صرح مسؤولو الصحة حول العالم، كما تشير الإحصائيات اليومية، إلى أن الأكثر عرضة لخطر العدوى بفيروس كورونا والأكثر تضررا إلى حد الوفاة هم كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والمشكلات الصحية الرئيسية.
سلطت وكالة أنباء 'رويترز' الضوء على مأساة إنسانية عالمية يعيشها كبار السن في دور المسنين حول العالم من خلال رصد معاناة عائلة السيدة الأميركية لوري سبنسر، التي تروي أنها عانت شعورًا من عدم الارتياح بعد أن تركت والدتها البالغة من العمر 81 عامًا في دار لرعاية المسنين في كيركلاند، بواشنطن في 26 فبراير.
ولم يكن يدر بخلدها أنها في اليوم التالي سينتابها ما هو أسوأ، حيث وجدت أمها، واسمها جودي شيب، تمر بنوبة غضب غير معهودة، وأخذت تتوسل لمغادرة دار الرعاية. وما لم تكن تعرفه أسرة السيدة شيب آنذاك هو أن دار رعاية المسنين في كيركلاند تشهد بالفعل ظهور علامات أولية لما أصبح فيما بعد وباء فيروس كورونا، الأشد فتكًا عبر الولايات المتحدة.
ففي 19 فبراير، أرسلت دار الرعاية مريضًا يعاني من مشاكل في الجهاز التنفسي لإجراء تحاليل واختبار فيروسات، ثم اتبعته بمريض ثان في 24 فبراير. وأوضح مسؤولو دار رعاية المسنين أنهم اشتبهوا في البداية بالإنفلونزا.
بعد فوات الأوان
وبعد 3 أيام من وصول السيدة شيب إلى دار الرعاية، أعلن المسؤولون بها أن نتائج اختبار فيروس كورونا لأحد المرضى جاءت إيجابية. وحول هذه اللحظة، تقول لوري، الابنة، كان 'قد فات الأوان، لاتخاذ قرار بمغادرتها دار المسنين، ولم نستطع تحريكها، حيث أصبحت فجأة سجينة'.
لن يتم إجراء اختبار فحص كورونا للسيدة شيب قبل انقضاء 11 يومًا، فيما تنتظر ابنتها لوري وعائلتها مرور الأيام في ألم وهلع. ووسط نقص حاد في القدرة على إجراء اختبارات كورونا على المستوى الوطني بأميركا، وبطبيعة الحال في دار المسنين، يقتصر إجراء الاختبار في البداية فقط على من تظهر عليهم أعراض مشتبه بها.
وتشرح لوري كيف كانت أمها تعاني من العزلة والوحدة قبل أن تنتقل للإقامة بدار رعاية المسنين، إلا أنها أصبحت الآن أكثر خوفا ورعبا وهي تشاهد الأخبار عبر التلفزيون حول فيروس كورونا، بينما تقبع حبيسة في غرفتها معزولة عن الجميع خاصة بعد منع الزيارات لدار المسنين الموبوءة. وتردد لوري أثناء بكائها بحرقة جملة واحدة: 'أمي حبيسة العزل في أيامها الأخيرة، إنها لا تستحق ذلك'.
ويكشف تفشي حالات الإصابة بكوفيد-19 المميت مدى سرعة انتشار العدوى في دور المسنين. وتكافح كافة مؤسسات رعاية المسنين في جميع أنحاء الولايات المتحدة لمحاصرة الوباء، وسط إنهاك مضنٍ للعاملين المثقلين بأعباء رهيبة وندرة في أدوات اختبار فيروس كورونا على نطاق واسع، مما دفع ذوي كبار السن إلى دوامات مؤلمة حول كيفية حماية الأحباء المسنين الذين يحتاجون إلى رعاية أو إعادة تأهيل بدوام كامل.
وأفاد مسؤولون في كينغ كاونتي بواشنطن، الأحد الماضي، أن 29 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا حدثت بين المقيمين بهذه الدار لرعاية المسنين، والذي كان قد أعلن حتى يوم الجمعة عن 13 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا، وأفاد بأنه لم تظهر بعد نتائج اختبار لـ11 حالة وفاة أخرى.
مآسي كبار السن حول العالم
وتكافح الدول حول العالم للتوصل إلى كيفية حماية كبار السن من الفيروس.وفي كوريا الجنوبية، لقي شخصان مصرعهما وأصيب العشرات في دار رعاية في مقاطعة بها تفشٍّ كبير. كما كانت دور التمريض مصدرًا كبيرًا للقلق في أوروبا، التي أصبحت مركزا جديدا للجائحة العالمية مع انخفاض عدد الحالات الجديدة في الصين، التي يشيع فيها رعاية المسنين بمنازلهم.
وفي شمال إيطاليا، قضى الفيروس على أعداد كبيرة من كبار السن، سواء في بعض دور الرعاية أو في المباني السكنية، لاسيما المكتظ منها بالسكان حيث يعيش الكثير من كبار السن.
وفي المملكة المتحدة، بدأت بعض دور الرعاية في منع الزيارات حيث تقول الحكومة البريطانية إنها ربما تصدر قرارا إجباريا ببقاء كبار السن في منازلهم قريبًا. أما في إسبانيا، حيث تستشري العدوى بفيروس كورونا بضراوة، فقد تركزت أول موجة من العدوى في دور رعاية المسنين في مدريد.