تعاني الصناعة وخاصة الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، والذي يؤدي إلى ارتفاع سعر المنتج النهائي ويفقده القدرة على المنافسة مع المنتجات المماثلة له سواء في الأسواق الداخلية أو الأسواق الخارجية، وبالتالي فإن دعم الصناعة وتوفير كافة العناصر والمقومات الهامة لها من أجل تطويرها ضرورة، خاصة خلال تلك الفترة التي تحتاج إلى الدعم والمساندة من أجل مواجهة تبعات وآثار جائحة فيروس كورونا المستجد والذي كان له أكبر الأثر على كافة الأسواق العالمية.
ويرى الدكتور محمد الكيلاني، أستاذ الاقتصاد بالجامعات الحكومية، أن الحكومة المصرية تسعى جاهدة من أجل الدفع بعجلة التنمية وتحقيق نتائج ملموسة في كافه القطاعات وعلى هدي ذلك تقوم الحكومة حاليا بتنشيط القطاع الصناعي من خلال البحث عن معوقات الصناعة ومن أهم هذه المعوقات التكلفة الكهربائية للمصانع كثيفه الطاقة
وقال الكيلاني، نظرا لأن تخفيض أسعار الطاقة للشركات الصناعية أصبح حتميا فقرار خفض سعر الغاز الطبيعي للمصانع، لاستخدام الطاقة، قرار صائب يصب فى مصلحة الصناعة الوطنية.
في ظل أن حجم إنتاج المصانع المحلية يتفوق على احتياجات السوق الداخلية حاليًا، الأمر الذى يستدعى وقف الاستيراد، فضلا عن أن تخفيض أسعار الطاقة سيساهم في استمرار معدلات النمو الاقتصادية علاوة على أنه يدعم الإنتاج وليس الاستهلاك وسيعود على الصناعة بآثار إيجابية، على رأسها زيادة القدرة التنافسية والتصدير للخارج، وما يؤكد ذلك أن خفض أسعار الغاز أو مراجعتها وربطها بالأسعار العالمية، يعطي الفرصة للمنتج المصري للمنافسة في الأسواق الخارجية، وجذب المزيد من الاستثمارات لقطاع الصناعة و تهيئة المناخ الاستثماري وتوفير فرص عمل، وكذا بناء صناعات وطنية لها القدرة على المنافسة، ورفع شعار صنع في مصر بالأسواق الخارجية، فضلا عن أن له عائد كبير في توطين صناعة السيارات في مصر.
وأوضح الكيلاني في تصريح خاص لـ "أهل مصر"، أنه لكي ينجح لابد من فرض رسوم على المنتج المستورد لحماية المنتج المصري وهو ما حدث في استيراد السيراميك بقرار وقفه للحفاظ على الصناعة المصرية، وليس هذا فحسب فالحكومة تقوم بتمويل أكثر من مليون مشروع من المشروعات الصغيرة والمتوسطة وصلت إلى 27 مليار جنيه كمبادرات تنموية، موضحا أنه رغم ذلك إلا أن الأسعار الحالية للطاقة لا تتناسب مع احتياجات السوق والوضع الحالي للصناعة، خاصة مع تحركات الحكومة لتعميق التصنيع المحلي والاعتماد على المنتجات الوطنية في تلبية احتياجات السوق، والخطط التي تم الإعلان عنها للوصول بقيمة الصادرات إلى نحو ١٠٠ مليار دولار خلال السنوات ٢٠٢٥م .
وأضاف، أن السعر العادل للغاز للقطاع الصناعي لا بد أن يتراوح بين ٢.٥ و٣.٥ دولار للمليون وحدة حرارية حسب احتياجات كل قطاع، وبما لا يضر بإيرادات الحكومة، وأن كل سنت سيتم خفضه من سعر الغاز سيكون له أثر على معدلات التصنيع وإعادة خطوط الإنتاج المعطلة، ورفع معدلات التصدير، حيث ستتمكن المنتجات المصرية من المنافسة بقوة في مختلف الأسواق.
مضيفا أن سعر الغاز كمدخل إنتاجي في بعض القطاعات الصناعية والإنتاجية، خاصة أن القطاع الصناعي يعانى كثيرا من تكلفة الإنتاج المرتفعة، التي انعكست بصورة واضحة على أسعار المنتجات النهائية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض ملحوظ في تنافسية الصادرات المصرية، وهو ما خفض حصيلتها من العملة الصعبة، أي انعكس ذلك على الميزان التجاري وساهم في الفجوة الملحوظة في الميزان التجارى الخارج.
وأشار إلى أن فكرة خفض تكلفة الإنتاج من خلال تقليل سعر الطاقة للمصانع يساهم في علاج خلل الميزان التجاري، و يعد قطاع الصناعة في مصر هو قاطرة النمو، لما يساهم به هذا القطاع من توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة بشكل سنوي، حتى أن إجمالي المشتغلين بهذا القطاع بلغ أكثر من ١٨ مليون عامل بحسب تقديرات اتحاد الصناعات، ورغم أن الحكومة قطعت شوطا كبيرا فيما يتعلق بأسعار الطاقة، لتقليل سعر بيعها للمصانع، منها خفض سعر الكهرباء ١٠ قروش في إطار قرارات الحكومة الصادرة في ١٧ مارس ٢٠٢٠ لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، وكذلك خفض سعر الغاز للمليون وحدة حرارية للغاز من ٥.٥ دولار إلى ٤.٥ دولار، إلا أن سعره لا يزال مرتفعا ويمثل عائقا لدى بعض الصناعات.