تلاوة مباركة من آيات الذكر الحكيم، جلس الشيخ كعادته يرتلها داخل المسجد، لكن هذه المرة المكان مختلف، والمستمعين مختلفين، فالمسجد داخل السجن، ومن حوله سجناء اقترفوا الجرائم على كل شكل لون، ما بين السرقة والقتل والاغتصاب والنصب والتبديد، لكنهم في النهاية أناس استمالت قلوبهم آيات كتاب الله، لربما تقطع بينهم وبين الشيطان الطريق.
'أهل مصر'، رصد داخل سجن المرج العمومي، جلسة استماع عدد من المساجين للقرآن الكريم يقرأها عليهم أحد الدعاة الذي أتت به مصلحة السجون ليلقي الدروس الدينية، ويقص سير الصحابة والتابعين ويستميل قلوبهم لطريق الهدايا والصلاح خاصة وسط الأجواء الروحانية في شهر رمضان الكريم.
وعلم 'أهل مصر' من المسئولين داخل 'سجن المرج'، أن المسجد مفتوح في أوقات الصلاة طوال العام، مع وضع علامات إرشادية ومسافات حفاظا على سلامة السجناء واتباع الإجراءات الاحترازية، ويقوم أحد دعاة وزارة الأوقاف بمباشرة إمامة المساجين في الصلوات، وعقبها يلقي عليهم سيرة من سير الصحابة والتابعين، أو يقرأ عليهم جزءا من القرآن الكريم، ويشرح ويفسر معانيه ويعيد ويكرر لمن يريد الحفظ والتجويد.
وهكذا اختلف عالم السجن خلف الأسوار، وأصبح كل نشاط يرغب فيه ممارسته متاح، من يريد ممارسة الرياضة وجدها على ملاعب كرة القدم و'طرابيزات' تنس الطاولة، ومن أراد استكمال دراسته بمختلف سنواتها ودرجاتها العلمية حتى يصل إلى الحصول على الدكتوراه، أتاحت له مكتبة السجن ومراجعها الفرصة، ومن أراد العمل والتكسب فتحت له مصانع النجارة والأثاث، والخضر واللحوم التي تربى في مزارع السجون، والحلاوة الطحينية أبوابها، ومن ليس له مهنة ويريد احتراف أحدها وجد المدربين في ورش التأهيل لتعليمه السباكة والنجارة وأي مهنة يرغب فيها، وهكذا بات عالم السجون في مصر، يمكن للسجين أن يمارس داخله كل ما يمارسه الأشخاص العاديين ولكنه وهو مقيد الحرية تنفيذا لعقوبته التي أقرها القانون، وليس كما تدعي 'هيومن واتش' ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، فلربما ما يمارس داخل السجون المصرية وما يتمتع به النزلاء لا يرى السجناء في بلادهم ربعه.