تحل ذكرى وفاة الفنان أنور وجدي، اليوم السبت 14 مايو، حيث مر على وفاته 50 عاماً، وكان "وجدي" ممثلا ومخرجا ومنتجا مصريا، منذ بداية الأربعينيات، وحتى وفاته في منتصف الخمسينيات، وترك خلفه تاريخه الفني مايقرب من 70 فيلماً سينمائياً.
نشأة الفنان أنور وجدي
ولد الفنان أنور وجدي في اليوم الموافق 11 أكتوبر 1904م، في حي الظاهر بالقاهرة، اسمه بالكامل "محمد أنور يحيي القتال وجدي"، وأنه اختار لقب وجدي لكي يقترب من "قاسم وجدي" المسؤول على الممثلين الكومبارس حينما كان يعمل بالمسرح، وكان والده في منتصف القرن التاسع عشر يعمل في تجارة الأقمشة في حلب في سوريا وانتقل مع أسرته إلى مصر بعد أن بارت تجارته مما جعل أسرته تتعرض للإفلاس وتعاني الفقر والحرمان الشديد.
تعلم أنور وجدي في المدرسة الفرنسية الفرير، والتي تخرج منها المخرج حسن الإمام والفنان فريد الأطرش والمطربة أسمهان والفنان نجيب الريحاني، و أتقن خلال دراسته اللغة الفرنسية، ولكنه لم يستمر طالباً، وترك الدراسة بعد أن تلقى جزءً ليس قليل من التعليم ليتفرغ للفن، وأيضاً لعدم سماح أسلوب ظروف أسرته للاستمرار بالدراسة، وعمل في العديد من المهن ولم يكن منتظماً في العمل بسبب عمله كهاوٍ في العديد من الفرق الفنية الصغيرة، لكن عينه دائما كانت على هوليوود.
وظل حلم السفر لأمريكا يراوده، وعرض على زميلين من زملائه الهروب معه لأمريكا ليحصلوا على فرصة العمل بالسينما، لكن محاولاتهم باءت بالفشل، فبعد أن تسلّلوا إلى باخرة في بورسعيد، تم ضبطهم. وطرده أبوه من المنزل عندما علم بأنه يريد أن يكون ممثلاً.
مشواره الفني
بعد فشل محاولات الفنان أنور وجدي السفر لهوليوود، ظل يراوده حلمه أن يصبح ممثلاً، فاتّجه إلى شارع عماد الدين ليتمكّن من رؤية فناني العصر لعله يحصل على الفرصة، ومع ميلاد فرقة رمسيس قرر أن ينضم إليها، فكان يتسكّع كثيراً أمام أبواب المسرح عسى أن يقتنص الفرصة من خلال لقائه بأحد النجوم، وتصادف أثناء تسكّعه أمام كواليس المسرح الخلفية قابل الفنان يوسف وهبي من البروفات واقترب منه وتوسل إليه أن يأخذه ليعمل معه في مسرح رمسيس حتى لو أدى لتقديم الشاي والقهوة وكنس غرف الفنانين لكن يوسف وهبي كان في عجلة من أمره لارتباطه بموعد مهم فتركه دون أن يعبأ بما طلبه منه، ولم ييأس أنور وجدي وتوسّل إلى قاسم وجدي الريجسير أن يقدمه إلى يوسف وهبي، وبالفعل حدث أن عمل في مسرح رمسيس وكان أجره ثلاثة جنيهات في الشهر وأصبح يسلم الأوردرات للفنانين وسكرتير خاص ليوسف وهبي.
وكان أول ظهور له حينما قام بدور ضابط روماني صامت في مسرحية "يوليوس قيصر" وكان أجره حينذاك 4 جنيهات شهريا ما مكّنه من الاشتراك في أجرة غرفة فوق السطح مع زميل كفاحه الفنان عبد السلام النابلسي.
وفي تلك الفترة كتب بعض المسرحيات، لفرقة "بديعة مصابني"، مقابل جنيهان أو ثلاثة للمسرحية الواحدة، وعمل مؤلفاً ومخرجاً بالإذاعة، وقدم بعد ذلك مواقف خفيفة مسرحية من إخراجه وكتب نصوصاً وقصصاً، نشر بعضها في المجلات الصادرة في تلك الفترة.
وبدأ أنور تمثيل أدوار رئيسية واشتهر في دور عباس في مسرحية "الدفاع" مع يوسف وهبي 1931، حتى وجد فرصة أفضل في نفس العام مع فرقة عبد الرحمن رشدي، فانتقل إليها وانتهى به المطاف في الفرقة القومية نظير أجر شهري قدره 6 جنيهات، وأصبح يقوم بأعمال البطولة، واشتهر بدوره في مسرحية "البندقية".
ظهوره في السينما
أسند له الفنان يوسف وهبي بعض الأدوار الثانوية في لعض الأفلام مثل "أولاد الذوات"، واتجه أنور إلى السينما، وقرر ترك المسرح نهائياً.
رشح المنتج والمخرج أحمد سالم ليشارك في في فيلم "أجنحة الصحراء"، وقامت ببطولته راقية إبراهيم، وحسين صدقي، وبعد أن أثبت نفسه قدم عام 1939، أربعة أفلام دفعة واحدة، وهم (خلف الحبايب، بياعة التفاح، العزيمة، أجنحة الصحراء).
ومع بداية حقبة الأربعينيات أصبح أنور وجدي نمطاً سينمائياً مطلوباً بشدة في تلك الفترة، حيث استغل منتجي السينما ومخرجيها ملامحه الناعمة ووسامته في تقديم أدوار "ابن الباشوات" الثري المستهتر الذي يكون رمزاً للشر، فشارك فيما يزيد عن 20 فيلماً من هذه النوعية في السنوات الخمس الأولى من الأربعينيات، ومن أشهر وأهم هذه الأفلام: شهداء الغرام (1944) مع المخرج كمال سليم، انتصار الشباب (1941) مع المخرج أحمد بدرخان، ليلى بنت الريف (1941) من إخراج توجو مزراحي، وفي عام (1944) قدم فيلم "كدب في كدب" أول بطولاته من إخراج توجو مزراحي.
بعد ذلك توالت البطولات وأصبح أنور وجدي في النصف الأخير من الأربعينيات فتى الشاشة الأول وقدّم مجموعة من أنجح أفلام تلك الفترة منها "القلب له واحد" و"سر أبي مع صباح"، و"ليلى بنت الأغنياء" و"عنبر" مع ليلى مراد، و"طلاق سعاد هانم" مع عقيلة راتب.
وبدأ التحول الذي أحدثه أنور وجدي على أدواره وشخصياته في أفلامه، فقدّم أنور نفسه لجمهور السينما بصورة مغايرة غير التي اعتادوا مشاهدته فيها فبعد أن كان شبه متخصص في نمط وشخصية الثري ابن الذوات المليء بالشر والانتهازية، وأصبح يجسد أدواراً وشخصيات تقدمه في مواقف إنسانية خصوصاً صورة الشخص الفقير ونجح أنور وجدي في أن يكسب قلوب جمهور السينما من خلال هذا التحول الهائل والعكسي في أدواره.
وجاءت بداية الخمسينيات لتكون نهاية مشواره السينمائي، وقدم فيها مجموعة من الأفلام المهمة ومن أبرزها أمير الانتقام، ريا وسكينة، الوحش.
الحياة الشخصية للفنان أنور وجدي
تزوج أنور وجدي ثلاث مرات، إلهام حسين، وليلي فوزي، وإلهام حسين، وكانت ليلي فوزي هي آخر زوجاته، واستمر زواجهما حتى وفاته.
وفاة أنور وجدي
كان أنور وجدي مصاب بمرض وراثي في الكلى مات بسببه والده وشقيقاته الثلاث، وهو مرض الكلية متعددة الكيسات، وظهر عليه المرض في بداية الخمسينيات، ولكنه كان يتنساها، ونصحه الأطباء بالسفر إلى فرنسا لتلقي العلاج، وبعدما عرض نفسه على الأطباء، ولكن لم يكن يوجد علاج للمرض في هذا الوقت.
تم منعه من قبل الأطباء عن تناول العديد من أنواع الطعام، ولكن بعد فترة قليلة عاوده الشعور بالمرض مرة أخرى، وأصيب بأزمة صحية شديدة نقل على إثرها إلى مستشفى دار الشفاء، وساءت صحته للغاية فنصحه الأطباء بالسفر إلى السويد حيث هناك طبيب اخترع جهازاً جديداً لغسيل الكلى وكان الأول من نوعه وبالفعل سافر أنور إلى هناك، وأجرى الأطباء جراحة دقيقة لأنور وجدي لم تفلح في إنقاذه فقد تدهورت حالته وتأكد الأطباء أن لا أمل في شفائه حتى بمساعدة الكلية الصناعية، وفقد بصره في أواخر أيامه وكذلك عانى من فقدان الذاكرة المؤقت.
وقد نال منه المرض، بعد معاناة كبيرة معه حيث لفظ أنفاسه الأخيرة وهو لم يكمل إحدى وخمسون عاماً في 14 مايو 1955.