ads
ads

تحليل تحليلي: قمة مرتقبة ومخاوف أوروبية من انفراج "متساهل" مع موسكو

ترامب
ترامب

يشهد المشهد السياسي والدبلوماسي الأوروبي حراكًا مكثفًا قبيل القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والمقرر عقدها يوم الجمعة في مدينة أنكوريج بألاسكا. تأتي هذه القمة الأولى بين الرئيسين منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض لتثير قلقًا عميقًا لدى القادة الأوروبيين، الذين يخشون من أن يتوصل ترامب إلى اتفاق ثنائي مع بوتين يتجاهل مصالح أوكرانيا وأوروبا. وقد دفع هذا القلق القادة الأوروبيين إلى عقد سلسلة من الاجتماعات والقمم المكثفة لمحاولة التأثير على موقف ترامب قبل لقائه ببوتين.

ثلاث قمم أوروبية لمواجهة "اندفاعة" ترامب

تتوج الجهود الأوروبية يوم الأربعاء بسلسلة من ثلاث قمم مهمة، اثنتان منها افتراضيتان، تهدف إلى توحيد الصفوف الأوروبية وبلورة موقف موحد وواضح قبل قمة ألاسكا. وتتضمن هذه القمم ما يلي:

قمة "تحالف الراغبين": بدعوة من الرئيس الفرنسي، والمستشار الألماني، ورئيس الوزراء البريطاني، ستجمع هذه القمة قادة نحو 30 دولة. يهدف هذا التحالف، الذي شُكّل لدعم أوكرانيا، إلى مناقشة "الضمانات الأمنية" التي تطلبها كييف كشرط لأي اتفاق سلام. وتشمل هذه الضمانات نشر قوات أوروبية، وربما غير أوروبية، على الأراضي الأوكرانية لردع أي عدوان روسي مستقبلي.

قمة القادة الأوروبيين والحلف الأطلسي: ستُركز هذه القمة على مناقشة الضمانات الأمنية لأوكرانيا، بالإضافة إلى النظر في طموحات موسكو للسيطرة على المناطق التي تحتلها حاليًا.

القمة الأهم مع ترامب: تُعد هذه القمة الافتراضية، بمبادرة من المستشار الألماني فريدريش ميرتس، هي الأكثر أهمية. ستضم ستة من القادة الأوروبيين الأكثر انخراطًا في الصراع (ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وبولندا، وإيطاليا، وفنلندا)، بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ومشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ويكمن الهدف الاستراتيجي لهذه القمة في إبلاغ ترامب بالخطوط الحمراء الأوروبية، ومحاولة فهم توقعاته من لقائه مع بوتين.

هواجس أوروبية من صفقة ثنائية

تتمحور المخاوف الأوروبية حول عدة نقاط رئيسية، في مقدمتها خشية القادة الأوروبيين من أن يتوصل ترامب وبوتين إلى صفقة ثنائية قد تقوض المصالح الأوكرانية والأوروبية. ويخشى الأوروبيون بشكل خاص أن يعترف ترامب بالمكاسب التي حققتها روسيا ميدانيًا، بما في ذلك التنازل عن شبه جزيرة القرم ومناطق أخرى من دونباس وخيرسون وزابوريجيا. وقد عبّر ترامب في السابق عن تأييده لمبدأ "تبادل الأراضي"، وهو ما يثير حفيظة الأوروبيين وزيلينسكي.

كما يسعى الأوروبيون إلى تحقيق هدفين أساسيين:

تحذير ترامب من خداع بوتين: يهدف الأوروبيون إلى تحذير ترامب من أن بوتين شخصية "لا يمكن الوثوق بها"، وأن أي سلام يجب أن يُبنى "مع أوكرانيا، لا أن يُفرض عليها"، كما أكد كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، في إشارة إلى ضرورة أن يتمتع مستقبل أوكرانيا بالحرية والسيادة وتقرير المصير.

تجنب التهميش: يخشى الأوروبيون من أن يتم تهميشهم وإقصاؤهم من المحادثات الحاسمة التي ستشكل مستقبل القارة. وقد وصلت هذه الرسالة إلى البيت الأبيض، حيث أعلن ترامب أنه "سيطلع" الأوروبيين وزيلينسكي على نتائج القمة.

بالإضافة إلى ذلك، يرغب الأوروبيون في معرفة موقف ترامب من الضمانات الأمنية لأوكرانيا. فالدول الرئيسية في "تحالف الراغبين"، مثل بولندا وألمانيا وبريطانيا، تربط مشاركتها في قوة محتملة على الأراضي الأوكرانية بالحصول على ضمانات أمريكية، وهو ما لم يلتزم به ترامب حتى الآن.

تحليل إخباري: فرص النجاح المحدودة لمفاوضات ألاسكا

على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة، يرى العديد من المحللين أن فرص نجاح قمة ألاسكا "محدودة" ونتائجها "غير مضمونة". يأتي هذا التخوف ليس فقط من القادة الأوروبيين، بل حتى من تصريحات الرئيس ترامب نفسه، الذي تحدث عن توقع "محادثات بناءة"، ولكنه في الوقت نفسه لم يخفِ قلقه من الوصول إلى طريق مسدود إذا رفضت أوكرانيا التنازل عن الأراضي التي تحتلها روسيا.

هذا الموقف الأوروبي الموحد والمكثف يهدف في المقام الأول إلى إرسال رسالة واضحة للرئيس ترامب مفادها أن أي اتفاق مع روسيا يجب أن يأخذ في الاعتبار المصالح الأوكرانية والأوروبية، وأن أي حل لا يحترم سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها سيكون مرفوضًا. فهل ستنجح هذه الضغوط الأوروبية في "لجم" اندفاعة ترامب نحو صفقة سريعة مع بوتين؟ هذا ما ستكشف عنه قمة ألاسكا.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً