قال خبراء اقتصاد إن انتقال الاقتصاد بين النمو والركود، لا يحدث بشكل مفاجئ، وإنما يحتاج لفترة من الوقت، وهذا يعنى أن انعكاس الأسواق وخاصة في الاتجاهات الرئيسية، يكون نتيجة لسياسات مالية ونقدية وتوجهات حكومية على الأجل الطويل.
وأوضح الخبراء أن خروج أي اقتصاد من الركود أو الكساد، ليس بالبساطة أو السهولة التي قد تحدث في أيام، وإنما يستغرق شهورًا وأحيانًا سنوات، ولكنها تسعى لإطالة فترات الانتعاش وخفض فترات الركود، ومن ثم يجب التواصل مع المؤسسات العالمية وإصدار قرارات استثنائية عاجلة.
قال إيهاب سعيد عضو مجلس إدارة البورصة السابق، إن المستثمرين بشكل عام، سيتجهون للاستثمار في أدوات الدخل الثابت وثيقة الصلة بأسعار الفائدة، بحثًا عن الأمان وسط غموض المشهد الاقتصادي العالمي.
وأضاف أنه في ظل سيطرة الركود مع تباطؤ النشاط الاقتصادي وعدم وجود فرص استثمارية، عادة ما تبدأ البنوك المركزية في توسيع سياستها النقدية بالتوازي مع سياسات مالية محفزة، ومن ثم تبدأ شهية المخاطرة لدى المستثمرين المحترفين، في الارتفاع نسبيا مع توقعاتهم بنشاط اقتصادي وشيك، فيبدأون في التحول تدريجيًا من الاستثمار في أدوات الدخل الثابت كالسندات والشهادات والودائع، إلى الأسهم التي بدأت اتجاهها الصعودي، وتصاعدت وتيرة التفاؤل بتحسن مؤشرات الاقتصاد.
وذكر أن المستثمرين في الأسهم لا ينتظرون حتى ظهور تلك المؤشرات، وإنما يبدأون بالتفاعل تبعًا لتوقعاتهم تجاهها، مؤكدًا أن المحرك الرئيسي للمتعاملين بالأسواق هو توقعاتهم المستقبلية، فأنت قد تشتري اليوم منزلًا كونك تتوقع ارتفاع الأسعار، وكذلك سيارة أو أي سلعة استهلاكية، فغالبًا ما تكون أحد أسباب شرائك هو التوقعات المُستقبلية.
وأوضح أن الاتجاهات في أسواق المال دائمًا ما تعبر عن توقعات المستثمرين تجاه الوضع المُستقبلي، فمن يشتري السهم، هو بالأساس يتوقع ارتفاعه، وكنتيجة لتوقعاتهم المُتفائلة، ترتفع شهيتهم للمخاطرة، حتى تصل ذروتها مع ظهور الأخبار الاقتصادية المُنتظرة، وارتفاع معدلات النمو وانخفاض معدلات البطالة لأدنى مستوياتها، وهي المؤشرات التي غالبًا ما يتواكب معها بداية ارتفاع معدلات التضخم، كنتيجة عن ذروة النشاط الاقتصادي.
وتابع بأنه مع ظهور بوادر المؤشرات الاقتصادية ، يقوم المحترفون بالتحول للأصول الرأسمالية بقيادة الذهب للتحوط من تراجع قيمة العملة، في مقابل التخلي تدريجيا عن الأسهم، كونهم قد تفهموا ما يحدث وأن مثل هكذا مؤشرات إيجابية إنما تعد نتيجة لما حدث، وليس مؤشرًا عن ما هو قادم، ومع وصول معدلات التضخم إلى ذروتها، تبدأ البنوك المركزية في التدخل مجددًا، معلنة بذلك نهاية الدورة الاقتصادية، لتنسحب استثماراتهم من الأصول القوية متوجهة مرة أخرى لأدوات الدخل الثابت بحثًا عن الأمان وانتظارًا لدورة اقتصادية جديدة، فحين تتدخل البنوك المركزية بتشديد السياسات النقدية بعد فترة من التوسع والنمو، فهذا غالبا ما يكون اول اعلان عن نهاية دورة اقتصادية.
ومن جهته، يرى هاني توفيق الخبير الاقتصادي، أن مصر هي الأكثر تضرراً من عواقب الحرب الروسية الأوكرانية، الأمر الذي يدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة واستثنائية، متمثلة التوصل لاتفاق عاجل وبشروط مخففة، مع صندوق النقد الدولي، وبعض دول الخليج الصديقة، بغرض سد الفجوة التمويلية التي تزداد اتساعاً مع امتداد الحرب وارتفاع الأسعار، مع رفع سعر الفائدة خلال الأسبوع الجاري، وإصدار شهادات ٣ سنوات، تبدأ من البنوك الحكومية، وبعائد في حدود 15% سنوياً.
وأشار هاني إلى ضرورة خفض قيمة العملة، طبقاً لتوقعات كل مؤسسات التقييم المالي في حدود 15 إلى 20%، على أن نتخلى فيما بعد، عن سياسة تثبيت سعر الصرف الذي يجب أن ينخفض سنوياً، بمقدار معقول يتناسب مع التضخم السنوي لزيادة إيرادات السياحة والتصدير، مع ترشيد وخفض الاستيراد وتشجيع وتحفيز وتجويد المنتج المحلي.