تهتم الحكومة خلال المرحلة المقبلة بالثروة المعدنية، ومن بينها استخراج الذهب، وهو أحد أهم الاستثمارات التي يتم التركيز عليها، والتي لجأ إليها العديد من كبار رجال الاستثمار داخل مصر.
يأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية التابعة لوزارة البترول، عن أن الذهب في مصر يتركز إنتاجه في ثلاثة مواقع بالصحراء الشرقية هي جبل السكري ومنطقة حمش ووادي العلاقي.
وتمتلك مصر نحو 220 موقع ذهب منهم 120 موقعا ومنجما تم استخراج الذهب منهم في الماضي، وأظهرت بيانات البنك المركزي ارتفاع الاحتياطي من الذهب إلى 4.228 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2021، مقابل 4.222 مليار دولار بنهاية نوفمبر.
فرصة الاستثمار في الذهب تتصاعد
وأكد هاني جيد رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، أن الأسعار الحالية فرصة للاستثمار بشراء الذهب، مشيرا إلى أنه رغم انخفاض الأسعار حتى 1 % لا تعتبر انهيارا أو انخفاضا كبيرا.
وأشار إلى أن ارتفاع سعر الذهب دائمًا ما يكون سببه سعر البورصة العالمية، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، بالإضافة إلى عوامل العرض والطلب في السوق المحلي، كما أن تهافت المستثمرين على الذهب تسبب في ارتفاع سعره، خاصة أن مصر مرتبطة ارتباطًا كُلِّيًّا بسعر البورصة العالمية وعوامل صرف الجنيه أمام الدولار.
أول مصرف للذهب
وقال إيهاب واصف، رئيس شعبة صناعة الذهب باتحاد الصناعات ورئيس شعبة تصنيع المعادن الثمينة، إن قطاع صناعة المشغولات الذهبية لديه فرص واعدة للنمو وتوفير فرص عمل والمشاركة بقوة في زيادة حجم الصادرات المصرية إلي الأسواق الإقليمية والدول المحيطة.
وأضاف "واصف"، أنه بالفعل هناك العديد من الخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لدعم الصناعة في مقدمتها مثل إنشاء أول مصرف للذهب وذلك منتصف ديسمبر 2022.
وأعلن الدكتور على المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية عن الدمغة الجديدة بالليزر تحت نظام QR code.
قوة استثمارية لرجال الأعمال
أعلنت شركة لامانشا القابضة، في يوليو الماضي من 2021، عن إنشاء صندوق استثماري متخصص في مجال تعدين الذهب، وعلي رأسهم نجيب ساويرس عضو مجلس إدارة مجموعة "لامانشا"، أحد أكبر مستثمر في شركة "إنديفور" للتعدين وتمتلك مناجم ذهب في أفريقيا، ويدير الصندوق أصولا بأكثر من 1.4 مليار دولار، وسيكون متاحا لمستثمرين آخرين.
ويقول "ساويرس"، إن الفرص الاستثمارية في قطاع تعدين الذهب تشهد تطورا كبيرا، باعتباره أحد أهم الاستثمارات الأكثر أماناً خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف أنه يستثمر في أسهم شركات تعدين الذهب فقط، متوقعا حدوث عملية تصحيح في أسواق الأسهم العالمية، وأعلن ساويرس في عام 2018 أن نصف ثروته تتشكل من استثمارات في قطاع الذهب.
الأحداث العالمية تؤثر على حيازات الذهب
قال سيد خضر، الخبير الاقتصادي: "تشهد الفترة الأخيرة العديد من الأحداث مع استمرار تداعيات أزمة كورونا، وإعلان روسيا عن عملية تفتيش حرب على قواتها على على الحدود الجنوبية مع أوكرانيا، كما أن غزو أوكرانيا من جانب روسيا سيكون لها آثارا اقتصادية كبيرة على روسيا والعالم أيضا ستؤثر على ارتفاع أسعار الذهب عالميا مع استمرار أزمة التضخم في أمريكا والاتجاه إلى شراء الذهب بشكل كبير لأنه يعد ملاذًا آمنًا من قبل الأفراد والمؤسسات وسيكون لها عواقب في الدول أيضا التوقعات بالنسبة لأسعار الذهب.
وأضاف أنه من المتوقع أن يستمر في الحركة في الاتجاه العرضي المحدود انتظارًا لما يسفر عنه اجتماع الفيدرالي الأمريكي والمتوقع أن يسفر عن الإعلان عن رفع سعر الفائدة في مارس القادم.
توقعات بزيادة توجهات شركات القطاع الخاص للاستثمار في الذهب
أما بالنسبة للوضع في مصر فقد أكد الخبير الاقتصادي، اتجاه شركات القطاع إلى الخاص لزيادة الطلب وضخ مزيد من الاستثمارات في الذهب الملاذ الآمن خاصا مع الشائعات المغرضة التي تؤثر على الاستثمارات غير المباشرة، والاتجاه الكبير على شراء الذهب مما يساهم في الارتفاع، لكن الدولة المصرية من خلال إنشاء مدينة الذهب المتخصصة وزيادة عمليات التنقيب يساهم في ضخ مزيد من الذهب في السوق وستجعل هناك منافسة كبيرة.
مشروعات منتظرة
ويري "خضر"، أن الدولة المصرية لديها إصرار على نجاح المؤسسات الاقتصادية، خاصة أن الاقتصاد المصري أصبح ذو رؤية اقتصادية حقيقية وأصبح الاقتصاد المصري نموذج تنموي يحتذى به، من خلال تنفيذ برنامج إصلاح هيكلي في جميع القطاعات، في تلك الفترة من إنجازات اقتصادية متتالية وتنفيذ مشروعات في قطاع الذهب وزيادة الاحتياطي وتحقيق التوازن ووضع رؤية استراتيجية واضحة من أجل تحقيق النجاح والاستمرار في تنفيذ المشروعات، كل تلك العوامل تساهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية في ظل ما يشهده الاقتصاد المصري.
ضوابط تنظيمية للاستثمار في الذهب
وقال سيد قاسم الخبير الاقتصادي، إن الضوابط التنظيمية للاستثمار في الذهب ستنهي على الاقتصاد الموازي، ومما لا شك فيه أنه بعد عقود طويلة من التجارة العشوائية وانتشار حالات النصب العشوائي في العديد من المجالات الهامة والمؤثرة والتي تغوص في بيئة الاقتصاد القومي باستخدام آليات الاقتصاد غير الرسمي جاء وقت لوضع آليات الرقابة عليه وعلي رأسها الاستثمار والادخار في الذهب الذي يعتبر الملاذ الآمن للمواطنين، وذلك حتى تتمكن الدولة من استكمال عملية البناء لاقتصاد آمن.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أنه انطلاقا من مستهدفات عملية التحفيز الاقتصادي التي يتبناها برنامج الإصلاح الاقتصادي، ولما تمتاز به دولتنا الغالية من ثروات مستدامة واستكشافات جديدة في مجال الذهب بالإضافة إلى ثروات الأيدي العاملة الحرفية في صناعة الذهب سيشهد العالم الاقتصادي مدينة الذهب المصرية بالعاصمة الإدارية، لأن المدن المتخصصة كمدينة الجلود ومدينة الأثاث وغيرها، لها دور مهم وتساعد على الارتقاء بتلك الصناعات والوصول بها للمستوى العالمي.
وتعتبر مدينة الذهب ملتقى عالمي لمعارض ومدارس الذهب، وستعتبر نقلة نوعية للذهب المصري، الذي يعتبر من الركائز الأساسية للاقتصاد القومي مما دعا الحكومة المصرية للعمل بقوة في مجال التعدين.
ولإنعاش البورصة المصرية فلا مانع من دمج سوق الذهب مع سوق الأوراق المالية الفترة القادمة من خلال العمل على الصناديق المختلطة والتي تجمع بين صناديق الذهب وصناديق الدخل الثابت، أي بها تنوع في الأوراق المالية داخل الصندوق الواحد، فهناك مستثمرون يرغبون بالاستثمار في الذهب، إلى جانب الاستثمار في أدوات الدين، وبذلك تتحقق المعادلة المثمرة من استغلال الضوابط التنظيمية في خلق فرص استثمارية جديدة أمنة تنعش من سوق البورصة المصرية وتحبط فرص السوق الموازي من الحراك السلبي داخل الاقتصاد المصري.
أول شركة مصرية لتحويل المحتوي للعالمية
وأعلنت هيئة الثروة المعدنية عن توجه الحكومة لإنشاء أول شركة مصرية للاستفادة من موارد الذهب المصري لتحويل المحتوى المحلي إلى العالمية وتوفير اعتماده داخل الدولة المصرية، بختم الكود الدولي 9999 بالتعاون مع بعض الدول المجاورة، وذلك بالتزامن مع إنشاء أول مصفاة للذهب بمرسى علم.
وتسعى الحكومة لزيادة التنقيب عن الثروات المعدنية كالذهب والمعادن المصاحبة له، وكذلك تفعيل عمليات الاستكشافات البترولية بمحافظة البحر الأحمر خاصة في مدن القصير ومرسى علم وسفاجا وغيرها من المناطق الزاخرة بخام البترول والغاز الطبيعي، حيث تم مخاطبة الشركات للتعاون معها في إنشاء شركة مصرية لاعتماد الذهب المصري، مع إمكانية إحضار الذهب من الدول الشقيقة لتكريره واعتماده داخل مصر.
تعاقد حكومي للتنقيب
أبرمت شركة سويس جولد، عقد تعاون استراتيجي لتصفية وتحلية الذهب؛ مع شركة شلاتين للثروة المعدنية، وهي الشركة المانحة لحقوق التنقيب عن الذهب على مستوى مصر، وجاء اختيار شركة سويس جولد، بعد مناقصة مع عدد من الشركات؛ وتم اختيارها بسبب امتلاكها التقنيات الفنية العالمية طبقا لأعلى المعايير السويسرية والعالمية والتي تتميز بها الشركة في مجال تصفية الذهب وصناعة السبائك.
خطة النهوض وحصر الثروة
قال إيهاب واصف رئيس شعبة الذهب، إن استراتيجية النهوض بصناعة الذهب تستهدف مواكبة أحدث التكنولوجيات الخاص بها، من خلال إدخال عمليات تطوير على دمغ المشغولات الذهبية، مضيفا أن وزارة التموين استحدثت مع مصلحة الدمغة والموازين الدمغة بالليزر وهي أحدث الأنظمة المتبعة في دمغ المشغولات الذهبية، حيث يتم من خلالها منح كل مشغول ذهبي كود مدون عليه كافة التفاصيل الخاصة بالمنتج سواء الشركة المصممة، أو وزنه أو نوع العيار الخاص به، ما يضمن عملية حماية للمستهلكين من عمليات غش الذهب، وسهولة استرجاعها عند السرقة، والحفاظ على قيمتها عند إعادة البيع.
وأشار "واصف"، إلى عملية الدمغة بالليزر هي عملية فنية بحتة، ولن يكون لها تأثير على حركة بيع وشراء المشغولات الذهبية، حيث أنها لا تزال قيد الفترة التجريبية؛ ولم يتم إقرارها بشكل رسمي، نافيا أن يؤثر العمل بها على منع بيع وعدم الاعتراف بالمشغولات الذهبية المدموغة بالطرق القديمة، مشددا أنه سيستمر تداولها بشكل طبيعي، مؤكدا أن الدمغة بالليزر ستطبق على المشغولات التي سيتم تصنيعها حديثا بعد اعتماد العمل بها رَسْمِيًّا.
وأوضح "واصف" أن الشعبة في تواصل مستمر مع وزارة التموين ومصلحة الدمغة والموازين، لتنفيذ عملية التحول للدمغة بالليزر تدريجيا بما لا يؤثر على المستهلكين والمصنعين.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
