قال أبوبكر الديب، الباحث الاقتصادي، إن الجنيه المصري ينتظره 3 سيناريوهات بعد انتهاء إجازة العيد وحتى انتهاء العام الجاري 2022، موضحا أن أولى هذه السيناريوهات هي ارتفاع طفيف لقيمة الجنيه في مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وهو السيناريو الأكثر تفاؤلا مع تجاوز الاقتصاد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، كما تجاوز تداعيات جائحة كورونا بدعم من المشروعات التنموية التي تنفذها الحكومة واكتشافات النفط والغاز وتحول مصر لمركز إقليمي للطاقة بالشرق الأوسط وتلبية نسبة كبيرة من احتياجات أوروبا من الغاز بعد فطامها من الغاز الروسي ونجاح إجراءات الإصلاح الاقتصادي.
وأضاف، أن مصر حصلت على ثقة جميع مؤسسات التقييم العالمية الثلاثة "ستاندرد آند بورز"، و "موديز"، و "فيتش" خلال فترة من أصعب الفترات التي شهدها الاقتصاد العالمي في ظل جائحة كورونا، وما أعقبها من تحديات اقتصادية عالمية، داعين رجال الأعمال وأعضاء مجلس النواب إلى مساعدة الحكومة في النهوض بالجنيه مقابل الدولار، مقدما روشتة خاصة تتكون من 10 حلول وإجراءات أهمها الاعتماد على مدخلات إنتاج محلية، لتلبية احتياجات الصناعة المصرية، دون الحاجة للاستيراد من الخارج بالعملة الصعبة، وعمل مواصفات قياسية، للمصانع المصرية، طبقا للجودة العالمية من أجل فتح أسواق خارجية لمنتجاتنا، مع هيكلة ودعم مكاتب التمثيل التجاري بالخارج للقيام بدورها الأساسي في دعم التجارة الخارجية وزيادة الصادرات.
واقترح الديب فتح فروع للبنوك المصرية بالخارج وخاصة في دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا والخليج العربي، من أجل تشجيع المصريين بالخارج على تحويل العملات الأجنبية لمصر، والاستثمار فيها، مع تقليل الطلب على العملة الأجنبية، من خلال التعامل بالجنيه في التعاملات الدولية ما أمكن، لزيادة الطلب الدولي على الجنيه، وإقرار ضوابط مغلظة على الاستيراد العشوائي، أو السلع الاستفزازية.
وقال إن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري والذي شرعت فيه الحكومة قبل سنوات ساعد في توفير فرص عمل للشباب، وارتفاع الصادرات المصرية وتقليل الواردات وزيادة الاستثمار وتطوير البنية التحتية وتنويع الاقتصاد، وقد نجحت مصر في السيطرة على معدلات الدين للناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح أن ثاني هذه السيناريوهات هو ثبات قيمة الجنيه أمام الدولار علي المستويات الحالية، أما السيناريو الثالث فهو انخفاض قيمة الجنيه في حالة إطالة أمد الحرب الروسية الأوكرانية وزيادة حالات كورونا في الصين والعالم من جديد ما يسبب في إحداث أضرار أكبر بالاقتصاد الدولي.
وأشار الديب إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته الحكومة في 2016، أنعش الجنيه وجعله يحقق أفضل أداء أمام الدولار خلال الفترة من 2017 وحتى يونيو 2021 ليرتفع 13.1 %، ما أدى إلى صمود الجنيه المصري خلال جائحة كورونا مقارنة بالعملات الأخرى، وجاء تحسن أداء الجنيه مقابل الدولار في الفترة المذكورة إلى عدة أسباب منها زيادة التدفقات النقدية بالعملة الأجنبية لمصر بسبب إقبال المستثمرين الأجانب والصناديق الدولية على الاستثمار في أدوات الدين المحلي وزيادة صافي الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية وزيادة عوائد قناة السويس حيث سجلت قناة السويس أعلى إيراد لها في تاريخ خلال العام المالي (2020/2021) ليبلغ 5.84 مليار دولار فضلا عن زيادة تحويلات المصريين في الخارج وتقليل فاتورة الواردات المصرية من 85 مليار دولار إلى 60 مليار دولار، ما قلل الضغط على طلب الدولار.
وذكر الديب، أن احتمال خفض الجنيه من جديد تبني علي تقليل الضغط علي المالية العامة لمصر فبسبب الحرب في أوكرانيا، تواجه مصر تكاليف أعلى بسبب احتياجها الشديد لاستيراد القمح، إضافة إلى ضعف عائدات السياحة من الزائرين الروس والأوكرانيين.
وأكد الديب أنه رغم التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية علي اقتصاد العالم إلا أن الحكومة المصرية نجحت في اتخاذ إجراءات مهمة وسريعة ساهمت في التخفيف من حدة الآثار السلبية للأزمة على مصر، واستيعاب الصدمة، والحفاظ على صلابة الاقتصاد والذي حقق مؤشرات إيجابية لمعدلات النمو، حيث سجل أعلى معدل نمو نصف سنوي بنسبة 9 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتوقع صندوق النقد الدولي للمرة الثانية خلال عام ارتفاع معدل نمو الاقتصاد المصري ل 5.9 %... وتوقع الصندوق بأن تحقق مصر ثاني أعلى معدل نمو بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وواحداً من أفضل معدلات النمو العالمية لعام 2022، بحلول العام المالي 2022/2023 كما رفع صندوق النقد الدولي لتقديراته بالنسبة لمصر إلى إطلاق الحكومة مشروعات قومية ضخمة مثل مبادرة حياة كريمة.
وأشار إلى ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري حيث قالت "يورومني" العالمية "بينما كان العالم يتباطأ ويكافح الرياح الاقتصادية المعاكسة بسبب عمليات الإغلاق والقيود، انتقلت مصر من قوة إلى قوة" وأكدت أن القطاع المالي المصري يتمتع بصحة جيدة وسيولة مدعومة بجهود الإصلاح التي يبذلها البنك المركزي وأنه قبل وباء "كورونا" بدأت الحكومة المصرية برنامج إنفاق مالي كبير واستثمرت في البنية التحتية من المدن، والطرق، الجسور، الأنفاق وغيرها من المشروعات، مشيرة إلى أن نتائج هذا الاستثمار أصبحت واضحة للجميع.