تشهد العاصمة السورية دمشق اليوم الأربعاء، التاسع من تموز/يوليو 2025، اجتماعًا سياسيًا بالغ الأهمية يجمع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد 'قوات سوريا الديمقراطية' (قسد) مظلوم عبدي، بحضور لافت من المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك وممثل وزارة الخارجية الأميركية في منطقة شرق الفرات. هذا اللقاء، الذي يُعقد في قصر الشعب، يأتي في سياق جهود دبلوماسية مكثفة تقودها واشنطن وبعض الدول الأوروبية، ويهدف بشكل رئيسي إلى إزالة العقبات أمام تطبيق 'اتفاق آذار' المبرم بين الطرفين قبل أربعة أشهر.
أجندة اللقاء: أربعة ملفات رئيسية على الطاولة
وفقًا لمصدر كردي مطلع، تركز المباحثات على أربعة ملفات رئيسية حاسمة لمستقبل سوريا:
شكل الدولة السورية: مناقشة الهيكل المستقبلي للدولة السورية وشكل العلاقة بين 'الإدارة الذاتية' والحكومة في دمشق.
ملف الاقتصاد: بحث القضايا الاقتصادية المتعلقة بالمناطق الخاضعة لسيطرة 'قسد'.
القوة العسكرية: التباحث حول مستقبل القوات العسكرية ودمجها ضمن الإطار الوطني.
تعديلات على اتفاق آذار: استكمال تطبيق اتفاق 10 آذار 2025، مع إدخال تعديلات على بعض البنود بناءً على طلب 'قسد' وبالتنسيق مع واشنطن، خاصة فيما يتعلق بفترة التطبيق المحددة حتى نهاية العام الحالي.
سياق الاتفاق السابق والتحديات الراهنة
الاجتماع الحالي هو متابعة للاتفاق الذي وُقّع بين الرئيس الشرع ومظلوم عبدي في العاشر من آذار/مارس الماضي. تضمن الاتفاق بنودًا محورية مثل دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز. كما نص على اعتبار المكون الكردي 'جزءًا أصيلًا من الدولة السورية' وضمان حقوقه الدستورية الكاملة، مع التأكيد على رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية.إلا أن مسار تنفيذ الاتفاق واجه تحديات كبيرة. فقد وجهت 'الإدارة الذاتية' انتقادات للإدارة السورية على خلفية الإعلان الدستوري وتشكيل حكومة اعتبرتها 'لا تعكس التنوع'. كما طالبت قوى كردية سورية الشهر الماضي بدولة 'ديمقراطية لامركزية'، وهو ما ردت عليه دمشق بتأكيد رفضها 'محاولات فرض واقع تقسيمي'. هذه التباينات تشير إلى أن الطريق نحو التطبيق الكامل للاتفاق لا يزال محفوفًا بالصعوبات.
تؤكد المصادر أن الولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًا في هذه المفاوضات، حيث يهدف المبعوث الأميركي إلى تيسير الحوار ومنع أي تصعيد ميداني. ومن المزمع أن تنضم فرنسا أيضًا إلى جانب الولايات المتحدة في رعاية تطبيق بنود الاتفاق، مما يعكس اهتمامًا دوليًا متزايدًا بتحقيق استقرار في سوريا. بالإضافة إلى اتفاق آذار، من المقرر أن يناقش المبعوث الأميركي ملفات التعاون بين 'التحالف الدولي' و'قسد' مع الحكومة السورية في إطار مكافحة تنظيم 'داعش' في سوريا.
تحولات إقليمية متزامنة
يتزامن هذا الاجتماع المهم في دمشق مع تطورات إقليمية لافتة. فقد أفادت وسائل إعلام كردية بوصول وفد تركي إلى العاصمة دمشق اليوم. والأكثر إثارة للانتباه هو الظهور المفاجئ لزعيم 'حزب العمال الكردستاني – PKK' عبد الله أوجلان في كلمة مصورة هي الأولى له منذ 26 عامًا، أعلن خلالها إنهاء 'الكفاح المسلح' ضد الدولة التركية، داعيًا أنصاره وجميع القوى الكردية إلى تبني 'السياسة الديمقراطية' كخيار استراتيجي بديل. هذه التطورات قد يكون لها تداعيات كبيرة على المشهد الكردي في المنطقة وعلى العلاقات التركية-السورية.
آفاق المستقبل
يبقى السؤال المطروح هو مدى قدرة هذه الاجتماعات على تجاوز الخلافات العالقة وتحقيق تقدم ملموس في تطبيق اتفاق آذار. إن الأطراف المعنية، بدعم ورعاية أميركية وفرنسية، تسعى إلى إيجاد صيغة تضمن استقرار المناطق الشرقية من سوريا وتحقيق توافق وطني يخدم مصالح جميع المكونات السورية. فهل ستنجح قمة دمشق في فتح صفحة جديدة نحو حل سياسي شامل؟