أسدلت دائرة الإرهاب بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، والمنعقدة بمجمع محاكم طرة، اليوم الأحد، الستار في قضية «التخابر الكبرى» التي يعاد فيها إجراءات محاكمة القيادي الإخواني البارز محمود عزت، بعدما قضت بالسجن المؤبد له، لإدانته مع آخرين بارتكاب جرائم التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد.
تستعرض «أهل مصر» خلال السطور المقبلة، رحلة القيادي الإخواني، محمود عزت في القضية، حتى إصدار الحكم بالسجن المؤبد عليه.
لم ينطق القيادي الإخواني بكلمة واحدة، وبدا هادئًا خلال أولى جلسات محاكمته، وذلك منذ دخوله قاعة المحكمة، وترحيله مرتديا الكمامة الطبية تنفيذا لتعليمات رئيس المحكمة.
رحلت مأمورية أمنية خاصة محمود عزت، من مقر محبسه إلى قاعة محاكمته، وذلك وسط تشديدات أمنية مكثفة، وبدا القيادي الإخواني هادئًا مرتديًا الكمامة الطبية، تنفيذا للتعليمات الوقائية التي يشدد عليها رئيس المحكمة ووزير العدل في هذا الشأن كنوع من التدابير الاحترازية في ظل جائحة كورونا.
محمود عزت ينكر الاتهامات: "محصلش"
طلبت هيئة المحكمة من ممثل النيابة تلاوة أمر الإحالة الخاص بالمتهم في القضية، وبعد الإنتهاء من شرح الإتهامات الموجهة إلى محمود عزت، وجهت المحكمة سؤالًا إلى المتهم عن ارتكابه للجرائم الواردة بحقه في أمر الإحالة، فأنكرها محمود عزت، قائلاً: 'محصلش'.
قال ممثل نيابة أمن الدولة العليا أمام المحكمة، إن النيابة تتهم محمود عزت بقيامه وآخرين سبق الحكم عليهم، بالتخابر مع من يعملون لمصلحة منظمة مقرها خارج البلاد – التنظيم الدولي الإخواني وجناحه العسكري حركة المقاومة الإسلامية حماس للقيام بأعمال إرهابية داخل جمهورية مصر العربية.
شائعات وحرب نفسية
وأضاف ممثل النيابة، أن المتهم السادس بأمر الإحالة محمود عزت، اتفق وآخرين مع المتهمين من الحادي والثلاثين وحتى الرابع والثلاثين بأمر الإحالة على التعاون معهم في تنفيذ أعمال إرهابية داخل البلاد وضد ممتلكاتها ومؤسساتها وموظفيها ومواطنيها بغرض إشاعة الفوضى وإسقاط الدولة المصرية وصولا لاستيلاء جماعة الإخوان المسلمين على الحكم بأن فتحوا قنوات اتصال مع جهات أجنبية رسمية وغير رسمية لكسب تأييدهم لذلك، وتلقوا دورات تدريبية إعلامية لتنفيذ الخطة المتفق عليها بإطلاق الشائعات والحرب النفسية وتوجيه الرأي العام الداخلي والخارجي لخدمة مخططاتهم.
التحالف مع تنظيمات جهادية في الخارج
كما قام المتهم وآخرين، سبق الحكم عليهم، بالتحالف والتنسيق مع تنظيمات جهادية بالداخل والخارج وتسللوا بطرق غير مشروعة إلى خارج البلاد قطاع غزة لتلقى تدريبات عسكرية داخل معسكرات أعدت لذلك وبأسلحة قاموا بتهريبها عبر الحدود الشرقية والغربية للبلاد، وتبادلوا عبر شبكة المعلومات الدولية نقل تلك التكليفات فيما بينهم وقيادات التنظيم الدولي، والبيانات والمعلومات المتعلقة بالمشهد السياسي والاقتصادي بالبلاد والسخط الشعبي قبل النظام القائم آنذاك وكيفية استغلال الأوضاع القائمة بلوغًا لتنفيذ مخططهم الإجرامي.
تسلل عبر الأنفاق
أشارت النيابة إلى ان الجريمة وقعت موضوع التخابر بدفع مجموعة من عناصر تنظيمات مسلحة داخلية وخارجية تسللت بطريقة غير مشروعة عبر الأنفاق الحدودية الشرقية للبلاد وهاجمت المنشآت العسكرية والشرطية والسجون المصرية لخلق حالة من الفراغ الأمني والفوضى بالبلاد ومكنت مقبوض عليهم من الهرب، وكان من شأن ذلك ترويع المواطنين وإلقاء الرعب بينهم وتعريض حياتهم وأمنهم للخطر، وعلي إثر عزل المتهم الثالث من منصبه وفي ذات الإطار المخطط الإجرامي السالف بيانه دفعت عناصر مسلحة مماثلة للسابقة تستهدف منشآت وأفراد القوات المسلحة والشرطة لإسقاط الدولة المصرية وخلق ذريعة للتدخل الأجنبي بالبلاد، وقد وقعت تلك الجريمة بقصد المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها.
إحداث حالة من الفراغ الأمني
وتابع ممثل النيابة أن المتهم وآخرين ارتكبوا عمدًا أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها، بأن ارتكبوا الأفعال المبينة بالجريمتين موضوع الاتهامين الواردين بالبندين أولًا وثانيًا مما نجم عن إشاعة الفوضى وإحداث حالة من الفراغ الأمني، وتراجع القوات المنوط بها تأمين الحدود الشرقية للبلاد وتعريض سلامة أراضيها للخطر.
وعددت النيابة الاتهامات الموجهة إلى محمود عزت، مؤكدة أنه تولى وآخرين قيادة جماعية بجماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العام من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وكذا الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تنفيذ أغراضها.
وفي ختام تلاوة أمر الإحالة، طالب ممثل نيابة أمن الدولة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم محمود عزت إبراهيم، القيادي الإخواني البارز في صفوف الجماعة.
الحكم بالإعدام غيابيًا
قضت محكمة جنايات القاهرة بالإعدام شنقًا لـ 'عزت'، وخيرت الشاطر، القيادي بالجماعة، و13 آخرين، والسجن المؤبد للرئيس الأسبق المتوفي محمد مرسي، وأحكام بالمشدد لباقي المتهمين بتهمة التخابر.
ألغت محكمة النقض في وقت سابق أحكام الإعدام والمؤبد بحق محمد مرسي و18 آخرين والسجن 7 سنوات للمتهمين محمد رفاعة الطهطاوي، وأسعد الشيخة في قضية التخابر مع حماس، وأسندت النيابة العامة إلى المتهمين تهم التخابر مع منظمات أجنبية خارج البلاد، بغية ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد.
القاضي: خيانة الوطن عار
وفي خلال جلسة اليوم، قضت المحكمة بالسجن المؤبد للمتهم، وقبل إصدار الحكم، قال المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم، كلمة نارية استنكر فيها خيانة الوطن.
استهل رئيس المحكمة كلمته بتلاوة الآية القرآنية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، وتابع' الخيانة وصمة عار، وذنب لا يغتفر والخائن منبوذ من الجميع،حتى ممّن يخدمهم لا يرونه إلا وسيلة مؤقتة لتحقيق ما يريدون، فالخائن لا عهد له ولا أمان'.
تدريبات عسكرية داخل حماس
استكمل القاضي شارحًا كواليس القضية التي يحاكم فيها محمود عزت، مشيرة إلى أن شبابُ الجماعة الإسلامية بحضور عددٍ من شباب الإخوان من الدولِ العربيةِ، نظموا مخططا تحت رعاية وتدريب حركة حماس، بغرضِ تأهيل بعض عناصرِ الإخوان، للمشاركة في تنفيذي الخطة الإعلامية المتفق عليها، خلال مراحل التخطيط للاستيلاء على الحكم، وقاموا بالتحالف والتنسيق مع تنظيمات جهادية بالداخل والخارج، تسللت بطرق غير مشروعةٍ عبر الأنفاق إلى قطاع غزة، لتلقي تدريبات عسكرية داخل معسكراتٍ أعدت لذلك وبأسلحة قاموا بتهريبها، عبر الحدود الشرقية والغربية للبلاد، وكان يطلق عليهم المجموعات الساخنة، ويتم تدريبِها بشكل راقٍ، وتضطلع بالمهام التنظيمية السرية مثل التنسيق مع قيادات حركة حماس، وكتائب عز الدين القسام، لتسهيل عمليات تسلل العناصر الإخوانية، عبر الأنفاق الحدودية إلى قطاع غزة، ووضع البرامج اللازمة لتدريبهم عسكريًّا، داخل القطاع، وجمع التبرعات المالية من المواطنين المصريين، بدعوى مساعدة الشعب الفلسطيني.