قال الدكتور رمزي الجرم الخبير الاقتصادي، إن أزمة كورونا، أثرت بشكل كبير على ارتفاع مُعدلات التضخم، مع وجود بوادر حقيقية للتعافي من هذا الوباء الخطير، ما أدى إلى عودة شبح التضخم مرة أخرى.
وأوضح أن ذلك يرجع إلى قيام الكثير من البنوك المركزية من البلدان المختلفة، بطباعة كميات ضخمة من النقد، من أجل الحفاظ على العمالة ومستويات التشغيل عند الحدود المقبولة، فنجد أن الولايات المتحدة الأمريكية، أفرطت كثيراً في طباعة النقد أثناء الأزمة.
وأفاد أنه مع عودة الحياة شبه الطبيعية، ظهرت الآثار السلبية الناتجة عن طباعة كميات كبيرة من النقد، وبما لا تتناسب مع قدرة الجهاز الإنتاجي، أي أن العرض، لا يتناسب مع كميات النقد الموجودة في الأسواق، مما أدى إلى وجود زيادة كبيرة في مُعدلات التضخم في الاقتصاد الأمريكي، مما أدى إلى انتشار التضخم في معظم الاقتصادات العالمية، نتيجة ارتباطها بشكل كبير بالاقتصاد الأمريكي، لما يعرف في الأدبيات الاقتصادية، بعدوى الأزمات المالية.
وأضاف أنه ، بالنسبة للشأن المحلي، نجد أن التضخم الذي يواجه الاقتصاد المصري، ناتج عن زيادة أسعار عوامل الإنتاج، أي أنه تضخم تكاليف، وليس تضخم طلبيّا كما هو الحال في الاقتصاد الأمريكي، فضلاً عن أن جزء كبيرا من التضخم الذي يواجه الاقتصاد المصري، مُستورد، نتيجة زيادة فاتورة الاستيراد المُحملة بالتصخم من الدول المُصدرة.
وتابع بأنه يتعين على صانعي السياسة الاقتصادية، وبشكل خاص السياسة النقدية، أن يدركوا أن آليات مواجهة التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية، عن طريق زيادة الفائدة، لسحب الكتلة النقدية الزائدة، قد لا تكون ملائمة إلى حدٍ ما، فيما يتعلق بأليات معالجة التضخم في الاقتصاد المصري، نظراً لاختلاف الأسباب بين هذا وذاك.
وأكد أن الأزمة التي تواجه الاقتصاد المصري بشكل عام، هي أزمة هيكلية، وليست أزمة نقدية، لا يمكن علاجها من خلال قناة سعر الفائدة وحدها، ولكن الأمر، يحتاج إلى معالجة الأسباب، وليس معالجة الظاهرة فقط، اي معالجة المرض، وليس معالجة الأعراض، وبما يضع الكثير من العبء على صانعي السياسة النقدية، في شأن الحرص الشديد فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة، مع أي رفع لها من قِبل الفيدرالي الأمريكي، بل يجب اتخاذ العديد من الأليات الأخرى، التي تعالج الأزمة بشكل خاص، ومن بينها، تَبني استراتيجية متكاملة لزيادة الإنتاج الزراعي والصناعي وتقليل فاتورة الإستيراد، من خلال الاعتماد على المنتج المحلي كبديل للمُنتجات المستوردة بشكل حقيقي، مع تَبني سياسة تقشفية شديدة، من أجل تخفيض ملموس في أسعار عوامل الإنتاج، مما سيكون له إنعكاساته الايجابية على إنخفاض حدة معدل التضخم بشكل نسبي.