شكّل اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ولاية فلوريدا محطة سياسية لافتة، لم تقتصر على بحث الملفات الإقليمية الساخنة، بل حملت أبعادًا داخلية واضحة بالنسبة لنتنياهو، الذي استثمر الدعم الأمريكي العلني لتعزيز موقعه السياسي في الداخل الإسرائيلي.
وظهر الزعيمان جنبًا إلى جنب خارج مقر إقامة ترامب، في مشهد اتسم برسائل رمزية قوية، حيث وصف الرئيس الأمريكي نتنياهو علنًا بأنه “رئيس وزراء زمن الحرب” و”بطل”، في تصريح أثار جدلًا واسعًا داخل إسرائيل، لا سيما في ظل محاكمة نتنياهو الجارية بتهم تتعلق بالرشوة والاحتيال.
وخلال حديثه مع الصحافيين، لمح ترامب إلى إمكانية العفو عن نتنياهو، معتبرًا أن محاكمته في ظل قيادته البلاد خلال مرحلة صراعات كبرى أمر “يصعب تبريره”، ما اعتُبر تدخلًا سياسيًا مباشرًا في ملف قضائي إسرائيلي داخلي.
ورغم أن المحادثات الرسمية ركزت على قضايا الشرق الأوسط، وعلى رأسها إيران وخطة أمريكية مطروحة بشأن غزة، فإن اللقاء مثّل بالنسبة لنتنياهو منصة دعائية مهمة، سمحت له بالظهور كقائد مدعوم دوليًا في وقت حساس سياسيًا.
وأتاح السفر إلى الولايات المتحدة تعليق جلسات الاستجواب المضاد لنتنياهو في إحدى القضايا المركزية المرفوعة ضده، والتي تتعلق باتهامات باستغلال النفوذ مقابل تغطية إعلامية إيجابية، وهي اتهامات ينفيها بالكامل، واصفًا المحاكمة بأنها ذات دوافع سياسية.
كما جاءت الزيارة في توقيت بالغ الأهمية مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة مطلع العام المقبل، وهي أول انتخابات منذ هجمات السابع من أكتوبر 2023، التي تسببت في اهتزاز صورة نتنياهو الأمنية لدى قطاع واسع من الرأي العام.
وخلال المؤتمر الصحافي المشترك، كرر ترامب إشادته بنتنياهو، معتبرًا أن وجوده في السلطة كان حاسمًا لبقاء إسرائيل بعد الهجمات، في تصريحات رأى فيها مراقبون دعمًا انتخابيًا غير مسبوق لرئيس وزراء أجنبي.
ويرى محللون إسرائيليون أن هذا الدعم العلني يمنح نتنياهو دفعة قوية في حملته الانتخابية، لكنه في الوقت ذاته قد يخفي ضغوطًا أمريكية غير معلنة تتعلق بملفات شائكة، أبرزها الحرب في غزة والبرنامج النووي الإيراني.
في المقابل، يتهم معارضو نتنياهو رئيس الوزراء بمحاولة إطالة أمد الأزمات الإقليمية وتضخيم التهديدات الخارجية، بهدف تأجيل استحقاقاته القانونية وصرف الأنظار عن التحقيقات المتعلقة بالإخفاقات الأمنية التي سبقت هجمات حماس.
وتُظهر المعطيات القضائية أن عددًا كبيرًا من جلسات محاكمته تم إلغاؤها أو تقليصها منذ بدء شهادته رسميًا، غالبًا بذريعة التطورات الأمنية، ما زاد من الانتقادات الموجهة له باستخدام الحرب كغطاء سياسي وقانوني.