قامت وحدة اللغات والترجمة بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمعتمدة دوليا في عهد الدكتور عباس سليمان عميد الكلية الأسبق، بترجمة الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، برئاسة القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، في قضية ضريح أبو حصيرة، والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا باعتبار الطعن كأن لم يكن.
وجاء الحكم بإلغاء الطعن، نظرا لما تضمنه البند الثالث من منطوق الحكم 'بإلزام الوزير المختص بشئون الأثار، بإبلاغ اللجنة الدولية الحكومية 'لجنة التراث العالمي باليونيسكو' بشطب هذا الضريح من سجلات الأثار الإسلامية والقبطية، تطبيقا للاتفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي والقانون المصري، وإعمالا لمبدأ السيادة على الإقليم المصري الكائن به هذا الضريح، على أن يكون ذلك الإبلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الإبلاغ'.
وقال الدكتور عباس سليمان، عميد كلية الآداب الأسبق وأستاذ الفلسفة الإسلامية، إنه في سابقة علمية جديدة وفريدة، قامت وحدة اللغات والترجمة بالكلية بترجمة الحكم الصادر عام 2014 في دعوى الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة، من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، إلى اللغة الإنجليزية في 33 صفحة، نظرا لقيمة الحكم الأثرية والتاريخية والقانونية.
وأضاف الدكتور عباس سليمان، عميد كلية الآداب الأسبق أن ترجمة الحكم يمثل قيمة علمية كبيرة في المجال الأثري والتاريخي، عكف على ترجمته علماء الترجمة بالكلية ليكون مساهمة منهم في هذا الموضوع العلمي الوطني، خاصة وأنه يخاطب منظمة عالمية لها قدرها الثقافي مثل منظمة اليونسكو ونقدمه هدية لهيئة قضايا الدولة ليكون تحت بصرها حينما تشرع في مخاطبة اليونسكو.
من جهته قال الدكتور محمد أبو الفضل بدران، أستاذ النقد الأدبى بكلية الأداب بقنا جامعة جنوب الوادي، إن حكم المحكمة له أهمية تاريخية وأثرية منها أنه يمنع نقل رفات الموتى لأسباب دينية أو سياسية بما يؤصل احترام أجساد ورفات الموتى على اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم وأرسى الحكم قاعدة أصيلة تبنى عليها أسس الحضارات بأن 'أثار الشعوب ملكا لتراثها 'كما أكد الحكم على حقيقة تاريخية أن اليهود - مع احترامنا للدين اليهودي وإيماننا به - لم يكونوا من بناة حضارة مصر وليسوا جزا منها ولم يسهموا في بناء لبنة من لبناتها الشامخة.
وأضاف أن، المقابر عادية وأن إقامتهم بمصر خير دليل على سماحة المصريين وتقبلهم الاخر واحترامه حيا أو ميتا، وسيذكر التاريخ أن محكمة مصرية برئاسة قاضي مصري أصيل الدكتور محمد خفاجي، أرست مبادئ عدل في مجال التسامح الدينى لأهل الكتاب في مصر.
وذكر الدكتور أحمد سليم، أستاذ التاريخ المصري القديم والشرق الأدنى بكلية الآداب، أن هذا الحكم يوضح الأدلة الأثرية والحقائق التاريخية على أنه لم يكن لليهود أي نتاج حضاري مادي أو فكري في الحضارة المصرية القديمة، وأن الحكم له قيمة علمية كبيرة بين المتخصصين وعلماء الآثار والتاريخ سيكون له أهمية في الدراسات والأبحاث في المحافل الدولية دالا على المستوى الثقافى الرفيع للقاضى المصري.
وقال الدكتور حسن السعدي، أستاذ التاريخ والحضارة القديمة بجامعة الإسكندرية أن حكم المحكمة رسخ الفارق بين احترام أداء الشعائر كدليل للتسامح الديني وبين إقامة الاحتفاليات غير الطقسية التي لا بدَّ من احترامها لسيادة الدولة الأدبية والرسمية، كما أبان أهمية تحديد القيمة الأثرية للشئ.
وقال الدكتور محمد عبد الغني، أستاذ التاريخ والحضارة اليونانية والرومانية بكلية الآداب، إن اليهود كانوا أقلية ضئيلة في مصر القديمة ولم يكن لهم تأثير حضاري يذكر في حضارة مصر القديمة وأن الزعم بأنهم بنوا الأهرامات المصرية التي بنيت قبل مجيئهم لمصر بنحو ألف عام بل وقبل وجودهم ذاته زعما يخالف الحقائق التاريخية وأن الحكم جاء معبرا عن حقائق تاريخية وأثرية.
وأشار الدكتور عمرو المحاسن، مدير متحف الأثار
بكلية الأداب، أن حكم المحكمة يعد وثيقة تاريخية للتسامح الديني، وسيكون لها اهتمامها العالمي بين الباحثين لأن الحكم استند إلى مراجع أجنبية موضوعية من علماء من عدة جنسيات في العالم متخصصين في الشأن التاريخي والأثرى وبه جهد عظيم، وأنه صان حرمة الموتى وفي ذات الوقت حافظ على الشعور القومى للبلاد.
وكانت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى برئاسة المستشار الجليل محمد حسام الدين رئيس مجلس قد قضت السبت الماضي، باعتبار الطعن رقم 34173 لسنة 61 ق عليا المقام من الجهة الإدارية ضد حكم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية دائرة البحيرة الخاص بضريح الحاخام اليهودى يعقوب أبو حصيرة كأن لم يكن، والزمت الإدارة المصروفات.
وبهذا الحكم أصبح الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، في الدعوى رقم 1920 لسنة 55 قضائية بجلسة 29 ديسمبر، 2014 المكون من خمسة بنود نهائيا وباتا.
أكد فيه القاضى المصري أن مصر بلد التسامح الدينى ولا يجوز نقل رفات حاخام يهودى لإسرائيل لأن أهل الكتاب ينعمون في مصر بكل الحقوق، وأن نقل رفات الحاخام اليهودى أبو حصيرة من مصر إلى إسرائيل يتعارض مع سماحة الإسلام ونظرته الكريمة لأهل الكتاب ولا يجوز نقل الرفات إلى القدس لعروبيتها وإلغاء قرار وزير الثقافة باعتبار الضريح ضمن الآثار الإسلامية والقبطية ووقف الاحتفالية السنوية لأنها تتعارض مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها وشطبه من الأثار الإسلامية والقبطية وإخطار منظمة اليونسكو بشطبه بعد ترجمته وتمت ترجمة الحكم للغة الإنجليزي