راهن الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، على وعي الليبيين في رفض التدخلات الخارجية وإدراك أن بلادهم مستهدفة وتثير ثرواتها الأطماع، مؤكدا أنه لا خيار أمامهم سوى الحوار والجلوس على طاولة المفاوضات والاحتكام إلى الديمقراطية.
وقال الطبوبي، في حديث مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الاثنين، إن التدخلات الأجنبية في ليبيا هدفها أن يتقاتل أبناء الشعب الواحد لإيجاد المدخل باسم الديمقراطية وغيرها من الشعارات لنهب ثروات البلاد وتنفيذ مخططات استعمارية بشكل جديد.
وأضاف أن موقف الاتحاد العام التونسي للشغل واضح من الأزمة الليبية، حيث ينتهج الوسطية في التعامل مع كل الأزمات، وأنه "رغم الحدود ولكن تربطنا علاقات مصاهرة ومصيرية مع الشعب الليبي الذي أثق أنه يرى تجارب أخرى لتلك الدول التي شهدت تدخلات خارجية وما جرى لها من دمار وتشريد وفقر".
وأوضح أن أي تدخلات خارجية ليس حبا في الشعب الليبي ولكن للاستحواذ على ثرواته، مشددا على أن الذهاب إلى صناديق الاقتراع التي ستعبر عن إرادة الشعب الليبي هو السبيل الوحيد للمحافظة على سيادة هذا البلد القادر على أن يكون بين الدول المتقدمة لما لديه من ثروات وقدرات بشرية يجب الحفاظ عليها واستغلالها ليس بالشعارات وإنما بالممارسة الحقيقية.
وتابع الطبوبي الذي يشغل أيضا منصب أمين الاتحاد النقابي لعمال دول المغرب العربي الذي يضم ليبيا أن "من يريد أن يحكم شعبا فعليه بالحصول على تفويض منه لهذا الحكم وليس بالقوة"، مشيرا إلى أن "تونس لا تدخل أبدا في محاور لعداء أي شعب لأنها تحترم سيادة الدول وإرادة الشعوب"، وأن "ما يقودها في الأزمة الليبية هو مصلحة الليبيين بعيدا عن الأطماع في ليبيا وثرواتها".
وبالنسبة للشأن الفلسطيني، عبر أمين عام الاتحاد التونسي للشغل عن رفض "خطة السلام الأمريكية"، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية تحتل مكانة خاصة لدى الاتحاد، وهي القضية المركزية للسلام في العالم.
وحول قضايا الإرهاب وعلاقتها بالشغل، قال الطبوبي إن "الإرهاب آفة دخيلة على المجتمعات وتونس بلد الاعتدال والانفتاح على الحضارات وهو ما حال دون انزلاقها إلى العنف بعد الثورة مثلما جرى في دول أخرى، لأن الشعب التونسي ضد العنف وسفك الدماء ويؤمن بالحوار".
وحذر الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل من خطورة الأسلوب الخاطئ في معالجة ظاهرة الإرهاب وترك الشباب فريسة لـ"قنوات تلفزيونية مجرمة ومتطرفة تبث الأفكار السامة بفعل فاعل من أجل العبث بعقول هؤلاء الشباب"، مؤكدا أن "الفقر وحده ليس هو الذي يصنع الإرهابي وما يدل على ذلك وجود أطباء ومهندسين وشباب من عائلات مرموقة بين صفوف الإرهابيين.
وفي الشأن الداخلي التونسي قال إن اتحاد الشغل "المنظمة الوطنية التي يبلغ عمرها 74 عاما وقدمت شهداء في معركة التحرر الوطني ستظل دائما وأبدا توازن بين دورها الاجتماعي والوطني وكذلك السياسي، ومحاربة الفقر والتهميش واستيعاب الشباب المثقف ليكون رافدا من روافد التنمية الاقتصادية من خلال التشغيل وتوفير فرص العمل ولدينا فرصة وقدرة على أن نكون ضمن الدول المتقدمة".
وأشار إلى أن الاتحاد ينتظر ما ستقوم به الحكومة الجديدة التي يشكلها رئيس الوزراء المكلف إلياس الفخفاخ ومن المنتظر أن يتم عرضها على البرلمان لنيل الثقة خلال الأيام المقبلة، وأن الاتحاد سيتعاون مع أي حكومة تضمن الاستحقاقات الاجتماعية وتوفر الظروف الملائمة للعيش وتطوير الأوضاع، مشددا على أن تشغيل الشباب ومحاربة الفقر ومعالجة الوضع الأمني ومواجهة الجريمة المنظمة هي أبرز التحديات التي تواجه هذه الحكومة المرتقبة.
ونوه نور الدين الطبوبي بأن خلق فرص عمل في تونس متاح بما تمتلكه البلاد من ثروات طبيعية وبشرية يمكن استغلالها مع وجود استقرار سياسي وأمني لجلب الاستثمار الأجنبي والوطني، مشيرا إلى أهمية دور الدولة في المبادرة بمشروعات كبرى تستغل الثروات الطبيعية.
واعتبر في الوقت نفسه أن الحسابات السياسية الضيقة هي ما حرمت المنطقة العربية عموما ودول المغرب العربي بشكل خاص من سوق اقتصادية مشتركة وتكامل اجتماعي وثقافي "رغم أننا نتقاسم نفس الحضارة والدين والتوجه، وخاصة أن الأمر سيكون في مصلحة الشعوب المغاربية والعربية بشكل عام"