أودعت محكمة النقض، حيثيات حكمها الصادر في 14 من يونيو الماضي، بتأييد أحكام الإعدام الصادرة من محكمة الجنايات، لـ 12 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وهم صفوت حجازى، محمد البلتاجي، أسامة ياسين، ومفتي الجماعة عبد الرحمن البر، أحمد عارف، إيهاب وجدي محمد، ومحمد عبد الحى، عبد العظيم ابراهيم، مصطفى عبد الحى الفرماوي، أحمد فاروق كامل، وهيثم السيد العربى، محمد محمود زناتي، وذلك لغدانتهم في القضية المعروفة إعلاميا بـ «فض اعتصام رابعة».
واشتمل الحكم الصادر من «النقض» على تخفيف عقوبة 31 متهما من الإعدام إلى السجن المؤبد، وتأييد أحكام الإدانة بالنسبة لباقي المتهمين.
ذكرت محكمة النقض في مستهل شرح أسبابها إن الحكم المطعون فيه انتهي إلى إدانة الطاعنين باعتبارهم شركاء في الجرائم التي دانهم بها تطبيقا لقانون التجمهر، فلا محل لجدل الطاعنين من اضطراب الحكم في شأن اعتبارهم فاعلين أصليين أو شركاء تطبيقا لمباديء الاشتراك العادية، وقامت عقيدة المحكمة على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وثبت من مطالعة الأوراق والتحقيق توافر كافة أركان جريمة الاشتراك في التجمهر.
وردت المحكمة على ما أثاره الطاعنون من كون جماعة الإخوان المسلمين جماعة مشهرة كجمعية بوزارة التضامن الاجتماعي وبموجب أحكام قضائية - وبفرض صحة ذلك - لا يجعل أفعالهم بمنأى عن التأثيم الوارد بالمادة 86 مكرر من قانون العقوبات على ما يبين من صراحة النص ومناقشات مجلسي الشعب والشورى على هذه المادة وتعليق وزير العدل آنذاك عليها بأن التأثيم يشمل كل الصور الواردة في المادة – أيا كانت التسمية - مادام الغرض منها الدعوى إلى عمل من الأعمال المحظورة في هذه المادة متى انحرف أعضاؤها عن أهدافها والغرض من إنشائها بارتكاب أفعال يجرمها القانون - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد.
وأشارت المحكمة في أسباب الحكم إلى أن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو التحريات أو محاولة تجريحها، إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
لفتت " النقض" إلى أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ بإقرار المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك - متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع – والمحكمة ليست ملزمة في أخذها بإقرار المتهم أن تلتزم نصه وظاهره - بل لها أن تجزئه، وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن الإقرار الذي أخذ به الطاعنين ورد نصا في الإقرار بالجريمة، واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا يغير من إنتاجه عدم اشتماله على توافر الجرائم التي دانهم بها، ذلك أنه لا يلزم أن يرد الإقرار على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة وهو ما لم يخطئ فيه الحكم، هذا فضلا عن أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للإقرار، وهو الاكتفاء به وحده، بل بنت معتقدها كذلك على أدلة أخرى عددته.
أكدت المحكمة أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليها، فله أن يُكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم حسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها، وتبين من خلال الأدلة والبراهين أن الطاعنين انضموا إلى جماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام القانون واشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم استعراض القوة والعنف المقترن بجرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد وما أورده الحكم في هذا الشأن يعد كافية وسائغة في تدليله على توافر الجرائم.
وردت محكمة النقض في حيثيات حكمها عن بطلان استجواب المتهمين، لعدم حضور محامين معهم خلال التحقيقات، حيث أفادت بأن تقدير هذه السرعة متروكة للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع مادامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية والمضافة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 من وجوب ندب محام لحضور التحقيق، إذ أن ذلك مقصور على غير حالات التلبس.
أكدت محكمة النقض أن محكمة الجنايات باعتبارها محكمة الموضوع قد استجابت لكافة طلبات الدفاع المنتجة والجوهرية وفقا لما هو ثابت بمحاضر الجلسات، وحققت القضية لما يتفق والقواعد المقررة طبقا لقانون الإجراءات الجنائية وتعديلاته، وأن الدفاع الحاضر مع المتهمين بتحقيقات النيابة العامة لم يشر إلى وجود إكراه أو تعذيب لهم أثناء استجوابهم بتحقيقات النيابة العامة - وكذلك أثناء تداول الدعوى بالجلسات – ولم يقدم الدفاع الحاضر معهم إلى المحكمة ما يفيد ذلك حتى يتسنى لها عرض أي متهم على الطب الشرعي، ولقد تحققت المحكمة من صدق تلك الإقرارات الصادرة من بعض المتهمين بتحقيقات النيابة العامة واطمأنت إليها.