كشفت وثيقة داخلية مسرّبة للجيش الإسرائيلي عن إخفاقات كبيرة في عملية "عربات جدعون" الهادفة إلى احتلال مدينة غزة، مما أثار جدلًا واسعًا وتوعدًا بالتحقيق من قبل القيادة العسكرية.
الوثيقة، التي كتبها رئيس جهاز التدريب في القوات البرية، العميد في قوات الاحتياط غاري هازوت، تشير إلى أن العملية لم تحقق أهدافها المعلنة، لا فيما يتعلق باستعادة الرهائن ولا بهزيمة حركة حماس. وذكرت الوثيقة أن الجيش ارتكب "كل خطأ ممكن" في إدارة العملية، وأن أساليب القتال التي اتبعها لم تكن متوافقة مع العقيدة القتالية ولم تتناسب مع أسلوب حماس في المعركة.
كما انتقدت الوثيقة التخطيط للعملية، مؤكدة أن التقدم كان "أبطأ من المتوقع"، وتركز على مناطق سبق أن اجتاحها الجيش، مما أدى إلى استنزاف القوات والموارد. وأشارت إلى أن "الأولوية في المعركة كانت لأمن الجنود"، مما أثر سلبًا على تحديد إطار زمني واضح للقتال.
وبحسب الوثيقة، فإن إسرائيل في المرحلة الثانية من العملية كانت تعمل على ردع حماس بهدف التوصل لاتفاق، وليس على هزيمتها، وهو ما أدركته الحركة واستغلت هذه الحقيقة في مواقفها وأسلوبها القتالي. كما اتهمت إسرائيل بالتراخي في التخطيط للمساعدات الإنسانية، مما أتاح لحماس خلق انطباع بوجود مجاعة في القطاع، ووضع تل أبيب في موقف دولي حرج.
ردود الأفعال الرسمية والداخلية
في المقابل، توعد الجيش الإسرائيلي بفتح تحقيق في تسريب الوثيقة، مؤكدًا أن "هذا محتوى نُشر دون تفويض، أو موافقة الجهات المختصة". وأصرّ الجيش على أن العملية "حققت أهدافها المحددة ووصلت إلى كثير من الإنجازات"، ونشر على منصاته الرسمية تحركات لواء كفير في خان يونس، مؤكدًا أنه "صفّى عشرات الإرهابيين ودمر مسارات تحت أرضية بطول إجمالي يقارب 8 كيلومترات".
وفي سياق متصل، كان رئيس الأركان، إيال زامير، قد صرّح في زيارة سابقة لسلاح البحرية أن الجيش حقق الأهداف الثلاثة للعملية ووجه ضربات قاسية لحماس، وأبعد التهديدات عن الحدود، وخلق الظروف المواتية للإفراج عن المحتجزين نتيجة الضغط العسكري.
يُذكر أن زامير كان قد اعترض سابقًا على توقيت بدء المرحلة الثانية من "عربات جدعون"، مما أدى إلى خلاف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقد رأى بعض المراقبين أن اعتراض زامير كان يهدف بشكل أساسي إلى "تخلصه من المسؤولية" في حال فشل العملية، وإلقاء اللوم على القيادة السياسية.