مع اقتراب الموعد النهائي المحدد في 19 ديسمبر، تتصاعد حالة الترقب في الولايات المتحدة بشأن ما إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ستفي بتعهدها بنشر جميع الملفات والوثائق المرتبطة بقضية رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين، المتهم بإدارة شبكة واسعة للاتجار الجنسي بالقاصرات.
وتحيط الشكوك بمدى التزام الإدارة بنشر الوثائق كاملة من دون حجب، وسط تساؤلات عما إذا كانت بعض التفاصيل، خصوصاً تلك المتعلقة بعلاقات إبستين مع شخصيات سياسية واقتصادية بارزة، ستبقى طي الكتمان، أو ما إذا كان النشر سيتم دفعة واحدة أم على مراحل.
محتوى واسع وحساس
وتشمل الوثائق المنتظر الإفراج عنها نحو 95 ألف صورة لإبستين ومعارفه، إضافة إلى وثائق مالية قدمها بنكا «جي بي مورغان» و«دويتشه بنك»، تكشف جوانب من شبكة تعاملاته المالية. كما تتضمن ما يُعرف بـ«الكتاب الأسود» الذي يحوي قائمة اتصالاته، وسجلات رحلات طائرته الخاصة، ومقطع فيديو مراقبة لوقت وفاته داخل السجن، فضلاً عن رسائل بريد إلكتروني، وبطاقات تهنئة، ودعوات حفلات، وشهادات لعدد من ضحاياه.
وجاء هذا التطور بعد إقرار الكونغرس قانون «شفافية ملفات إبستين»، الذي وقّعه الرئيس ترمب في 19 نوفمبر الماضي، استجابة لضغوط متزايدة من مشرعين وجزء من قاعدته الشعبية، الذين يرون في نشر الوثائق فرصة لكشف ما يصفونه بـ«تورط شخصيات نافذة، خصوصاً من الحزب الديمقراطي».
ويُلزم القانون الحكومة الأميركية بالكشف عن جميع الملفات المتعلقة بإبستين وشريكته غيلاين ماكسويل، التي تقضي حالياً عقوبة بالسجن لمدة 20 عاماً، إضافة إلى تفاصيل وفاته عام 2019، وسجلات الرحلات، والأشخاص والكيانات المرتبطة بأنشطته الإجرامية.
استثناءات تثير القلق
في المقابل، ينص القانون على استثناءات تتيح حجب معلومات معينة، مثل ما قد يكشف هوية الضحايا، أو يتضمن صور اعتداءات، أو قد يعرّض تحقيقات فيدرالية جارية للخطر. ويحذر محللون من أن هذه الاستثناءات قد تُستخدم لتقليص حجم المعلومات المنشورة، خصوصاً مع فتح وزارة العدل تحقيقاً جديداً في علاقات إبستين بعدد من الشخصيات الديمقراطية البارزة، من بينهم الرئيس الأسبق بيل كلينتون والخبير الاقتصادي لاري سامرز.
وكانت وفاة إبستين في زنزانته بسجن نيويورك في 10 أغسطس 2019، قبل أيام من محاكمته بتهم الاتجار الجنسي بالقاصرات، قد فجّرت موجة واسعة من نظريات المؤامرة. ورغم تأكيد السلطات أنه انتحر شنقاً، فإن الشكوك لم تتبدد، خاصة في ظل اتهامه بالاعتداء الجنسي على أكثر من 100 امرأة، كثيرات منهن قاصرات.
صراع سياسي متصاعد
ويعرب الديمقراطيون عن مخاوفهم من التلاعب بالملفات قبل موعد النشر، ما دفعهم إلى نشر صور جديدة تُظهر إبستين إلى جانب شخصيات معروفة، بينها بيل كلينتون، وبيل غيتس، ووودي ألن، وستيف بانون، إضافة إلى صور تجمعه بالرئيس ترمب نفسه إلى جانب نساء أُخفيت هوياتهن.
من جهته، نفى ترمب مراراً أي علم له بأنشطة إبستين الإجرامية، مؤكداً أن علاقته به انتهت قبل فترة طويلة من بدء التحقيقات الرسمية.
ماذا سيُكشف فعلاً؟
ولا يزال الغموض يلف حجم ونوعية المعلومات التي ستُفرج عنها الإدارة. فقد أعلنت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي، في مذكرة صدرت في يوليو الماضي بعد مراجعة أكثر من 300 غيغابايت من البيانات، أنهما لم يعثرا على أدلة جديدة تستدعي نشر وثائق إضافية، وأكدتا مجدداً أن إبستين انتحر، وأنه لا وجود لما يُعرف بـ«قائمة عملاء» أو أدلة موثوقة على ابتزاز شخصيات نافذة.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن مجرد نشر الوثائق، حتى من دون تبعات قانونية مباشرة، قد يسبب إحراجاً بالغاً لعدد من الشخصيات البارزة في عالم السياسة والأعمال والترفيه، ممن ارتبطت أسماؤهم بدائرة إبستين، ما يجعل الأيام القليلة المقبلة حاسمة في اختبار وعود الشفافية التي رفعتها إدارة ترمب.