الخرطوم – صعّدت قوات «الدعم السريع» عملياتها العسكرية في إقليم دارفور، بعدما شنت، الأربعاء، هجوماً واسعاً على منطقتي أبوقمرة وأمبرو في ولاية شمال دارفور غربي السودان، في إطار مساعٍ للسيطرة على ما تبقى من مناطق خارجة عن نفوذها في الولاية.
وأفادت مصادر محلية بأن قوات «الدعم السريع» اقتحمت منطقة أبوقمرة، الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر شمال غربي مدينة الفاشر، باستخدام عشرات المركبات القتالية، في هجوم استهدف منطقة كانت تخضع لسيطرة الجيش السوداني والقوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة.
وأضافت المصادر أن القوات ذاتها واصلت تقدمها باتجاه منطقة أمبرو، التي تبعد نحو 300 كيلومتر شمال غربي الفاشر، حيث اندلعت اشتباكات قبل أن تعلن «الدعم السريع» لاحقاً سيطرتها على المنطقة.
وفي بيان رسمي، قالت قوات «الدعم السريع» إن قواتها «أحكمت السيطرة على منطقتي أبوقمرة وأمبرو في ولاية شمال دارفور»، مؤكدة أنها تقدمت من أبوقمرة حتى أمبرو وفرضت سيطرتها الكاملة عليهما. كما بث عناصر من «الدعم السريع» مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، قالوا إنها توثق سيطرتهم الميدانية على المنطقتين.
وحتى ساعة إعداد هذا التقرير، لم يصدر أي تعليق رسمي من الجيش السوداني أو من القوات المشتركة للحركات المسلحة بشأن هذه التطورات.
ويأتي هذا التصعيد في سياق محاولة «الدعم السريع» بسط نفوذها على كامل ولاية شمال دارفور، التي تشهد وضعاً عسكرياً معقداً. وتسيطر قوات الجيش والقوة المشتركة للحركات المسلحة على عدد من المناطق في الولاية، من بينها كرنوي والطينة، في حين تفرض حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور سيطرتها على منطقة طويلة، بينما تسعى «الدعم السريع» لتوسيع رقعة نفوذها المتبقية.
ويُعد هذا الهجوم امتداداً للتطورات الدامية التي شهدتها الولاية في الأشهر الماضية، إذ سبق أن سيطرت قوات «الدعم السريع» في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على مدينة الفاشر، عاصمة الولاية، وسط اتهامات بارتكاب مجازر بحق المدنيين، وفق تقارير صادرة عن مؤسسات محلية ودولية، ما أثار تحذيرات من ترسيخ واقع تقسيم جغرافي في البلاد.
وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول، أقر قائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي»، بوقوع «تجاوزات» من قبل قواته في الفاشر، معلناً تشكيل لجان تحقيق، في خطوة قوبلت بتشكيك واسع من منظمات حقوقية وناشطين محليين.
ولا تقتصر المواجهات المسلحة على دارفور وحدها، إذ تشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب) اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» منذ أسابيع، تسببت في نزوح عشرات الآلاف من المدنيين، وتفاقم الأوضاع الإنسانية في مناطق واسعة.
ومن بين ولايات السودان الثماني عشرة، تفرض قوات «الدعم السريع» سيطرتها على ولايات دارفور الخمس في الغرب، باستثناء أجزاء من شمال دارفور لا تزال خاضعة لسيطرة الجيش، في حين يحتفظ الجيش السوداني بالنفوذ في معظم الولايات الثلاث عشرة الأخرى، بما فيها العاصمة الخرطوم.
وتتدهور الأوضاع الإنسانية في السودان بشكل متسارع نتيجة الحرب المستمرة بين الجيش و«الدعم السريع» منذ أبريل/نيسان 2023، على خلفية الخلاف حول دمج القوات وتوحيد المؤسسة العسكرية. وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف، ونزوح نحو 13 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم حالياً.