على الرغم من الإنجازات العسكرية الإسرائيلية الظاهرية، يسود انطباع متزايد بين الإسرائيليين بأنهم يتجهون نحو هزيمة شاملة، ليس فقط على الصعيد العسكري، بل من خلال انهيار وشيك لقيم المجتمع الحر. ويرى مراقبون أن هذا الانهيار يأتي في مواجهة صعود مجتمع مسيحاني أصولي يهدد بتدمير الدولة من الداخل. وفي خضم ما يوصف بأطول وأصعب حرب في تاريخهم، يشعر الكثيرون بأنهم سيستيقظون على واقع مختلف، غامض ومخيف.
تحذيرات من تدمير ممنهج للأسس الديمقراطية
أكدت الصحفية "فار لي شاحار"، عضو اللجنة التنفيذية لحركة "قادة أمن إسرائيل" واللجنة التوجيهية لمنتدى منظمات السلام، أن "الأسس التي تأسست عليها الدولة تتعرض للتدمير بشكل ممنهج ومتعمد". وأضافت في مقال نشرته منصة "زمان إسرائيل" أن "بينما يقاتل الإسرائيليون خارج حدودها للقدرة على مواصلة العيش فيها، تأتي عصابة الظلام، متحدة في تحالف أصولي، وتهدد، قانونًا بعد قانون، بإسقاط نظام استبدادي فاسد على رؤوسنا".
وأشارت شاحار إلى أن هذا التحالف يقف وراء قرارات ومشاريع قوانين تهدف إلى إنقاذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من المحاكمة الجارية ضده بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة. ومن الأمثلة على ذلك، مشروع قانون يمنع إنشاء لجنة تحقيق حكومية للتحقيق في هجوم السابع من أكتوبر، والذي يعتبر استمرارًا للتحقيق في قضية الغواصات، مما قد يكون له آثار كبيرة على أمن الدولة وبناء قوة الجيش.
تشريعات مثيرة للجدل وحماية المسؤولين
كما تطرقت الصحفية إلى مشروع قانون يهدف إلى توفير الحماية لمستشار نتنياهو، إيلي فيلدشتاين، الذي قام بتسريب وثائق سرية خلال الحرب وتلقى أموالًا من قطر أثناء عمله. وتصف شاحار هذه التحركات بأنها جزء من جهود التحالف الأصولي لبناء بنية تحتية لإنشاء ما أسمته "دولة الشريعة الهالاخاه"، متوقعة أن يصل الأمر إلى حد الالتزام بارتداء الحجاب بشكل رسمي.
وفي سياق متصل، يواصل وزير القضاء معركته ضد المستشارة القانونية للحكومة، التي وصفتها شاحار بأنها "الوحيدة التي تفصل الظلام عن النور"، بهدف تمرير قرار إقالتها بأغلبية 75% من أعضاء الحكومة، ثم السعي لتقسيم دورها. وتجري أيضًا محاولات لتوسيع حصانة أعضاء الكنيست بدعم من 90 عضوًا، مع قرار بفصل المستشارين القانونيين المخضرمين من مناصبهم الحكومية خلال 90 يومًا، وإضعاف نقابة المحامين.
قيود على الحريات الصحفية والشخصية
أشارت شاحار إلى أن هذا الائتلاف لا يتوقف عن الإضرار بالصحفيين من خلال قرارات عشوائية مثل فرض القيود على المراسلين الأجانب. وهناك المزيد من مشاريع القوانين التي كانت تبدو وهمية في الماضي، لكنها أصبحت أكثر عملية بمرور الوقت. ومما يؤكد تدهور الحريات، اعتقال أشخاص لمجرد ارتدائهم قبعة مكتوب عليها "الديمقراطية"، واحتجاز أفراد لمجرد وقوفهم قرب منزل وزير أو عضو في الكنيست.
انقسام اجتماعي عميق يهدد النسيج الوطني
ترى شاحار أن هذه المؤشرات دليل على أن الإسرائيليين يعيشون في خضم انقسام اجتماعي عميق واستقطاب إشكالي يمتد من الساحة السياسية إلى مختلف مناحي حياتهم. ولهذه التداعيات الاجتماعية والاقتصادية، التي قد تضعف نسيج العلاقات بين مؤيدي الأحزاب المختلفة، حتى داخل الأسرة الواحدة.
وختمت الصحفية بالقول إن "كل هذه المظاهر تمثل أحد أعمق التهديدات للدولة من الداخل، بسبب تعمق المشاعر السلبية في الساحة السياسية، وضعف التزام الجمهور بالمعايير، وزادت كراهية الناخبين للحزب المعارض، وزاد تمسكهم بالحزب المفضل لديهم، حتى عندما يدركون أنه يهدد الدولة".