تحل الذكرى الـ 69 على تخصيص يوم 9 سبتمبر عيدًا للفلاح المصري . وهو اليوم الذي سعى خلاله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في تخصيصه ليكون تخليدًا لدور كل فلاحي مصر. ولكن كيف تناولت السينما المصرية دور الفلاح. وهل انصفته أم عكست صورة خاطئة عنه، في السطور التالية نرصد عدد من الأفلام التي تحدثت عن الفلاح في عيدهم.
الفلاح في السينما المصرية
جاءت فترة الستينيات منصفة للغاية للفلاح والريف المصري، حيث عكست الأفلام وقتها معاناة الفلاح والظلم الذي كان يتعرض له قبل ثورة يوليو، بينما جاءت فترة الثمانينيات والتسعينيات بفترة ظالمة للفلاحين حيث قدموا أدوارهم بشكل ساخر وكوميدي وليس له علاقة بالواقع الحقيقي، وهاجمها الجمهور وقتها وأطلقوا عليها أفلام المقاولات.فيلم الأرض
منذ 51 عامًا قدم الراحل العبقري يوسف شاهين فيلم الأرض والذي رصد خلاله حياة الفلاح المصري عن رواية الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي، وحصل هذا العمل على المركز الثاني من قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية في استفتاء النقاد، حيث رصد حياتهم بشكل سليم ودون مبالغة، وجسد وقتها دور البطولة محمود المليجي.
شارك في بطولة فيلم الأرض كُلًّا من نجوى إبراهيم وعزت العلايلي ويحيى شاهين وتوفيق الدقن وحمدي أحمد وصلاح السعدني. وجاءت قصة الفيلم في إحدى القرى المصرية خلال عام 1933، يبلغ العمدة الفلاحين أن حصة ري أراضيهم قد صارت مناصفة بينهم وبين محمود بك الإقطاعي، غير أن الفلاحين يثورون على هذه التعليمات، وعلي رأسهم محمد أبو سويلم، ويقترح محمد أفندي تقديم عريضة إلى الحكومة، ويسافر إلى القاهرة لمقابلة محمود بك لتقديمها. تتفاقم الأمور عندما يقترح محمود بك إنشاء طريق يربط بين قصره والشارع الرئيسي مما يستلزم انتزاع جزء من أراضي الفلاحين.
فيلم ليلى بنت الريف
وفي عام 1941 قدم المخرج أحمد المشرقي فيلم ليلى بنت الريف، ورصد حياة ليلى الفتاة الريفية الثرية التي تقوم خالتها بتربيتها وتنجح في تزويجها من ابنها الطبيب العائد من انجلترا، لكنه يحيا حياة اللهو، ويتعالى على ليلى الفلاحة التي تتحول إلى فتاة عصرية جميلة بعد انتقالها إلى القاهرة.
وكان الفيلم من بطولة ليلى مراد ويوسف وهبي وبشاره واكيم وأنور وجدي وزوزو شكيب وعبد السلام النابلسي، وكان الفيلم من تأليف بديع خيري.
فيلم شيء من الخوف
جواز عتريس من فؤادة باطل باطل.. عند سماع هذه الجمهور مع مرور السنوات، نتذكر فيلم شيء من الخوف الذي تم عرضه عام 1969 وكان ينقل صورة مقربة لما يعيشه أهل الريف المصري، وكانت بطلته الفنانة الراحلة شادية ومحمود مرسي ويحيى شاهين.
شيء من الخوف كانت تدور أحداثه حول عتريس طفل بريء، ينمو وينضج لتتبدل شخصيته العطوفة بصورة طبق الأصل من جده في قسوته، بطشه، جبروته، وتسلطه على حياة أهل قرية الدهاشنة بالإرهاب الذي يفرضه عليهم. يقع عتريس في غرام فؤادة منذ الصغر ولكنها ترفضه بعد أن تَشبع بروح وأعمال جده المستبدة، لكن عتريس يطلب يدها من والدها رغم رفضها المتكرر الزواج به.
فيلم دعاء الكروان
وفي فيلم دعاء الكروان المأخوذ عن رواية الأديب طه حسين عام 1959، نقلت صورة كبيرة من الذي يعيشه أهل الريف المصري والفلاحين، حيث جسدت البطولة فاتن حمامة وأمينة رزق وأحمد مظهر.
القصة تدور حول هنادي التي تعمل خادمة عند مهندس الري، وتقع في حب ذلك المهندس الأعزب، لكنه يعتدي عليها ويحطم حياتها؛ فتُقتل هنادي أمام شقيقتها (آمنة) على يد خالها لتطهير عارها. هنا تقرر (آمنة) الإنتقام لأختها من ذلك المهندس، فتلتحق للعمل كخادمة في منزله بعد شقيقتها، ثم تشرع في إحكام خطتها للانتقام منه.
الناقد كمال القاضي: السينما حاولت إنصاف الفلاح والدفاع عن حقوقة
تحدث الناقذ الفني كمال القاضي مع 'أهل مصر'، حول دور الفلاح في السينما المصرية، وقال: 'السينما اجتهدت في التعبير عن واقع الفلاح المصري وبلورة صورتة الواقعية قدر الإمكان ، وفي هذا الإطار قدمت مضامين مختلفة تباينت بحسب وجهة النظر المقدمة في الفيلم ، لكن في معظم الأحوال كان هناك تعاطفا مع قضية الفلاح ، فالفلاح في فيلم الأرض كان مقهورا ومغلوب على أمره برغم أنه صاحب حق، وقد حاول يوسف شاهين إثبات ذلك شكلا ومضمونا'.
وتابع: 'في فيلم الزوجة الثانية قدم المخرج صلاح ابو سيف رؤية مشابهة من حيث الدلالة للظلم الواقع على صغار الفلاحين وقدم نموذج أبو العلا الذي سلبه العمده المستبد صلاح منصور زوجته وارضة وجردة من كل شيء ليجبرة على الطلاق ، وكذلك كرر صلاح ابو سيف نفس التجربة في فيلم المواطن مصري ، حيث أظهر مأساة الفلاح البسيط عبد الموجود الذي قهرة العمدة الظالم عمر الشريف، فمعظم التجارب السينمائية الجادة حاولت إنصاف الفلاح والدفاع عن حقوقة ، ولم يكن ذلك على مستوى السينما الروائية الطويلة فحسب وإنما الأمر نفسه شمل السينما التسجيلية التي كان من بينها فيلم الفلاحة والفلاح الفصيح للمخرج صلاح التهامي الذي دافع عن حقوف الفلاحين الأجراء وأوصى بحمايتهم ورعايتهم وتمليكهم الأرض التي يقومون على زراعتة'.
واختتم الناقد كمال القاضي، حديثه وقال: 'هناك نموذج آخر لفيلم ابن النيل ناقش ازمة الفيضان التي كانت تؤرق الفلاح وألمح إلى حقوق الفلاح المهدرة وهذا الفيلم من علامات السينما المصرية وقد لعب فية شكري سرحان أهم ادوارة .. فالقضية ظلت حاضرة ومطروحة على شاشة السينما لفترة طويلة ، ولكن هذه الصورة اختفت للأسف مع تغير الواقع وهجرة الفلاح لأرضة إهمالة فيها لدواعي السفر والهجرة والبحث عن الربح السريع ، وربما يكون لفترة الإنفتاح الإقتصادي في سبعينيات القرن الماضي صلة وثيقة بذلك ، حيث اشغل الفلاح واتسعت الهوة بينه وبين ارضة فزادت مساحات الأرض البور وحل محلها البيوت والعمارات والأبراج فحلت الكارثة بالزراعة والفلاح وهي المشكلة التي لم تستطع السينما معالجتها'.