ads
ads

نتنياهو يطمئن الدروز بشأن الاتفاق الأمني مع دمشق ( تحليل إخباري )

بنيامين نتنياهو في سوريا
بنيامين نتنياهو في سوريا

تل أبيب، إسرائيل - في خطوة ذات دلالات سياسية وأمنية عميقة، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية الشيخ موفق طريف في قرية جولس بالجليل الأعلى. جاءت هذه الزيارة في خضم استعدادات إسرائيل لتوقيع اتفاقية تفاهم أمني مع حكومة أحمد الشرع في سوريا، وبعد يوم واحد من تنفيذ عمليات عسكرية إسرائيلية مكثفة جنوبي دمشق.

اللقاء الذي عُقد في ما وُصف بـ"غرفة عمليات" أقامها ضباط دروز في الجيش الإسرائيلي، هدف إلى طمأنة أبناء الطائفة بأن التفاهمات مع حكومة دمشق لن تكون على حسابهم. بحسب ما أفادت به المصادر، فقد كان الغرض الرئيسي من هذه الغرفة هو تنسيق إرسال مقاتلين وأسلحة ومساعدات إنسانية إلى منطقة السويداء في سوريا خلال الشهرين الماضيين، مما يعكس مستوى التنسيق والالتزام الإسرائيلي بدعم الدروز هناك.

وخلال اللقاء، أشار نتنياهو إلى العمليات العسكرية التي نفذتها إسرائيل جنوبي دمشق مؤخراً، والتي تضمنت غارات جوية وإنزالاً برياً. هذه العمليات، التي وصفتها وسائل الإعلام الرسمية السورية بأنها استهدفت تدمير أجهزة تنصت إسرائيلية، تباهى بها نتنياهو كجزء من جهود إسرائيل للحفاظ على مصالحها الأمنية. كما ألمح وزير الدفاع يسرائيل كاتس إلى استمرار العمليات على كل الجبهات.

مخاوف درزية ووعود إسرائيلية

تأتي زيارة نتنياهو للمرة الثالثة خلال شهرين في ظل اعتراضات درزية متزايدة على التفاهمات الأمنية المحتملة مع حكومة الشرع. وقد أبدى نتنياهو تعاطفاً واضحاً مع دروز سوريا، مشيراً إلى "المذابح" التي تعرضوا لها في السويداء، مؤكداً أنه يعمل على إيصال قضيتهم إلى صانعي القرار الدوليين. كان لافتاً وجود لافتة في غرفة الاجتماع تحمل صورة الرئيس السوري أحمد الشرع مع أطفال دروز قُتلوا في السويداء، وعليها عبارة "إن دم الأطفال على يد الشرع"، ما يعكس حساسية الموقف وتعقيداته.

كما كشفت مصادر عن توقف المحادثات الأمنية بين إسرائيل ودمشق مؤقتاً بسبب ملف جبل الشيخ وتدخلات خارجية. وتصر إسرائيل على الاحتفاظ بوجودها العسكري في أعلى نقطة بجبل الشيخ، بينما ترفض دمشق فتح ممر إنساني إلى السويداء. وتتضمن الترتيبات الأمنية نزع سلاح الجنوب السوري بالكامل. وعلى الرغم من أن إسرائيل قد درست إمكانية التنازل عن مزارع شبعا وجبل الشيخ مقابل التوقف عن المطالبة بالسيادة على الجولان، إلا أن نتنياهو نفى هذا الأمر بشكل قاطع.

تحليل إخباري: رسائل نتنياهو المتعددة ومسار التفاوض المعقد

زيارة بنيامين نتنياهو للزعيم الروحي للطائفة الدرزية ليست مجرد لقاء بروتوكولي، بل هي خطوة استراتيجية تحمل رسائل متعددة الأبعاد. فمن ناحية، يسعى نتنياهو إلى طمأنة الدروز في إسرائيل وخارجها، الذين يمثلون حليفاً تاريخياً للدولة العبرية، بأن مصالحهم لن تُهمل في أي اتفاق مع الحكومة السورية. إن رفع أعلام الدعم للمقاتلين الدروز في السويداء، والتبجح بالعمليات العسكرية ضد دمشق، يهدف إلى تعزيز الثقة بين الطرفين وإظهار أن إسرائيل لا تزال قادرة على حماية حلفائها.

هذه الزيارة تكشف أيضاً عن التعقيد الشديد في مسار التفاوض بين إسرائيل وسوريا. فبينما تتجه المحادثات نحو اتفاق أمني لخفض التصعيد، تقف العقبات الجغرافية والسياسية عائقاً أمام تقدمها. فتمسك إسرائيل بالبقاء في جبل الشيخ ورفض دمشق للوجود العسكري الإسرائيلي فيه يمثل نقطة خلاف رئيسية. كما أن رفض دمشق فتح ممر إنساني للسويداء يبرز عدم الثقة العميق بين الطرفين.

إن ربط نتنياهو لمفاوضات السلام المحتملة مع "اتفاقيات أبراهام" يوضح رؤية إسرائيل المستقبلية، التي تهدف إلى دمج سوريا في تحالف إقليمي يضم دولاً عربية أخرى، دون التنازل عن الأراضي المحتلة. لكن رفض سوريا التخلي عن مطالبها بالجولان يؤكد أن أي تسوية نهائية ما زالت بعيدة المنال.

في الختام، يبدو أن نتنياهو يوازن بين مسارين متوازيين: التفاوض مع دمشق سراً وعلناً، وفي الوقت نفسه، تقديم الدعم العلني لحلفائه الدروز. هذا التوازن الدقيق يعكس الطبيعة المعقدة للسياسة الإقليمية، حيث تتقاطع المصالح الأمنية مع الالتزامات السياسية والإنسانية.

هل تعتقد أن دعم نتنياهو العلني للدروز يمكن أن يؤثر على مسار المفاوضات مع الحكومة السورية؟

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً