يتزايد الجدال المحتدم حول التقييمات الاستخباراتية المتعلقة بمدى فعالية الضربة الأمريكية الأخيرة للمنشآت النووية الإيرانية، مما يلقي بظلال من الغموض على مستقبل البرنامج النووي لطهران. وتتضارب المزاعم الرسمية مع التسريبات الاستخباراتية، مما يشير إلى تعقيدات كبيرة في تحديد الأثر الحقيقي للهجمات.
تباين في التقييمات الأولية
تقرير لصحيفة 'وول ستريت جورنال' أشار إلى أن تصريحات الرئيس دونالد ترامب بشأن شل المشروع النووي الإيراني وتدميره بالكامل تتعارض مع تسريبات استخباراتية أفادت بأن المشروع تراجع لأشهر وليس لسنوات أو بشكل دائم. وعلى الرغم من ذلك، عادت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) لتؤكد أن البرنامج النووي الإيراني تضرر بشكل كبير، معتبرة أن تقييم حجم الضرر وتأثير الضربات مهمة تحتاج إلى تدخل المفتشين الدوليين.
ترامب يتمسك بموقفه والتسريبات تثير غضبه
ضاعف ترامب هجماته على التسريبات الأمنية، مؤكداً أن الجيش الأمريكي شل قدرات طهران النووية، ورافضًا التقارير الاستخباراتية التي قللت من حجم الضرر. ويشير التقرير إلى أن هذا الخلاف حول مدى الضرر سيبقى تحديًا كبيرًا للمحللين الأمنيين والخبراء لعدة أشهر قادمة، في محاولة لتحديد الأثر الكامل للقصف الأمريكي على المنشآت الإيرانية.
أدلة وتحديات التفتيش
بالرغم من وجود أدلة كثيرة على تعرض البرنامج الإيراني لأضرار كبيرة جراء القنابل الخارقة للتحصينات التي ألقتها طائرات الشبح (بي 2) على منشأتي نطنز وفوردو، إلا أن الوضع الدقيق للبرنامج النووي لن يتضح إلا بعد السماح للمفتشين الدوليين بزيارة المواقع المدمرة. في هذا الصدد، علق تشارلس دولفير، الذي أشرف على عمليات التفتيش للأمم المتحدة في العراق، قائلاً: 'تقييم أضرار معركة عن بعد دائمًا صعب، لهذا السبب يفضل الناس وجود المفتشين على الأرض'.
تصريحات رسمية وغياب التفاصيل
تمسك ترامب في كلمته أمام قمة الناتو بتصريحه الأول بأن البرنامج النووي 'محي من أصوله'، معتبراً النتائج الأولية لوكالة الاستخبارات الأمريكية 'غير قاطعة'. ومن المتوقع أن يتم بحث الموضوع في مؤتمر صحفي نادر للبنتاغون اليوم الخميس. وأصدر مدير CIA جون راتكليف بيانًا يدعم فيه تصريحات ترامب، مشيرًا إلى 'تدمير كبير جراء الضربات الموجهة الأخيرة'، بما في ذلك 'معلومات استخباراتية جديدة من مصدر موثوق ودقيق تاريخيًا تفيد بأن العديد من المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية قد دمرت، وأن إعادة بنائها سيحتاج سنوات'.
غموض حول مخزون اليورانيوم
لم يتطرق البيت الأبيض ولا وكالة المخابرات المركزية إلى مصير مخزون اليورانيوم عالي التخصيب الذي تعرف إيران بامتلاكه، وما إذا كان قد تم نقله قبل الهجوم الأمريكي. وفي إشارة إلى هذا الغموض، ألمح نائب الرئيس جيه دي فانس في مقابلة تلفزيونية إلى أن إيران قد لا تزال تمتلك كميات من اليورانيوم المخصب تم إخفاؤها.
خلاف استخباراتي وتحديات مستقبلية
ينص تقرير استخباراتي مسرب، وصف بأنه تقييم أولي، على أنه يستند إلى تقارير متاحة بعد 24 ساعة فقط من الضربة، ولم يتم تنسيقه مع وكالات أخرى، وأن التقييم الكامل للأضرار سيستغرق أيامًا إلى أسابيع. هذا التباين هو أحدث مثال على معارضة ترامب لآراء بعض وكالات استخباراته. ويرى خبراء ومسؤولون سابقون أن التحدي الأكبر يكمن في بقاء قدرات إيرانية نووية تمكنها من مواصلة تطوير الأسلحة النووية.
أسئلة بلا إجابات وتصاعد الضغوط
تثار تساؤلات حول حجم الضرر الذي لحق بمنشآت تخصيب اليورانيوم، وما إذا كان مخزون اليورانيوم المخصب قد نقل قبل الضربة أو استعيد بعدها، إضافة إلى احتمال وجود مخزون سري من أجهزة الطرد المركزي أو المعدات النووية. ويحذر مسؤولون سابقون من أن بقاء جزء من البرنامج قد يدفع طهران نحو تصميم أكبر على إنتاج سلاح نووي. وفي ظل هذه التطورات، يطالب المشرعون في الكونجرس بإحاطات استخباراتية حول الغارات الأمريكية والإسرائيلية، بينما يدرس البيت الأبيض طرقًا للحد من مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع الكونجرس ردًا على التسريبات.