي المستمر صار مطلبًا رئيسيًا وملحًا.
وأبرز أبو الغيط أن الثقافة المعلوماتية ترتكز في تشكيلها على التعليم لأن التعليم الجيد هو الذي يساعد في تكوين العقل الناقد القادر على تمييز المعلومات المضللة والشائعات الموجهة.
المعلومات المغلوطة والزائفة
وأوضح أن رسالة هذا المؤتمر تنطوي على أهمية كبيرة لأنها تخاطب أزمة العصر، حيث لم يعد ممكنًا التمييز بسهولة بين التضليل أو المعلومات المغلوطة والزائفة من جهة، وبين الحقيقة الموثقة من ناحية أخرى، ويظل حائط الصد الأهم هو التعليم الذي يعزز الدراية الإعلامية لدى المواطن، ويبتعد به عن الوقوع في حبائل الرسائل المتطرفة أو تلك التي تحض على الكراهية.
وذكر الأمين العام للجامعة العربية أن جوهر ثقافة التسامح هو قبول الآخر وتقبل الأفكار وطرائق الحياة المغايرة، وإذا كان التطرف والغلو يتغذى في الأساس على الجهل، فإن التسامح يزدهر بالمعرفة.
وتابع أنه يقع على عاتق المؤسسات الدينية والإعلامية بالذات دحض خطاب الكراهية.. فالدين يمثل عماد المنظومة القيمية لدى الفرد، وهو يشكل المنظور الذي يرى العالم من خلاله منذ سنوات التنشئة الأولى.. وإذا ارتكز الخطاب على قيم احترام العقائد الأخرى والأفكار المغايرة، سادت هذه القيم في الثقافة السائدة وتبناها المجتمع، أما إذا تمحور هذا الخطاب حول تمجيد الذات وإلغاء الآخر، فإن ثقافة المجتمع كله يكون طابعها التطرف والانغلاق.
تطوير مهارات التفكير
ونوه إلى أن التراث الديني في مصر هو تراث متسامح في منطلقاته الأساسية، لا يحقر الآخر، بل ينفتح على الثقافات والحضارات، وهو أيضًا تراث نادر في التعايش الممتد لمئات السنين.
وأعرب عن أمله إلى السعي لتطوير مهارات التفكير النقدي لدى الشباب لتمكينهم من التعامل مع وسائل الإعلام بشكل إيجابي ومسؤول.
وشدد على أن الجامعة العربية منظومة متكاملة تهتم ليس فقط بالعمل السياسي ولكن أيضًا بتكوين الكفاءات العربية، وما تقوم به الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري هو إسهام مهم في هذا الاتجاه.
وأكد سعي الأمانة العامة لإقامة جسور التواصل والتفاعل بين الحضارات المختلفة بما يحول دون سوء التفاهم أو المواجهة، وذلك من خلال التعاون مع منظمات عربية ودولية في هذا المجال، كما تولي الأمانة العامة اهتمامًا خاصًا لمسألة التصدي لكافة مظاهر وأشكال التمييز العنصري والتحريض على العنف بسبب العرق أو الدين، حيث قامت بإعداد الخطة الاستراتيجية العربية الموحدة لتحالف الحضارات بهدف تعزيز التواصل بين الحضارات المختلفة، والاستخدام الأمثل للطاقات البشرية لتحقيق الأهداف المشتركة للدول العربية في مجال تحالف الحضارات، وتسليط الضوء على القضية الفلسطينية باعتبارها ذروة تجسيد العنصرية في زماننا، وجاري حاليًا تحديث برامج الاستراتيجية لفترة زمنية جديدة، لتتواءم مع المستجدات العالمية.