اعلان

خبير اقتصادي يكشف مخاطر ارتفاع الدين العام على الاقتصاد المحلي

رمزي الجرم عضو الجمعية المصرية
رمزي الجرم عضو الجمعية المصرية

قال الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي، إن مشكلة الدين العام وتداعياته السلبية على الاقتصاد، من الأمور المُقلقة وغير المُريحة للحكومات وصناع القرار والسياسة الاقتصادية والمالية اختلاف أيديولوجيتها الاقتصادية والسياسية.

وأوضح أن هذه الإشكالية دائما ما تكون مثار قلق دائم للمواطنين، على خلفية التخوف من نقل أعباء تلك القروض، إلى الاجيال القادمة، فضلا عن التداعيات السلبية على الأحوال المعيشة لهم، نتيجة نقص الموارد المالية التي يتم تخصيصها للانفاق على الخدمات العامة الأساسية، بسبب توجيه تلك الموارد نحو سد العجز الكلي للموازنة العامة للدولة، نتيجة سداد أقساط القروض وخدمتها.

وأوضح الجرم أنه على الرغم من أن هذا التخوف له وجاهته الفائقة، وله ما يبرره، إلا أن هذا الأمر في كثير من الأحيان، قد يشوبه العديد من الافتراضات أو المفاهيم الخاطئة والمُغلوطة، اهمها: هو التركيز على قيمة الدين العام(بشقيه المحلي والخارجي)، دون نسبته إلى العديد من المتغيرات الأخرى، مما يؤدي إلى وجود لبس شديد، يؤدي بدورة إلى حدوث مشاكل عديدة أخرى، فعلى سبيل المثال، دائما ما يتم مقارنة قيمة الدين العام منذ فترات طويلة سابقة، بقيمة الدين العام الحالي، وهذه مقارنة ظالمة حقا.

وأضاف: "قيمة الدين العام لابد من نسبته مثلاً إلى الناتج المحلي الاجمالي، ودائما ما يُعتد بالمعدل؛ وليس القيمة المُطلقة لقيمة الدين العام، نظرا لان الدولة قد تقترض من أجل زيادة الاستثمارات، وهي بدورها ستؤدي إلى زيادة ملموسة في الناتج المحلي الاجمالي، ومن ثم، قد يكون قيمة الدين العام مرتفعاً؛ ولكن يكون هناك زيادة اخرى وبوتيرة اكبر في الناتج المحلي الاجمالي، فإذا ما تم نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الاجمالي، سيكون المعدل مُنخفض".

وأشار إلى أن الحكومة نجحت في خِفض نسبة الدين العام (المحلي والخارجي) من أعلى مستوى له (108%) من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 /2016، إلى (87.5%) في عام 2019 /2020، بعد تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي، ثم عاد الارتفاع قليلاً، ليصل إلى (91.5%) في عام 2020 /2021، بفعل جائحة كورونا، ومن المتوقع أن ينخفض الى (82.9%) في العام المالي 2022 /2023،حيث كان المُستهدف تخفيضه إلى (68%) عن ذات الفترة المذكورة اخيراً، وهي قريبة من النسب المريحة والأمنة عالمياً، والمُقدرة ما بين (60% - 70%) هذا كله في ظل تصاعد مستمر لقيمة الدين العام بشقيه المحلي والخارجي.

وأشار إلى أن من أهم أسباب ارتفاع أرقام الدين العام لمصر، ربما ترجع بالأساس إلى توجيه طائفة كبيرة من تلك القروض في زيادة حجم الاستثمارات الحكومية، والتي ارتفعت بمعدل 110٪ خلال 2021، حيث قفزت من 595 مليار جنيه (38.043 مليار دولار) خلال 2020، إلى نحو 1250 مليار جنيه (79.092 مليار دولار) في العام المالي الحالي، بزيادة بلغت 656 مليار جنيه (41.877 مليار دولار )، فضلاً عن زيادة حجم الإنفاق على البنية التحتية، وخطة التحفيز التي تبنتها الحكومة في مارس 2020 لمواجهة التداعيات السلبية لأزمة كورونا.

ولفن إلى أنه ورغم ذلك؛ مازال الدين العام الخارجي في الحدود الآمنة، إذ لم يتعدى 33.2٪ من النانج المحلي الاجمالي(الحدود الآمنة من 30٪ الى 50٪ ) رغم الآثار السلبية للأزمة التي سبيتها جائحة كورونا، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع يرجع ايضاً إلى زيادة الاقتراض من صندوق النقد الدولي، خصوصا خلال عام 2020، والذي وصل لنحو 20.4 مليار دولار، فقد حصلت مصر على 2.8 مليار دولار بموجب(اداة التمويل السريع) في مايو 2020، لدعم ميزان المدفوعات، وبمعدل فائدة تقترب من الصفر، ثم حصلت ايضاً على 3.6 مليار دولار تحت إتفاق (الاتفاق الائتماني) الذي يبلغ 5.2 مليار دولار للسداد على سنة.

ولفت إلى أن الحكومة المصرية استغلت سوق السندات، فتم طرح 5 مليار دولار في الأسواق العالمية في مايو 2020، كما اتجهت الحكومة والقطاع الخاص إلى هذا النوع من السندات الدولية والسندات الخضراء، للعمل على مواجهة أزمة كورونا، بالاضافة الى ان الارتفاع في حجم الدين العام، وبصفة خاصة الدين العام الخارجي، كان توجه عالمي، لحماية الأرواح والحفاظ على الوظائف وتجنب موجة عارمة من حالات الإفلاس، ولو لم تتحرك الحكومات في كافة الاقتصادات (بشكل عام) لمواجهة هذا الطارئ الخطير؛ لكانت العواقب الاجتماعية والاقتصادية وخيمة للغاية، وهذا ما دفع كافة حكومات العالم نحو طباعة نقد إضافي، لمواجهة أزمة البطالة وتداعياتها المُدمرة على الاقتصاد القومي لتلك الدول.

وأوضح أن حجم الديون العالمية، تُشير كثير من البيانات إلى تطور حجم الدين العالمية بشكل مُرعب خلال الخمس سنوات الاخيرة، حيث قفز إجمالي الدين العالمي من 63٪، ليصل إلى 116 تريليون دولار بنهاية 2017؛ إلى نحو 300 تريليون دولار في نهاية العام 2021، وبما يشير إلى ارتفاع متنامي لأرقام الدين العام بشكل غير مسبوق، ليس فقط على مستوى الاسواق الصاعدة والدول منخفضة الدخل فحسب، ولكن بشكل كبير على مستوى كافة الاقتصادات المتقدمة.

وأكد أن ديون الاقتصادات المتقدمة والصين ساهمت بأكثر من 90٪ من حجم طفرة الدين البالغة 28 تريليون دولار في عام 2020، حيث كان إنخفاض سعر الفائدة، له اكبر الأثر في التوسع في الاقتراض؛ على عكس الدول النامية التي تواجه تحديات كببرة في الحصول على التمويل الخارجي، وغالباً ما يكون بمعدل عائد مرتفع.

وقال إن معدل نمو الدين العام، يتزايد، بتزايد العجز الكلي في الموازنة العامة للدولة، والعكس صحيح، ومن أجل ذلك، سعت الحكومة المصرية، خلال الفترة القليلة الماضية، نحو التخفيض التدريجي للعجز الكلي، بالنسبة الناتج المحلي الاجمالي، فضلاً عن تحسين متوسط آجال الدين العام، حيث شهدت نسبة العجز الكلي بالموازنة، انخفاضاً تدريجياً من (13.7%) من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 /2016، إلى نحو (7.5%) في العام المالي 2019 /2020، ثم إلى (8.1%) في العام 2020 /2021، بسبب أزمة كورونا، وتستهدف الحكومة تدني هذا المعدل ليصل إلى (5.2٪) من الناتج المحلي الإجمالي، ليقترب من المعدلات الآمنة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً