في إشارة ذات دلالات عقائدية وسياسية عميقة، رُفعت 'راية الانتقام الحمراء' فوق قبة مسجد جمكران بمدينة قم، جنوب العاصمة طهران، اليوم، في أعقاب 'هجوم إسرائيلي واسع النطاق' استهدف منشآت نووية وقادة عسكريين وعلماء إيرانيين. ويُنظر إلى هذا الإجراء على نطاق واسع كإعلان ضمني من إيران بقرب الرد على 'العدوان'.
وتُعد الراية الحمراء رمزًا قويًا في الثقافة الشيعية الإيرانية، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بفكرة 'الثأر للدماء المظلومة'، خاصة دماء الإمام الحسين وأهل بيته. وفي السياق المعاصر، تُرفع كإشارة إلى قرب الانتقام العسكري أو إعلان 'حالة طوارئ روحية وشعبية'.
وتزداد رمزية رفع الراية كونها نادرًا ما تُرفع، وتحديدًا فوق مسجد جمكران الذي يرتبط في المخيال الشيعي بظهور الإمام المهدي المنتظر. ويُفسر هذا المشهد بأنه يتجاوز مجرد رد الفعل العاطفي، ليصبح رسالة استراتيجية توحي بأن 'الثأر قادم' وأن الدولة في طور الإعداد للرد. وقد تم بث لحظة رفع الراية عبر قنوات رسمية وشبه رسمية، وسط مراسم دينية شارك فيها عدد من رجال الدين والحرس الثوري. وتخللت المراسم تلاوة آيات قرآنية وشعارات مناهضة لإسرائيل، في مشهد أعاد إلى الأذهان أحداثًا مماثلة أعقبت اغتيال اللواء قاسم سليماني في عام 2020.
مقتل ستة علماء نوويين
يأتي هذا التطور بعد أن شنت إسرائيل، فجر الجمعة، 'هجومًا واسعًا' أطلقت عليه اسم 'الأسد الصاعد' بأكثر من 200 مقاتلة، استهدف خلاله منشآت نووية في مناطق مختلفة واغتال قادة عسكريين وعلماء، وفقًا للتقارير الإسرائيلية والإيرانية. وبحسب وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء، أسفر الهجوم عن مقتل ستة علماء نوويين، وهم عبد الحميد منوشهر، وأحمد رضا ذو الفقاري، وأمير حسين فقهي، ومطلب زاده، ومحمد مهدي طهرانجي، وفريدون عباسي.
من جانبه، صرح الجيش الإسرائيلي أن الهجوم جاء 'بتوجيهات من المستوى السياسي' كـ'هجوم استباقي دقيق ومتكامل لضرب البرنامج النووي الإيراني'. وأضاف أن 'عشرات الطائرات الحربية استكملت ضربة افتتاحية طالت عشرات الأهداف العسكرية التابعة للنظام الإيراني ومن بينها أهداف نووية في مناطق مختلفة من إيران'.
وفي السياق ذاته، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن 'هدف العملية غير المسبوقة هو ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية ومصانع الصواريخ الباليستية والعديد من القدرات العسكرية'.
في المقابل، توعد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في رسالة وجهها إلى شعبه، إسرائيل بـ'عقاب صارم' ردًا على الهجمات.
وتتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ودول أخرى، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تؤكد طهران أن برنامجها النووي مصمم لأغراض سلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء. وتُعد إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية.
وقد أدان هذا 'العدوان الإسرائيلي' دول عربية وإسلامية وغربية. وليست هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها إيران الرمزية الدينية في سياق سياسي وأمني، حيث رُفعت الراية ذاتها بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني في عام 2020، ما أعقبه هجوم صاروخي على قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق.